اكتشفت البعثة الأثرية المصرية الفرنسية التابعة للمعهد الأوروبي للآثار الغارقة (IEASM)، والعاملة بمدينة هيراكليون الغارقة بخليج أبو قير بالإسكندرية، حطام سفينة حربية من العصر البطلمي، وبقايا منطقة جنائزية إغريقية تعود لبداية القرن الرابع قبل الميلاد. وقال د. مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن السفينة كان من المقرر لها أن ترسو في القناة التي كانت تتدفق على طول الوجة القبلي لمعبد "آمون"، لكنها غرقت نتيجة انهيار المعبد وسقوط كتل ضخمة عليها خلال القرن الثاني قبل الميلاد، نتيجة وقوع زلزال مدمر، وقد ساهم سقوط تلك الكتل الحجرية في الحفاظ على السفينة أسفل القناة العميقة المليئة الآن بحطام المعبد. وأوضح إيهاب فهمي، رئيس الإدارة المركزية للآثار الغارقة، أن البعثة نجحت في العثور على بقايا منطقة جنائزية إغريقية تعود لبداية القرن الرابع قبل الميلاد، عند مدخل القناة الشمالي الشرقي للمدينة، ما يوضح وجود التجار اليونانيين الذين عاشوا في تلك المدينة، وتحكموا في مدخل مصر عند مصب الفرع الكانوبي لنهر النيل، حيث تم السماح لهم باستيطانها خلال العصر الفرعوني المتأخر، وأقاموا معابدهم الجنائزية بالقرب من المعبد الرئيسي ل"آمون"، ولكن نظرًا للكوارث الطبيعية تم تدمير المنطقة، واكتشاف بقاياها الأثرية مختلطة بمعبد آمون، وتلك البقايا مستقرة وفي حالة ممتازة، وكانت متواجدة داخل القناة العميقة أثناء الهبوط الأرضي الناجم عن ظاهرة هشاشة الأرض، وتُعد تلك الآثار شاهدًا على ثراء معابد تلك المدينة الواقعة الآن تحت سطح البحر المتوسط على بعد 7 كيلو مترات من شاطئ "أبو قير". ومن جانبه، أكد "فرانك جوديو"، رئيس بعثة المعهد الأوروبي للأثار الغارقة (IEASM)، على أن أكتشاف السفن السريعة التي تعود لتلك الحقبة الزمنية لا يزال نادرًا للغاية، وأن السفن الإغريقية من هذا النوع كانت مجهولة تمامًا حتى اكتشاف السفينة بونيقية مارسالا ( 235 قبل الميلاد ) وهي المثال الوحيد لدينا، لافتًا إلى أن الدراسات الأولية تشير إلى أن السفينة كانت طويلة حيث يبلغ طولها أكثر من 25 مترًا، وقد تم بناء البدن وفقا للطراز الكلاسيكي الذي يعتمد على تقنية الدسرة والنقرة، ومع ذلك فإنها تحتوي على مميزات الطراز المصري القديم، وبالتالي فهي نوع مختلط من البناء. وأضاف "جوديو": تتمتع السفينة بقاع مسطح وله عارضة مسطحة، وهو طراز مفيد للغاية للملاحة في نهر النيل وداخل الدلتا، وكانت ذات مجاديف مزودة بشراع كبير كما يتضح من شكل الصاري ذو الأبعاد الكبيرة، وتشير بعض النماذج المكتشفة من السفينة؛ إلى السمات المميزة لبناء السفن في مصر القديمة، مما يشير إلى أن تلك السفينة قد بنيت في مصر. وأوضح د. أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية، بأنه تم أكتشاف حطام تلك السفينة تحت مايقرب من 5 أمتار من الطين الصلب الذي يمثل قاع البحر والممزوج بآثار المعبد، وذلك باستخدام أجهزة الحفائر "التحت مائية". جدير بالذكر أن مدينة "هيراكليون" كانت على مدى قرون أكبر ميناء في مصر على البحر المتوسط، قبل تأسيس مدينة الإسكندرية بواسطة "الإسكندر الأكبر" في عام 331 قبل الميلاد، ونظرًا لوقوع زلازل تلتها موجات من المد البحري، فقد تسبب ذلك في هشاشة الأرض وأنهيار جزء مساحته حوالي 110 كيلو مترًا مربعًا من دلتا النيل، وقد تمت إعادة اكتشاف المدينتين بواسطة بعثة المعهد الأوربي للأثار الغارقة (IEASM) بالتعاون مع الإدارة المركزية للآثار الغارقة بوزارة السياحة والآثار، في الفترة من 1999 وحتى عام 2001.