يحيى حقي هو كاتب وروائي ورائد من رواد القصة القصيرة، ولد في القاهرة لأسرة ذات جذور تركية، ودرس الحقوق وعمل بالمحاماة والسلك الدبلوماسي والعمل الصحفي. وهو أحد العلامات البارزة في تاريخ الأدب والسينما المصرية ويعد من كبار الأدباء المصريين. ولد يحيى حقي في السابع عشر من يناير عام 1905، في حي "السيدة زينب"، وتخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة، وعقب تخرجه عمل بنيابة "الخليفة"، وبهذه الوظيفة بدأ حياته العملية، وما لبث أن تركها بعد فترة قصيرة، حيث عمل بعدها بالمحاماة، ثم انتقل للعيش في صعيد مصر، وهناك اشترك في مسابقة لاختيار أمناء للمحفوظات في القنصليات التابعة لوزراة الخارجية المصرية، وبالفعل استطاع أن يجتاز المسابقة بنجاح، وتم تعيينه عام 1929؛ أمينًا لمحفوظات القنصلية المصرية في جدة، ثم تم انتدابه إلى اسطنبول في عام 1930، حيث عمل في القنصلية المصرية هناك حتى عام 1934؛ وبعدها نُقل إلى القنصلية المصرية بالعاصمة الإيطالية "روما"، والتي ظل بها حتى إعلان الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939، وفي هذا التوقيت؛ عاد إلى القاهرة، ليُعين سكرتيرًا ثالثًا في الإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية، وقد مكث بالوزارة عشر سنوات، وترقى خلالها حتى وصل إلى درجة سكرتير أول، حيث شغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية، وقد ظل يشغله حتى عام 1949، ثم تم تعيينه سكرتيرًا أول للسفارة المصرية في العاصمة الفرنسية "باريس"، ثم مستشارًا في سفارة مصر بتركيا في عام 1952، ثم عمل وزيرًا مفوضًا في ليبيا عام 1953. ترك "يحيى حقي" السلك الدبلوماسي في عام 1954، وعاد إلى مصر ليستقر بها، حيث تم تعيينه مديرًا عامًا لمصلحة التجارة الداخلية بوزارة التجارة؛ ثم أنُشئت مصلحة الفنون عام 1955؛ فكان أول وآخر مديرًا لها، إذ أُلغيت عام 1958، فتم نقله للعمل كمستشارًا لدار الكتب، وبعد مرور أقل من عام؛ قام بتقديم استقالته من العمل الحكومي، لكنه ما لبث أن عاد كرئيساً لتحرير مجلة المجلة المصرية التي ظل يتولى مسئوليتها حتى ديسمبر 1970. الاتجاه نحو الكتابة والأدب تولى يحيى حقي رئاسة تحرير المجلة منذ عام 1962 وحتى نهاية عام 1970، وهي أطول فترة يقضيها رئيس تحرير للمجلة في تاريخها، لذا ارتبط اسم "المجلة" باسم يحيى حقي ارتباطًا شديدًا، وتميز "حقي" بإتاحة المجال أمام الأجيال الشابة من المبدعين، في القصة والشعر والنقد والفكر، ليصنع نجومًا من جيل الستينيات. أنتج يحيى حقي عددًا كبيرًا من الأعمال الأدبية التي حققت نجاحًا واسع النطاق من أبرزها: "قنديل أم هاشم"، "البوسطجي"، "فجر القصة القصيرة"، "مذكرات عابر سبيل"، "امرأء مسكينة"، هموم ثقافية"، "في السينما"، "ناس في الظل"، "صح النوم"، "سارق الكحل"، "يا ليل يا عين"، "مدرسة المسرح"، "خطوات في النقد"، "أم العواجز"، "دنيا"، "قنديليات"، "عبد التواب أفندي"، ذكريات دكان"، "مولد بلا حمص"، "امرأة ورجل". تزوج في عام 1942 من السيدة "نبيلة"، وهي ابنة المحامي الشهير؛ "عبد اللطيف سعودي"، عضو مجلس النواب السابق بالفيوم، وأنجبا ابنتهما "نهى"، وتوفيت زوجته عقب ولادتها للطفلة بشهر واحد، وذلك بعد مرور عشرة أشهر من زواجهما، وظل "يحيى حقي" وفيًا لذكراها لعشر سنوات كاملة حتى عام 1954، حيث تزوج للمرة الثانية من الفنانة التشكيلية الفرنسية "جان ميري جيهو" وظل برفقتها حتى وفاته. علاقته بالسينما وأهم التكريمات قطع "يحيى حقي" في علاقته بالسينما شوطًا كبيرًا، وتنوعت اتجاهات تلك العلاقة وأوجهها، فكان متابعًا جيدًا للسينما العربية والأوروبية، وظل حريصًا على تلك العادة حتى نهاية حياته، كما أنه كان ناقدًا للأفلام السينمائية، ودائم التعبير عنها من خلال بعض الآراء المهمة، والتي كانت تمتلك إلى جانب الذوق الشخصي؛ خبرة ذاتية كبيرة اكتسبها من جولاته في معاقل السينما الكبرى في أوروبا، ثم توجت السينما المصرية عام 1968 علاقتها بيحيى حقي بالالتفات إلى أعماله الأدبية، فأنتجت أربعة من الأعمال السينمائية المميزة التي رسخت في وجدان المشاهدين وهي أفلام "إفلاس خاطبة"، "امرأة ورجل"، "البوسطجي"، "قنديل أم هاشم". نال يحيى حقي العديد من الجوائز والتكريمات، حيث حصل في يناير عام 1969 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وهي أرفع الجوائز التي كانت تقدمها الحكومة المصرية للعلماء والمفكرين والأدباء المصريين آنذاك، وذلك تقديرًا لما بذله في إثراء الثقافة العربية، كما منحته الحكومة الفرنسية عام 1983؛ وسام "الفارس" من الطبقة الأولى، ومنحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراه الفخرية، وذلك اعترافًا من الجامعة بريادته وقيمته الأدبية الكبيرة. كما حصل على جائزة الملك فيصل العالمية فرع الأدب العربي في عام 1990، لكونه رائدًا من رواد القصة العربية القصيرة. وبعد مسيرة عطاء طويلة؛ رحل عن دنيانا يحيى حقي في التاسع من ديسمبر عام 1992، عن عمر ناهز 87 عامًا.