عقدت مكتبة الإسكندرية، ملتقى بعنوان "مصر الغد: الجمهورية الجديدة نموذجًا"، الذي يناقش الأبعاد المختلفة للجمهورية الجديدة في مصر وفلسفتها الحاكمة. وفي ذلك السياق قال د. مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية: إن مصر تتهيأ لعملية بناء حقيقي في مؤسساتها المختلفة، وأن مكتبة الإسكندرية تعد شريكًا أساسيًا فيما يجري. وشدد على أن المكتبة تشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي فيما بشر به في بناء الجمهورية الجديدة التي لن تقوم إلا بجهد الجميع، وأن المكتبة تقف وراء أي فكر نهضوي وإنمائي. ولفت الفقي إلى أن مصر تعرضت لتصحر فكري وتجريف عقلي بحكم عوامل التاريخ والجغرافيا ودور مصر في المنطقة، مؤكدًا أنه جاء الوقت لنفكر في استعادة هذا الدور. وأكد الفقي أن الجمهورية الجديدة لها بعدان، أولهما مؤسسي وثانيهما فلسفي. وينطوي البعد المؤسسي على دعم المؤسسات لتنهض بمسئوليتها على النحو الذي نتطلع له جميعًا. أما الجانب الفلسفي فيعكف عليه الأدباء والمفكرين والشعراء لتشكيل المكون العقلي الذي يقود القاطرة نحو التطوير والتنمية. وشدد الفقي على ارتباط الجمهورية الجديدة بفكرة التحول الاجتماعي، مؤكدًا أهمية الخلاص من منظومة بالية من القيم والتقاليد والاتجاه نحو تفكير علمي تنموي جديد. كما علق اللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، قائلا: أن مظاهر البناء والتطوير في مصر، وكم التطوير والتعمير والإنشاءات والمحاور والمصانع الجديدة تؤكد أننا نشهد حقبة جديدة نطلق عليها الجمهورية الجديدة بحق. وأكد على الاهتمام بالإسكندرية الجديدة وتطويرها في إطار الجمهورية الجديدة، لافتًا إلى مشروعات تطويرها في الوقت الحالي خاصة مشروع تطوير ميدان محطة مصر وتطوير حلقة السمك. وأوضح أن جميع المشكلات التي تواجه المواطن السكندري وعلى رأسها مشكلة الباعة الجائلين سيتم حلها في إطار مشروعات التطوير الجديدة. من جانبها قالت د. مي مجيب المشرف على مركز الدراسات الاستراتيجية بمكتبة الإسكندرية، إن الملتقى يأتي حرصًا من مكتبة الإسكندرية على المشاركة التثقيفية الفعالة في إطار المشروع النهضوي الشامل الذي تشهده مصر في إطار الجمهورية الجديدة. وأكدت أن الدولة تمكنت في السبع سنوات الأخيرة من الانتصار في أكبر معارك تاريخها الحديث حيث واجهت بصلابة حالة عدم الاستقرار والفوضى والإرهاب وتمكنت من استعادة الأمن والاستقرار. ولفتت إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن في أوائل حكمه أولوية تأسيس دولة جديدة، كما أكد خلال مؤتمر "حياة كريمة" أن بناء الدولة عملية ممتدة وأن التطوير لا يشمل البنية التحتية فقط بل فكر جديد لدولة جديدة قوية تتمتع بمؤسسات راسخة ورؤية واضحة للمستقبل. ولفتت إلى وجود سمات واضحة للجمهورية الجديدة تنعكس في مشروعات عملاقة ومبادرات اجتماعية في مجالات متعددة، مؤكدة أن شعار الجمهورية الجديدة لا يعني الوصول لحالة الكمال بل البدء في خطوات تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حياة أفضل للمصريين. وجاءت الجلسة الأولى من الملتقى بعنوان «الجمهورية الجديدة ومفهوم المشروع النهضوي في التاريخ المصري الحديث والمعاصر»، تحدثت فيها د. لطيفة سالم أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة بنها، ود. محمد عفيفي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة القاهرة، والكاتب الصحفي أحمد الجمال. وأشارت د. لطيفة سالم عن التجربة النهضوية في عهد محمد علي التي اعتبرتها مفتاح لتجارب أخرى جاءت بعده. وأكدت في البداية أن محمد علي كان له شخصية فريدة شكلتها حينما التحاق بالعسكرية، لافتة إلى أنه تمتع بالذكاء الشديد والقدرة على التمييز كما أنه كان متعدد الثقافات. وتطرقت إلى مشروع محمد علي النهضوي الذي كان للجيش جزءًا كبيرًا فيه، حيث استطاع أن يربط بين المواطنة والجندية. كما اهتم بالقضاء وأنشأ المحاكم الشرعية، وبالتعليم وإرسال البعثات والمدارس العسكرية والترجمة. وأضاف د. محمد عفيفي عن تجربة التحديث في عهد الخديوي إسماعيل. وقال إن عهده يعد خير نموذج للصورة النمطية في العقل الجمعي، حيث خرج لنا في الدراما على أنه شخص لاهي عابث مما يعد مشكلة كبيرة لأن جمهور المؤرخ محدود عكس الدراما. وقال عفيفي إن الخديوي إسماعيل كان له تجربة غيرت فلسفة ونمط الحكم، وكان أولها تغيير مقر الحكم إلى قصر عابدين والانتقال إلى المدينة، كما أنه أنشأ مجلس شورى النواب. وأسرد بأن أهم مشروعاته النهضوية كانت تطوير القاهرة من خلال إنشاء عاصمة جديدة وهي "القاهرة الخديوية"، وهنا ظهر نمط العاصمة الجديدة وهو تغير في الحياة المصرية كلها. ولفت إلى أن الخديوي إسماعيل أدرك أن قوة مصر تكمن في جيشها والحفاظ على منابع المياه فبدأ عصر جديد بإعادة بناء الجيش المصري ودعم حروبه في الجنوب للدفاع عن منابع النيل. من جانبه أستكمل الكاتب الصحفي أحمد الجمال عن تجربة التنمية والتحديث في عهد عبد الناصر، وثمار ثورة يوليو التي تعطي للوطن عطاء غير محدود حتى الآن. وأكد أن أهم مكتسبات الثورة كانت الانتقال من الملكية إلى الجمهورية ورفع شعارات مثل "كلنا سيد في ظل الجمهورية". وأضاف أن مصر عرفت "التخطيط" لأول مرة حيث تم وضع خطط خمسية وعشرية وخطط اقتصادية استهدفت مضاعفة الدخل القومي. ولفت إلى أن ثورة يوليو أحدثت تغييرًا في التركيب الاجتماعي، فالهرم الذي كانت قمته ضيقة للغاية سمح بصعود الطبقة الوسطى المصرية إلى ما صارت إليه. وقال إن مصر أحدثت في هذه الحقبة توازنًا بين البحر والنهر، بحيث تدافع عن أراضيها فلا يأتي إليها المحتل، وأن تتماسك من حول النهر بالبناء والتعمير، وبهذا تماسكت مصر وتوازنت وانطلقت في دورها الإقليمي.