البابا تواضروس مهنئًا بعيد تحرير سيناء: نتذكر ما دُفِعَ في سبيله من دماء الشهداء    انخفاض مخزونات النفط الخام الأمريكية 6.4 مليون برميل خلال أسبوع    وزير الاتصالات: حوكمة البيانات وتنظيم تداولها يضمن جذب الاستثمارات بمجال الذكاء الاصطناعي    أعلنت تعبئة لواءين احتياطيين.. الحكومة الإسرائيلية: سننفذ عملية عسكرية في رفح    السيسي و رئيس الوزراء الهولندي يتوافقان على أهمية وقف إطلاق النار بغزة    بايدن بعد التوقيع على مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل: القرار يحفظ مصالحنا    محمد صلاح على موعد مع التاريخ أمام إيفرتون في ديربي الميرسيسايد    البنك الأهلي بالقوة الضاربة في مواجهة بيراميدز بالدوري    رياضة الوادى الجديد تختتم فعاليات الحوار المجتمعي «دوي» وإعلان المبادرات الفائزة ببرنامج نتشارك    القبض على تاجر احتكر 7،5 طن سكر غرب الأقصر    إحالة المتهم بقتل سيدة فى التل الكبير بالإسماعيلية إلى المفتى    وزير النقل والاتصالات الليتواني في زيارة لمكتبة الإسكندرية    بعد مشاركة أحمد السقا في «عصابة المكس».. أحمد فهمي :«في ضهري من أول مشواري»    تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "شقو"    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية لقرية الكوم الطويل ضمن "حياة كريمة"    منتدى وزراء الكهرباء في أفريقيا: 70٪ من سكان القارة بدون وقود طهي نظيف    رغم توافر السيولة الدولارية.. لماذا يرفض التجار استلام بضائعهم من الموانئ؟| تفاصيل    زيادة وتيرة حرب أسعار السيارات الكهربائية في الصين    قريبا.. مباريات الدوري الإسباني ستقام في أمريكا    أوراسكوم للتنمية تطلق تقرير الاستدامة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات    إجازة شم النسيم 2024.. موعدها وعدد أيامها بعد قرار مجلس الوزراء بترحيل الإجازات    حجز قضية مصرع شاب على يد 6 أشخاص في المنصورة للنطق بالحكم (فيديو)    العروسة في العناية بفستان الفرح وصاحبتها ماتت.. ماذا جرى في زفة ديبي بكفر الشيخ؟    محمد علي السيد يكتب: معركة .. «انسحاب الساعة 1300»    الانتصار مفتاح السلام    طلاب كولومبيا: لن ندخل في مفاوضات مع إدارة الجامعة    عيد الربيع .. هاني شاكر يحيى حفلا غنائيا في الأوبرا    توقعات برج الثور في الأسبوع الأخير من إبريل: «مصدر دخل جديد و ارتباط بشخص يُكمل شخصيتك»    عزف على أوتار الفقد    حكم الاحتفال بشم النسيم.. الإفتاء تجيب    هل هناك أذكار وأدعية تقال في الحر الشديد؟.. رد واضح من الإفتاء    أدعية التوفيق والتيسير في الدراسة.. الأخذ بالأسباب مفتاح النجاح    هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تلقينا بلاغ عن وقوع انفجار جنوب شرق جيبوتي    محافظ المنيا: تقديم كافة الدعم للأشقاء الفلسطينيين بالمستشفى الجامعي لحين تماثلهم للشفاء    في الموجة الحارة- أعراض إذا تعرضت لها اذهب للطبيب فورًا    خدماتها مجانية.. تدشين عيادات تحضيرية لزراعة الكبد ب«المستشفيات التعليمية»    حزب الحركة الوطنية يناقش خطة عمل المرحلة المقبلة والاستعداد لانتخابات المحليات    مديريات تعليمية تعلن ضوابط تأمين امتحانات نهاية العام    الخميس ولا الجمعة؟.. الموعد المحدد لضبط التوقيت الصيفي على هاتفك    تفاصيل مؤتمر بصيرة حول الأعراف الاجتماعية المؤثرة على التمكين الاقتصادي للمرأة (صور)    الصين تعلن انضمام شركاء جدد لبناء وتشغيل محطة أبحاث القمر الدولية    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع الخامس لسرقته    روسيا تبحث إنشاء موانئ في مصر والجزائر ودول إفريقية أخرى    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم العراقي مهدي عباس    حقيقة حديث "الجنة تحت أقدام الأمهات" في الإسلام    مستند.. التعليم للمديريات: اتخذوا الإجراءات ضد الطلاب غير المسددين للمصروفات    هل يجوز أداء صلاة الحاجة لقضاء أكثر من مصلحة؟ تعرف على الدعاء الصحيح    يسري وحيد يدخل حسابات منتخب مصر في معسكر يونيو (خاص)    نقيب «أسنان القاهرة» : تقديم خدمات نوعية لأعضاء النقابة تيسيرا لهم    تقديرات إسرائيلية: واشنطن لن تفرض عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"    دماء على «فرشة خضار».. طعنة في القلب تطيح بعشرة السنين في شبين القناطر    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق مستقل بشأن المقابر الجماعية في غزة    القبض على 5 عصابات سرقة في القاهرة    اسكواش - فرج: اسألوا كريم درويش عن سر التأهل ل 10 نهائيات.. ومواجهة الشوربجي كابوس    عمرو الحلواني: مانويل جوزيه أكثر مدرب مؤثر في حياتي    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    بشير التابعي: أتوقع تواجد شيكابالا وزيزو في التشكيل الأساسي للزمالك أمام دريمز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بروفايل| يحيى حقي.. الأديب الشعبي
نشر في البديل يوم 09 - 12 - 2016

"أما الظاهرة الغريبة التي أحار كثيرًا في تحليلها وأنا أتأمل حياتي وإنتاجي, فهي أني وإن كنت من أصل تركي قريب, أحسّ بأني شديد الاندماج بتربة مصر وأهلها, وفي بعض الأحيان يرجّني هذا الشعور رجّا عنيفًا، ومعرفتي باللغة العامية المصرية وتعبيراتها تفوق ما حصّلته منها مباشرة، وقد يكون ذلك راجعًا إلى الفطرة والحدس والإحساس غير الواعي، ولعل هذا الحب هو الذي يميل بي إلى استخدام بعض الكلمات العامية في كتاباتي رغم أني من المهووسين بالفصحى".
في ذكرى رحيل الأديب الكبير يحيى حقي تُظهر لنا هذا الكلمات جانبًا كبيرًا من تأثره وذوبانه في الشعب المصري وثراثه، وتظهر لنا أيضًا الجوانب الإبداعية التي اهتم بها في أعماله، فقد وصلت لهجتنا المصرية إلى إبداعه، غير أنه أراد أن يعالج السلبيات المجتمعية من خلال أعماله الأدبية، ومن ذلك عمله الرائع قصة "قنديل أم هاشم" التي ذاع صيتها، لدرجة أنه قال: "إن اسمي لا يكادُ يُذكر إلا وتُذكر معه "قنديل أم هاشم" كأني لم أكتب غيرها، وكنت أحيانًا أضيق بذلك".
كان "يحيى حقي" مثالًا في التواضع والاعتراف بالفضل لأهله، فيقول عن صداقته بمحمود محمد شاكر: "من سنة 1939م إلى ما يقرب من 53 سنة استمرت صداقتنا، بل له عليَّ فضل كبير، فهو الذي يدفع لي فاتورة التليفون، وهو الذي يدفع عني كثيرًا من الديون، وإذا تعثرت في الفلوس يعطيني لوجه الله". أما على الجانب اللغوي فيقول: "أثناء عملي بديوان وزارة الخارجية توثقت صلتي بالمحقق البحاثة الأستاذ محمود شاكر، وقرأت معه عددًا من أمهات كتب الأدب العربي القديم ودواوين شعره. ومنذ ذلك الحين وأنا شديد الاهتمام باللغة العربية وأسرارها، وفي اعتقادي أنها لغة عبقرية في قدرتها على الاختصار الشديد مع الإيحاء القوي".
أشاد أيضًا محمود شاكر بموهبة حقي الأدبية وبراعته وحسه الأدبي المرهف وتنبهه إلى جمال العبارة العربية، واكتشافه المبكر لأسرار بلاغة العرب، وقدرته الفائقة على اختزان كل ما يعرف وتمثله فيما يكتب بأسلوبه وعباراته بغير محاكاة أو تقليد، وإنما باقتدار وفن، وهو ما أكسبه شخصية متميزة ومستقلة قائمة بذاتها.
يعد يحيى حقي من الرواد الأوائل الذين ساهموا بشكل كبير في إثراء القصة القصيرة وترسيخها؛ لتساهم بعد ذلك في التيار الأدبي بشكل ملحوظ. ولبساطة لغة حقي وجزالتها أصبح رمزًا من رموز الثقافة في مصر على مدى عشرات السنوات الماضية، وله الكثير من المؤلفات الإبداعية، أبرزها قنديل أم هاشم وأم العواجز والبوسطجي وغيرها.
أما عن كتابه "خليها على الله" وهو عبارة عن مقالات متفرقة كتبها في الصحف، ثم جمعت في كتاب؛ ليصبح الجزء الأول من سيرته الذاتية، ثم جاء الجزء الثاني من سيرته في كتابه "كناسة الدكان"، وفيه رصد لما مر به في طفولته من أحداث وكيف كانت مدرسته وعلاقاته في الصغر، مرورًا بتخرجه في الجامعة وعمله، ويعرض أيضًا للفترة التي قضاها في بلاد الحجاز تحت نفس العنوان، وينهي الكتاب بجزء ثالث بعنوان "في دروب الحياة".
استقى يحيى حقي ثقافته من جانبين كان لهما بالغ الأثر في إبداعه، الجانب الأول قراءته في الأدب العربي القديم وخاصة مقامات الحريري، والبيان والتبيين، والبخلاء للجاحظ، وديوان المتنبي، وغير ذلك من كتب التراث التي ظهر أثرها في جمال ألفاظه، والجانب الثاني إعجابه وولعه بالأدب الروسي، ويُرجع "حقي" اهتمامه بالأدب الروسي إلى أنه يعالج المشاكل الروحية، ويشيد بالروحانيات، ويبعد عن القضايا الفكرية والفلسفية، وهي مميزات تجذب عواطف الشاب أكثر من غيرها من التعقيدات الفكرية التي لا قبل لشاب على احتمال الغوص في مشكلاتها. يقول: "لقد وجدت في الأدب الروسي كل شخص تقريبًا مشغولًا بقضية كبيرة هي خلاص الروح، ويخيل إليَّ أن الأدب الصادق هو الأدب الذي وإن سجل وعبر وحلل وكتب بأسلوب واقعي، إلا أنه لا يكتفي بذلك، بل يرتفع إلى حد التبشير.. وهو ما وجدته في الأدب الروسي وسحرني".
ولد يحيى محمد إبراهيم حقي يوم 17 يناير 1905م في حي "السيدة زينب" بالقاهرة، لأسرة من أصول تركية، التحق بكُتَّاب السيدة زينب، وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بمدرسة "والدة عباس باشا الأول" الابتدائية بحي "الصليبة" بالقاهرة، وفي عام 1921م التحق بمدرسة الحقوق السلطانية العليا "كلية الحقوق" بجامعة القاهرة "فؤاد الأول سابقًا". عقب تخرجه عمل مساعدًا لوكيل النيابة، لكنه سرعان ما تفرغ للمحاماة، ولم يستمر فيها أكثر من ثمانية أشهر، ليعمل بعدها في وظيفة معاون إدارة في منفلوط بأسيوط عام 1927م.
عمل أمينًا للمحفوظات بوزارة الخارجية، ثم ترقى حتى وصل لمنصب مدير مكتب وزير الخارجية، وظل يشغله حتى عام 1949م، ثم انتقل إلى السلك الدبلوماسي، وعمل سكرتيرًا أول للسفارة المصرية في باريس، ثم مستشارًا في سفارة مصر بأنقرة.
عمل مستشارًا لدار الكتب، ثم استقال من العمل الحكومي، لكنه عاد إليه عام 1962م رئيسًا لتحرير مجلة "المجلة" المصرية، وظل بها حتى 1970م.
له عدة مؤلفات في النقد الأدبي والفن والمسرح والسينما، منها "هموم ثقافية" و"تعالَ معي إلى الكونسير"، و"في محراب الفن"، وأغلبها مقالات أدبية نشرت في الصحف والمجلات.
كما ترجمت أعماله الأدبية إلى عدة لغات، منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، مثل "قنديل أم هاشم"، و"البوسطجي"، و"أم العواجز"، و"قصة في سجن"، و"عنتر وجولييت".
حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1969م، ومنحته فرنسا وسام الفارس من الطبقة الأولى عام 1983م، كما منحته جامعة المنيا الدكتوراه الفخرية سنة 1983م، وحصل على جائزة الملك فيصل العالمية "فرع الأدب العربي" عام 1990م. رحل عن عالمنا يوم الأربعاء 9 ديسمبر 1992م، ودفن بالقاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.