أثارت المذبحة التي ارتكبتها إسرائيل في حق أسطول الحرية الذي يضم العديد من الجنسيات والديانات المختلفة لفك الحصار علي غزة سخط وغضب شعوب العالم إلا أن الموقف الرسمي العالمي لم يتعد حدود الاستنكار والشجب والإدانة وكأن دولة إسرائيل فوق القانون. والسؤال الذي يطرح نفسه بعد الاعتداء الإسرائيلي.. هل استهانت إسرائيل بالقوانين الدولية والمجتمع الدولي لهذا الحد؟.. ومتي يجيز القانون الدولي للدول طرد السفير الإسرائيلي، وهل يستطيع العرب اتخاذ موقف حاسم لردع إسرائيل؟ د. نبيل حلمي أستاذ القانون الدولي أكد أن مسألة إجازة القانون الدولي للدول طرد السفير الإسرائيلي تعد سلطة تقديرية كاملة للدولة إذا انتهكت سيادتها أو كرامتها فإنه يستوجب ذلك عمل مباشر من الدولة ولكن لا يكون عقابا علي فعل ارتكبته ضد دولة أخري، وخاصة أن علاقة السفير بالدولة هي علاقة ثنائية بين الدولتين وفي حالة أي إساءة للدولة أو و جد أي اعتداء علي الدولة فيتم الطرد لأن السفير أهميته تظهر في الأزمات وليس في العلاقات الثنائية أو المتوترة. وقال إنه ضد سحب السفير الإسرائيلي في هذه الأزمة لأن هذا لن يفيد القضية في شيء، وأوضح أنه في حالة طرد السفير فمع من سنتحدث وندين أي اعتداء أو تعد يقع علي أي من البلاد العربية. وشدد الدكتور نبيل حلمي علي ضرورة اتخاذ إجراءات قضائية تجاه ما قامت به إسرائيل من اعتداء علي أسطول الحرية مؤكدا أن ما حدث جاء مخلا للقوانين والمواثيق مشيرا إلي أن هناك مسئولية دولية علي إسرائيل حيث إن هناك التزاما دوليا علي الدولة المحتلة تجاه الأقاليم تحت سيطرتها وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف الرابعة والتي عنونت باتفاقية حماية المدنيين تحت الاحتلال. وأشار الدكتور حلمي إلي أن الحماية تشمل حماية اقتصادية وأمنية وإنسانية من الأولي ولذلك فإن إسرائيل ملتزمة كدولة محتلة برفع الحصار وتوفير المساعدات والمعونات في الوقت نفسه يحق لإسرائيل كدولة محتلة تفتيش هذه البواخر للتأكد من عدم وجود أسلحة أو متفجرات أو ذخائر فإذا لم تجد فإنها تلتزم باستمرار مسيرة البواخر لتقديم المساعدات الإنسانية. أضاف بأن طرد السفير الإسرائيلي لن يكون حلا للقضية بل إنه سيضعف القضية أكثر مما يحلها مشددا علي ضرورة موقف قانوني دولي وخاصة أن حادث الاعتداء علي البواخر يشمل شقين من الجريمة أولهما ضرب البواخر كان في المياه الدولية وثانيهما أن البواخر كانت تحمل جنسيات متعددة ووفق قواعد القانون الدولي فإن ما ارتكبته إسرائيل يعد جريمة إنسانية وجريمة حرب لأن الإقليم تحت الاحتلال. وشدد أيضا علي ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد قيادات إسرائيل وتقديمهم للمحاكمة الدولية خاصة أن هذا ليس خلافا أو نزاعا بين الدول ولكنها جريمة بكل المقاييس يستطيع أي شخص من المجني عليهم من رعايا الدول التي صدقت علي الاتفاقية أن يرفع دعوي قضائية ضد من تسبب وأعطي أوامر في هذه الجريمة مشددا علي ضرورة اللجوء إلي القضاء الدولي. وأكد محمد منيب المحامي بالنقض وخبير القانون الدولي أن مسألة الاعتداء الإسرائيلي علي أسطول الحرية وربطها بطرد السفير الإسرائيلي هو أمر خاص بسيادة وإرادة الدولة وليس له علاقة بالقانون الدولي فإذا احترمت الدولة رأيها وكانت لها إرادة قوية تستطيع أن تتخذ هذا القرار أما الدول المرتعشة التي لا تمتلك قرارها فلا تستطيع أن تأخذ قرارا الآن خوفا من الدول الأخري. وقال منيب إن تركيا خير دليل علي الموقف الحازم بسحب سفيرها من إسرائيل ولم تكن في حاجة إلي قانون دولي لكي تقوم باتخاذ هذا الموقف. وأشار إلي أن الموقف الهمجي الذي حدث في المياه الدولية فهو في حده الأدني قضية دولية تستحق إحالة مرتكبيها إلي المحاكمة وهو في الواقع يمثل جريمة من جرائم الإنسانية من جيش مسلح وارتكب جرائم عمدا ضد القانون الدولي دون مبرر لذلك مما يقضي بإحالة أصحاب القرار في هذا العدوان فضلا عن المسلحين أنفسهم إلي المحكمة الجنائية. وأوضح أن مجلس الأمن يلتزم في هذا الموقف باتخاذ قراراته وفقا للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة لأننا أمام جريمة من جرائم ضد الإنسانية وعمل همجي يمثل قرصنة في القرن ال 21 والأخطر والأهم أن الجريمة الأصلية هي استمرار الحصار علي شعبنا العربي في قطاع غزة وهذه هي الجريمة التي ينبغي أن توقف فورا دون قيد أو شرط ويجب بعد ذلك البحث عن أي شخص آخر. وقال السفير السيد أبوزيد نائب مساعد وزير الخارجية للشئون العربية والشرق الأوسط السابق إن ما قامت به إسرائيل من اعتداء علي أسطول الحرية تصرف غير مقبول ويتنافي مع القانون الدولي وميثاق حقوق الإنسان ووصفه بالتصرف الهمجي ودليل علي أن الكيان الإسرائيلي لا يريد السلام ويتحدي الرأي العام العالمي. وأكد أنه من حق أي دولة طرد سفير دولة أخري في حالة قيام هذه الدولة بتصرف ضد نظيرتها المضيفة وانتهاك القوانين الخاصة بها أو أن يقوم السفير بتصرفات خارجة عن أعراف الدولة المضيفة. وأضاف أبوزيد أن ما حدث يعتبر رسالة موجهة للعالم كله محذرا من عواقب طرد السفير الإسرائيلي من الجانب المصري خصوصا أن اتفاقية السلام بين الدولتين تؤكد ضرورة علاقات دبلوماسية بين البلدين. وشدد علي أهمية الإبقاء علي العلاقات الدبلوماسية خاصة مع تفاقم الأزمات حتي يمكن التعبير عن وجهات النظر المختلفة والاحتجاج لدي مختلف الجهات في الدولة المعادية مطالبا بضرورة أن تتخذ الحكومات العربية موقفا واضحا يتناسب مع الموقف العالمي ضد الكيان الصهيوني. قال السفير عبدالله الأشعل إن تصرف إسرائيل جريمة في حق الإنسانية كلها وانتهاك لكل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية مشيرا إلي أن الجريمة الإسرائيلية أحرجت جميع الدول خصوصا الدولة الأم الولاياتالمتحدةالأمريكية وأن هذه الجريمة ستأتي بنتائج عكسية ضد إسرائيل ومن يدافع عن ذلك الكيان غير الشرعي وجعلت المقاومة هي الخيار الوحيد ومن حماس بطلا قوميا بسبب تلك الممارسة غير المبررة. وأشار إلي طرد السفير الإسرائيلي ليس مشكلة أو حلا لهذا الموقف المتأزم مؤكدا أنه من حق أي دولة طرد سفير أي دولة أخري دون إبداء أسباب وهذا لا يشكل مشكلة طبقا للمادة "9" من القانون الدولي الذي يبيح لأي دولة ذات سيادة طرد رئيس البعثة أو السفير للدولة المعادية دون إبداء أسباب.