ويتجلي في المعركة المقبلة ارتباط الانتخابات بالسيطرة علي السلطة لأنها تطلّ علي الشأنين الداخلي والإقليمي اللذين طالما أدي اضطرابهما إلي اندلاع التوترات والأحداث في مختلف مراحل حياة لبنان السياسية. وتخاض المعركة بتطلعات مختلفة لدي كل من الفرقاء المتنازعين علي السلطة في معسكري الموالاة والمعارضة. ويعتقد المحلل السياسي إبراهيم بيرم أن "المعركة مهمة لارتباطها بمستقبل المحورين السياسيين الموالاة والمعارضة، وبمستقبل النظام السياسي وهوية البلد". ويضيف أن "الموالاة تعتبر المعركة مصيرية محاولة تثبيت أن الأكثرية البرلمانية الآن هي أكثرية حقيقية، وبالتالي تؤكد علي أحقية البرنامج الاقتصادي الذي بدأ به الرئيس الراحل رفيق الحريري عام 1992، وتريد الإبقاء علي السلطة بيدها تكريسا للصيغة السياسية التي بدأت عام 2005". وبرأيه ف"المعارضة" تخوض الانتخابات لتأكيد أنها هي التي تمثل الأكثرية الشعبية، وأن أكثرية الموالاة كانت مزيفة، وبالتالي تريد تكريس معادلتها السياسية التي أرستها خلال السنوات الأربع الماضية". ويقول إيلي الفرزلي -النائب السابق لرئيس مجلس النواب المنتمي للمعارضة الانتخابات النيابية السابقة كانت نتيجة لأحداث جسام، وقعت ضمن حرب دولية اتّخذ قرارها في قمة النورماندي بين الرئيسين الفرنسي جاك شيراك والأمريكي جورج بوش وبعد فشل حروب إسرائيل وهذه الحرب الدولية في تحقيق أهدافها، أعتقد أن هذه الانتخابات أصبح لها طابع مرحلي عادي بدليل أن الاتفاق السعودي السوري قد حسم مسألة حكومة الوحدة الوطنية بعد الانتخابات. غير أن نائب تيار المستقبل الدكتور عزام دندشي يري أن المعركة المقبلة مهمّة حيث تحمل عدة تحديات.. ويقول: "لا يزال التحدي الأول الذي تحمله الانتخابات القادمة هو تثبيت سيادة واستقلال لبنان.. والثاني: مشروع قيام الدولة بمؤسساتها الشرعية والدستورية. والثالث: تثبيت العيش المشترك واعتبار الطائف هو الناظم الأساسي للحياة السياسية في لبنان، وأن تبقي الثوابت الوطنية في وثيقة الطائف هي التي تحدد المرحلة السياسية المقبلة. والرابع: أن لبنان ليس ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية والدولية". وتلتقي مختلف الآراء علي أن المعركة القادمة تجري في ظروف مختلفة عن سابقتها. فبيرم يري غياب "تأثير استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وشعار خروج الجيش السوري من لبنان، ما يضع المعارضة في موقع الهجوم، وتريد الحصول علي الأكثرية، والموالاة في موقع الدفاع حاليا محاولة الحفاظ علي الأكثرية النيابية التي حصلت عليها في المعركة السابقة". ويعتقد الفرزلي أنّ "الظروف الراهنة تتناقض مع ظروف 2005 تناقضا إستراتيجيا كبيرا. ففي 2005 جرت المعركة تحت عنوان "الانتخابات الآن" لاستثمار دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وتحت عنوان حرب دولية شنت بقرار في قمة النورماندي وتحت عنوان حرب كونية صهيونية علي العراق وسوريا وإيران وضمن مخطط كانت آخر فصوله الحرب علي غزة". ويستنتج أنه "بسبب تغير المناخ الدولي والإقليمي والمحلي، ستؤدي المعركة إلي نتائج مختلفة بدأت تتبين بوضوح". وقال إن من آثارها "الشعارات المتناقضة بين الحلفاء، كالشعار الذي رفعته الموالاة "لبنان أولا"، فرفضه حليف أساسي لطارحيه هو وليد جنبلاط، عندما قال إن لبنان أوّلا مفرغا من العروبة يعني الانهزام". ويقارب دنشي المتغيرات الإقليمية والدولية من منظور مختلف بقوله "هناك تغييرات تجري في المنطقة، ولها تداعياتها علي لبنان. منها المصالحات العربية، ووصول نتنياهو وحكومة متطرفة جدا في إسرائيل. وسيكون لها انعكاسها علي الساحة اللبنانية". ويصف الفرزلي المعركة "بالانتقالية متوقعا إعادة تموضع الفئات بعد الانتخابات". ويخلص بيرم إلي أن "المعركة الحالية مختلفة من حيث المقدمات عن المعركة السابقة، وبالتالي من حيث النتائج أيضا".