ان من مفارقات العمل السياسي والديني هو اطلاق تسميات عديدة علي اشياء لاتمت للاسم بصلة ويقصد بها خداع الناس البسطاء، ولعل اول واقعة خطيرة في التاريخ الاسلامي هي رفع المصاحف من قبل معارضي علي بن ابي طالب ركرم الله وجههفي المعركة عندما بدأت الحرب تميل ضدهم فرفعوا المصاحف وطالبوا بالاحتكام الي كتاب الله وكان ذلك من اكبر الحيل الخداعية في تاريخ الاسلام وادت الي انقسام صفوف المسلمين. ويمكن القول ان الخدعة الثانية في التاريخ الحديث هي تسمية حزب سياسي باسم "حزب الله" وهو حزب سياسي لا يمت للاسلام والدين سواء في قيم او سلوكياته بصلة فهو يعمل في المجال السياسي بأساليب سرية وملتوية ومتطرفة، ويتستر بلباس الدين الذي هو منه براء. ولكن البسطاء من الناس بل والكثير من المثقفين لا يعرفون تاريخ هذا الحزب وسلوكياته ومن هنا فلابد من توضيح بعض الحقائق. لقد نشأ هذا الحزب في ايران من الجماعات المتشددة والمتطرفة من كل من حزب الجمهورية الاسلامية ومنظمة مجاهدي الثورة الاسلامية وقد تبلور الاطار التنظيمي للحزب في اوائل التسعينيات وكان في البداية تحت اسم "المؤسسة الثقافة لانصار حزب الله" ومن ابرز قادته اية الله احمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور حجة الاسلام محمد مهدي ريشهري وزير الاستخبارات الاسبق ومن اهم اهدافه حماية منجزات الثورة والدفاع عن ولاية الفقيه المطلقة. وهكذا يتضح انه جهاز امني استخباراتي فضلا عن كونه جهاز دعوي لترويج فكر وفلسفة دينية خاصة به. ومارس الحزب ضغوطه علي القادة الايرانيين المعتدلين امثال الرئيس الاسبق هاشمي رافسنجاني والرئيس السابق محمد خاتمي، ويؤمن تنظيم حزب الله بنظرية الاختراق الثقافي للمجتمعات كنقطة انطلاق للاختراق السياسي والامني. ولقد انتشر هذا الحزب بنفس المسمي في لبنان وعدد من دول الخليج في التسعينيات وقام عدد من انصاره باعمال تخريب في بعض الدول الخليجية في تلك الفترة ثم انطلق الحزب في لبنان لينشر اجهزة اتصالات وتصنت ويسيطر علي مطار بيروت ويفرض تعيين رجال الامن رغم انف الحكومة اللبنانية التي عندما اعترضت واقالت ضابط الامن بالمطار احدث ذلك ازمة ونزل رجاله للشارع. وحسنا فعل السيد حسن نصر الله زعيم الحزب باعترافه بارسال عضو الحزب الي مصر وادعائه بان مهمته المساعدة اللوجستية للفلسطينيين، فاذا كان شخص واحد سيقوم بكل هذه المساعدات وتهريب الاسلحة والمعدات وتهريب الاموال فانه لاشك عملاق ولكن مهمته هي تجنيد العملاء وما اكثر البسطاء والسذج في مصر الذين يمكن ان تخدعهم الكلمات المعسولة لحزب الله وينساقون وراء شعارات. ولاشك ان اجهزة الامن المصرية عليها واجب ومهمة وفقا للقانون ومباديء العدالة فان مصر صاحبة الحضارة لن ولا يمكن ان تتحول الي دولة عصابات ومافيا علي غرار دول اخري في المنطقة ولا يمكن ان تترك حدودها واراضيها للذئاب تسرح وتمرح او للمخربين من ادعياء الدين الذين يعملون لصالح جهات استخباراتية اجنبية او للكتاب الذين يتحرقون شوقا للظهور في الفضائيات مقابل اموال طائلة. وعلي علماء الدين واصحاب الفضائيات والمثقفين اظهار حقيقة خداع حزب الله ولاشك ان رفع اسم فلسطين مثل رفع قميص عثمان ومصحف التحكيم ضد علي بن ابي طالب رضي الله عنهما انما هو كلمة حق يراد بها باطل، وتحرير فلسطين ومعاناة غزة ليست مبررا لتدمير مصر وتخريبها من اية جهة مصرية او عربية او اسلامية، ومن يريد ان يناضل من شعب مصر المخدوعين فلنعطي له تذكرة مجانية طريق واحدة للنضال في غزة او في اي مكان حتي يلقي ربه شهيدا ويدخل الجنة وكفي مصر شهداء في حروبها وكفي شعبها معاناة عبر السنين لاصحاب قضية عادلة ولكنهم يتحاورون ايهما اسبق الدجاجة ام البيضة، او مثل الرومان في مناقشات بيزنطية وروما تحترق، ان فلسطين شهيدة بيد اصحابها باكثر مما هي بأيدي اعدائها وحقا القول المأثور "اللهم احمني من اصدقائي اما اعدائي فانا كفيل بهم" لك الله يا فلسطين ولك الله يا مصر. لقد بلغ الخداع منتهاه عند بعض الكتاب والصحفيين المصريين ان اكثر من واحد منهم من المحسوبين علي ايران كتب مقالا نشره في صحف عربية عديدة يفلسف ويبرر تدخل حزب الله في مصر وتهريبه السلاح بدعوي ان مصر في عهد عبدالناصر كانت تفعل ذلك وتهربه وتقوم بعمليات تخريب في البلاد العربية الاخري بدعوي التحرر ومقاومة الاستعمار انني اعتقد ان مثل هؤلاء الكتاب الذين تخصصوا في تبرير السلوك الايراني عبر السنين ضد مصر والدول العربية ويقارنون بين ذلك وبين مقاومة عبدالناصر الزعيم الوطني العربي للاستعمار البريطاني والفرنسي انهم عملاء الشيطان وخونة لاوطانهم، ففارق كبير بين ماكان يقوم به عبدالناصر وبين ما يقوم به حزب الله وعملاء ايران التي تعمل علي تخريب الاوطان بنشر الفكر الطائفي في حين كان عبدالناصر صاحب رؤية قومية ووطنية وداعية للوحدة، وعندما وقع الانقلاب في سوريا ضد الوحدة لم يتدخل عبدالناصر بالقوة ولم يهرب السلاح حفاظا علي دماء الابرياء. ومع هذا فان مسلك عبدالناصر ورجاله الثوريين حقق فائدة فقط في مقاومة الاستعمار الفرنسي والبريطاني وكان ذلك في ظل عالم تسوده حركات التحرر الوطني اما ما فعله بعض رجال عبدالناصر من مخاطبة الشعوب فوق رؤوس حكامها فقد جلب الكوارث علي مصر وعلي العرب ولم يحرر فلسطين ولا اقامة الاشتراكية العربية ولا حقق الوحدة القومية العربية فقد ثبت اخفاق تلك السياسة فكيف نكرر الاستشهاد بها لتفسير فكر حزب الله ولن يحرر حزب الله مزارع شبعا ولم يحرر محرضوه الجولان ولم يحرروا لواء الاسكندرونة ولم يحرر محرضوه العالم الاسلامي ولم ينشئوا مساجد حرة لابناء وطنهم من غير طائفتهم، ان كتاب وعملاء السلطان الاجنبي عليهم ان يستحوا خجلا من مقارنة زعيم وطني عظيم مثل عبدالناصر رغم بعض اخطائه مع حسن نصر الله الذي يعبر عن فكر ولاية الفقيه والذي لن يحرر فلسطين بل دمر لبنان بتصرفاته غير العقلانية عام 2006 وحرر فقط الضاحية التي يعيش فيها مختبئا في لبنان من سلطة لبنان الوطنية ولم يختبيء محمد رسول الله "صلي الله عليه وسلم" من اعدائه كما يختبيء حزب الله وقادته وحركة حماس وقادتها عند ساعة الحرب واكتفوا بتزويد اتهامات ايران ضد مصر ومواقفها ولو كانت ايران صادقة في مواقفها ماكانت استمرت في احتلالها لجزر الامارات العربية المتحدة ولا اضطهدت العرب في خورستان وانتهكت حقوقهم السياسية والدينية. ان قليلا من الحياء يا حضرات كُتاب وصحفيو السلطان الاجنبي.