في صباح اليوم التالي لايداعي في الزنزانة الانفرادية في سجن استقبال طرة صحوت علي اشعة شمس يوليو تتسلل من فتحة صغيرة بالقرب من سقف الزنزانة وصوت المياه ينساب من ماسورة في الزنزانة في المكان المخصص بشكل بدائي جدا لقضاء الاحتياجات الشخصية، كان يشغلني في هذا الوقت ان اعرف اتجاه قبلة الصلاة بعد ان مرت علي ساعات ظهيرة اليوم الاول والليلة الاولي في الحبس الانفرادي مثل دهر طويل،وبالرغم من ان هذه الليلة مر عليها قرابة عشر سنوات الا انني حتي اليوم اصحو في الليل في منزلي او اي مكان ابيت فيه حتي لو كان فندقا خمسة نجوم وانا اشعر بخوف شديد من انني لا ازال في نزيل الزنزانة الانفرادية او ان اعود اليها مرة اخري، لم اكن اشعر بالوقت تقريبا وساعتي البيولوجية اصابها عطب شديد حتي انني لم اعرف كم الساعة الا ان شعرت ان الساعة جاوزت الثامنة صباحا بكل تأكيد بعد ان وزع مسجون علي الزنازين طعام الافطار وهو بيض نيئ وحلاوة تشبه الاسمنت المتجمد وخبز كان بالمناسبة شهي الطعم وافضل بكثير من الخبز المدعم الذي تنتجه مخابز وزارة التضامن، واذا قدر لي في اي وقت من الاوقات ان اشير الي اسعد اللحظات في حياتي في اللحظة التي فتحت علي الزنزانة الانفرادية وامرني السجان في غلظة ان احمل البطانية الموجودة في الزنزانة وان اتبعه لاجد نفسي بعد لحظات في عنبر 2 وسط عدد من المقبوض عليهم من قضية مركز ابن خلدون الشهيرة وهي لحظة اعتبرتها ميلاداً جديداً لي لاني نجوت من الزنزانة الانفرادية وللمفارقة فإن اللحظات الاولي للقاء المتهمين في عنبر 2 امتزجت بفرحة شديدة قبل ان يغلق علينا باب الزنزانة المخصصة لنا في العنبر لنسقط جميعا في بئر من الضياع والاحزان. ويوما بعد يوم اكتشفت القواعد المطبقة في العنبر، وسمعت بأذني قصصاً لا يمكن ان تصدق لولا اني سمعتها بنفسي من اكثر من نزيل من نزلاء عنبر 2 بسجن استقبال طرة والذي كان في ذلك الوقت مخصصا للذين من المقرر اطلاق سراحهم من معتقلي الجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد، بل وكان معنا في الزنزانة معتقلا من الجماعة الاسلامية قضي نحو 11 عاما في الاعتقال بدون محاكمة وعندما دار بيننا الحديث للمرة الاولي صدمت صدمة كانت علي وشك أنه تقضي علي لانه قال لنا ان الضابط عندما القي القبض عليه اخبره ان مطلوب لمدة 5 دقائق ومرت علي هذه الدقائق الخمسة 11 عاما وهو يتنقل بين سجن وسجن حتي وصل لعنبر 2 في سجن استقبال طرة، وكانت الصدمة لان الضابط قال لي نصف ساعة فتصورت انه مقضي علي لا محالة واني لن اخرج من السجن ابدا في عنبر ب عرفت ان السجن له قانون خاص به بل له دولة كاملة دولة سجنستان وهو ما اتضح لي منذ اللحظة الاولي التي وجدت من يرتب لي اتصالات مع اسرتي في الخارج بل ويجلب لي خطاباً مكتوباً من اسرتي. بعد قليل تعرفت علي اشخاص كنت اقرأ عن بعضهم خارج السجن، وعرفت ان السجون كانت خلال فترة تولي احد وزراء الداخلية الذي تحمس للحوار مع الجماعات كانت تدار داخليا بمعرفة الجماعات وكان لقيادات الجماعات داخل السجون كلمة علي كل من فيها سواء سجناء سياسيين او جنائيين بل وكان تصريف الشئون الداخلية لكل سجن يتم بواسطة فريق عمل من المعتقلين يشرف عليهم امير للسجن، وهذا هو ما اعطي امراء السجون فرصة لترتيب خلوات شرعية للمعتقلين من الجماعات مع زوجاتهم بل وتزويج شباب الجماعة من خلال اخبية كانت تقام داخل السجن وهذا ما اعطي لقيادات جماعتي الجهاد والجماعة الاسلامية الانجاب وهم داخل السجون، بل ان بعض المطلوبين لاجهزة الامن كانوا يختبئون احيانا داخل السجون طالما ان ترتيب دخول وخروج الزيارات كان يتم باشراف امراء السجون واشخاص تابعين لهم، واستمرت دولة سجنستان هذه في كافة السجون التي يوجد بها نزلاء للجماعات الاسلامية طيلة فترة التهدئة والحوار بين الجماعات والامن حتي حدث حادث خطير هو في الحقيقة حادث كاشف عن القصور في الرؤية لدي امراء السجون ولدي الجماعات بصفة عامة، فعندما تمرد احد المسجونين الجنائيين علي سلطة امراء السجن وقام بسب الدين اعتبر امراء السجن ان الرجل يتحدي سلطة الدولة الاسلامية القائمة في السجون فعقدوا مجلس شوري قرروا فيه اقامة الحد علي السجين الجنائي بعد استتابته من سب الدين وهنا تم قطع رقبة الرجل وهو ما كان شرارة البدء التي اعقبها نهاية دولة سجنستان بعد ان قررت الدولة وضع حد لهذه المهزلة .. وما خفي كان اعظم