فيما تزال أزمة تشكيل الحكومة العراقية تراوح مكانها اعترف رئيس هيئة النزاهة في العراق رحيم العكيلي بأن معالجة ملف الفساد في البلاد ما زالت هشة وبطيئة ولا تتناسب مع حجم الظاهرة الخطيرة، مشيرا إلي وجود 2010 متهمين في قضايا فساد. وكشف عن أن عدد المتهمين في قضايا الفساد خلال التسعة أشهر المنصرمة من هذا العام وحتي الأول من أكتوبر الماضي بلغ 2010 متهمين من بينهم 250 مديرا عاما، وذلك في قضايا بلغ حجم الفساد فيها 446 مليار دينار عراقي (ما يعادل 400 مليون دولار تقريبا). ويضيف العكيلي أنه بموجب النظام الإداري العراقي فإن منصب المدير العام من الدرجات الخاصة، والدرجات المشمولة في قضايا الفساد تضم مديري العموم ومن هم بدرجة وكيل وزير والوزراء ومن هم بدرجة وزير والمستشارين وأعضاء مجالس المحافظات والمحافظين، إضافة إلي فئة كبيرة من الموظفين مشمولة أيضا بالفساد منهم الضباط بدرجة عميد فما فوق. ويشير إلي أن هذا العدد يشمل مديرين عامين حاليين وسابقين، وقد يشمل وزراء حاليين أو وزراء سابقين وفي كل الدرجات الوظيفة الأخري. وعن طبيعة التهم الموجهة إلي هؤلاء، يقول العكيلي إن "هناك اتهامات مختلفة بعضها يتعلق بالرشوة وبعضها يتعلق بالاختلاس وبعضها يرتبط بالإضرار بأموال الدولة عامة". وأضاف أن "القضاء يتابع هذه القضايا بطرق تحقيق مختلفة معروفة لدي القانونيين وهي إحالة من تتوفر مستندات رسمية ضدهم، مصدرها شهادات المسئولين وإفادات المخبرين، إلي القضاء". وتابع أن "قسما من هؤلاء مطلوبا بأوامر قبض وقسم ثان بأوامر استقدام، وقسم آخر مطلوب بأوامر استقدام من هيئة النزاهة، وإذا امتنع المطلوب يضطر قاضي التحقيق لإصدار أمر قبض عليه". وعن مدي استجابة هؤلاء المسئولين المتهمين، يقول العكيلي "لم يستجب جميع المطلوبين ولا تزال الإجراءات بحقهم مستمرة، قسم من المطلوبين استجابوا ووجهت إليهم الاتهامات ودونت إفاداتهم بشأن التهم الموجهة إليهم". ويضيف "بعض هؤلاء أوقفوا فترة قصيرة وأطلق سراحهم، لكن الجميع بانتظار إحالتهم إلي المحاكم، وذلك بعد استكمال الإجراءات المتعلقة بقناعة قاضي التحقيق بتوفر الأدلة الكافية للإحالة للمحاكمة، والبعض الآخر صدر القرار بالإفراج عنه نهائيا لعدم ثبوت التهمة الموجهة إليهم". وعن هروب بعض المطلوبين خارج العراق، يقول العكيلي "هناك من لم تكتمل الإجراءات بحقهم وليست لدينا معلومات قاطعة بشأنهم، وقسم ممن لم يحضر قد يكون هرب إلي خارج العراق". وعما إذا كانت إجراءات هيئة النزاهة قد ساهمت في تقليل الفساد المالي والإداري بالعراق، يقول العكيلي إن "تحقيقات وإجراءات هيئة النزاهة في الفساد حققت ردعا لدي موظفي القطاع العام وأوجدت خوفا حقيقيا لديهم، إلا أن ذلك ليس كافيا لتحقيق الهدف". وأضاف "ما زال هناك مسئولون محميون من جهات سياسية معينة أو من نفوذ اجتماعي وقسم يحتمي بنفوذه المادي والاقتصادي والعشائري، وأصبحت لدينا في العراق طبقة فوق القانون يصعب ملاحقتها، ونحن نحتاج إلي ردع أكبر وقوة أكبر من أجل ملاحقة الفساد والفاسدين". من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي العراقي باسم الشيخ إن "هذا العدد من المسئولين المطلوبين للقضاء بتهم فساد مالي دليل حي علي غياب منظومة إدارية حقيقية في العراق". وأضاف أن "هنالك أعدادا كبيرة من المسئولين الذين لم تشملهم يد القضاء لقدرتهم علي التملص من المسئولية، إما بسبب حمايتهم من قبل جهات سياسية ينتمون إليها توفر لهم سقف حماية عاليا، أو لإخفاق المنظومة الإدارية والتنفيذية في محاسبتهم". ويعزو الشيخ انتشار الفساد في العراق إلي "الآليات القانونية الضعيفة وللمحاباة والمحسوبية، وكذلك عدم قدرة الساسة والمسئولين العراقيين علي النأي بأنفسهم عن الاستفادة من المناصب واستغلالها".