اصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها الستين عام 2006 قرارا بانشاء مجلس حقوق الانسان ليحل محل لجنة حقوق الانسان واعتبر المختصون في مجال حقوق الانسان ان هذا التطور احدث تغييرا جوهريا في مجال اهتمام ورعاية المنظمة الدولية بقضية هي من القضايا البالغة الاهمية علي الساحة الدولية ألا وهي قضية حقوق الانسان. وبدأ المجلس يمارس مهامه اعتبارا من 19 يونيو 2006 بعد ان قامت الجمعية العامة للامم المتحدة بانتخاب اعضائه في جلستها المنعقدة بتاريخ 9 مايو 2006. ويمكننا ان نتناول مجلس حقوق الانسان من ثلاث زوايا هي التشكيل والاختصاص والممارسة مع مقارنة ذلك بما كان عليه الوضع في لجنة حقوق الانسان التي تم الغاؤها بعد ان وجه الكثير من النقد لممارساتها. فمن حيث التشكيل يتم تشكيل مجلس حقوق الانسان بواسطة الجمعية العامة ويعد احد الافرع التابعة لها، في حين كان تشكيل لجنة حقوق الانسان يتم من المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومن ثم كانت احدي اللجان المنبثقة عنه. ومن حيث المهام فان من واجبات المجلس استعراض وضع الدول الاعضاء بموجب آلية الاستعراض الدوري الشامل خلال فترة عضويتهم اي ان عضويتهم لا تعفيهم من الوقوع تحت طائلة المحاسبة والمساءلة. ونص قرار انشاء المجلس انه يجوز للجمعية العامة ان تعلق باغلبية الثلثين عضوية الدولة العضو اذا ما ارتكبت اية انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الانسان ولم يكن مثل هذا الشرط قائما بالنسبة للعضوية في لجنة حقوق الانسان. ومن حيث الاجتماعات فان المجلس يجتمع بانتظام طوال العام وان يعقد ما لا يقل عن 3 دورات سنويا بينها دورة رئيسة تمتد فترة لا تقل عن عشرة اسابيع، ويجوز عقد دورات استثنائية. اما لجنة حقوق الانسان فكانت تعقد دورة واحدة في العام ودورات استثنائية اذا دعت الحاجة لذلك بناء علي طلب احد الاعضاء الذي يحظي بتأييد ثلث اعضاء المجلس. ومن حيث الاختصاص فان اختصاص مجلس حقوق الانسان اكثر اتساعا وشمولا من اختصاص اللجنة السابقة من اكثر من زاوية: فمن مهامه النهوض بالتثقيف والتعليم في مجال حقوق الانسان، وتقديم الخدمات الاستشارية، والمساعدة التقنية، وبناء القدرات. ويجري توفيرها بالتشاور مع الدول الاعضاء المعنية وبموافقتها. ومن ذلك ايضا ما يسمي بآلية الاستعراض الدوري الشامل لاوضاع حقوق الانسان في كل دول العالم، وفي مقدمتهم الدول الاعضاء في المجلس الذي يجري استعراضاً دوريا شاملا لحالة حقوق الانسان لديهم خلال فترة عضويتهم. ومن حيث الممارسة فقد اكد قرار انشاء المجلس علي ضرورة ان تتسم طرق عمل المجلس بالشفافية والعدالة والحياد، وان تقضي باجراء حوار حقيقي، وان تكون قائمة علي النتائج وتسمح باجراء مناقشات متابعة لاحقة تتعلق بالتوصيات وتنفيذها، كما تسمح بالتفاعل الموضوعي مع الاجراءات والآليات الخاصة، والمجلس يفسح مجالا اكبر للمنظمات غير الحكومية في التشاور معها، وتقديم تقاريرها حول احوال حقوق الانسان خاصة بالنسبة لآلية الاستعراض الدوري الشامل لتقارير دولها. ومن المفترض ان تقدم مصر تقريرها للاستعراض الشامل امام المجلس عن حالة حقوق الانسان في مصر وهذا يثير اكثر من تساؤل لابد للاستعداد للاجابة عليها منها مدي احترام مصر لتعهداتها عندما تقدمت لعضوية المجلس ومنها مدي احترام مصر لالتزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية التي انضمت اليها، ولا شك ان حالة حقوق الانسان في مصر ما زالت تحتاج لمراجعة حقيقية وشاملة حتي ترقي للمستوي اللازم والضروري سواء في مجال الحقوق المدنية والسياسية او او الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتي ترقي لمستوي النصوص الجميلة في الدستور المصري فالعبرة ليست بالنصوص وإنما بالتطبيق الفعلي.