يكاد يشق طريقه بصعوبة وسط الزحام ... يبحث عن شىء يستند عليه لكى يلتقط أنفاسه .. يحاول أن يتوقف قليلا.. فيدفعه المارة ليجد نفسه يستمر فى السير بقوة الدفع . يعبر الطريق بصعوبة بالغة ... و بعد أن أصابه الإجهاد يذهب إلى أحد الاماكن ... يجلس وحيدا فى أحد الأركان ..يرتدى ملابسا بالية ... عمره يُناهِز الخمسين .. يقترب منه بعض المارة يرثون لحاله ويُشفقون عليه، فمنظره يوحى بأنه لم يذق الطعام ولم يذق النوم ... منهم من يتحنن قلبه فيمد له يده ببعض القروش ... ومنهم من يسخر من حاله فيُرميه بكلمات مثل طلقات الرُصاص ... أقترب منه أحد الأشخاص وبدلاً من أن يضع يديه في جيبه ليخرج بعض القروش ويُعطيه إياهاظن مد يديه وصفعه على وجهه دون أية أسباب .. نزلت من عينيه دمعة ... لم يرد الإهانة .. ظل صامدا صامتاً حتى جاء الليل . بدأ يتسلل مُتخفياً يجوب الحارات والشوارع يطرق أبواب الفقراء ... يترك لهم بعض من القروش التي حصل عليها على مدار اليوم .. وعندما ينتهى من كل ما معه يعود إلى بيته ... يتطلع إلى يوم جديد يبدأ معه نفس المشوار ... يشق نفس الطريق وسط الزحام ... يذهب إلى نفس المكان .. يجلس وحيدا فى أحد الأركان ... مُرتدياً نفس الملابس البالية. .. لوحة «العاطل» للرسام الكبير محمود سعيد