أنا لم أخالف ضميري قدر أنملة وهناك معايير محددة.. لكن تخضع للأهواء والعلاقات الشخصية أحيانا.. هكذا يتكلم الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن مقرر لجنة التفرغ بصراحته المعهودة. ** قلت: أنت تعترف بوجود أهواء شخصية. * قال: نعم وقد ذهبت للدكتور جابر عصفور أمين المجلس الأعلي للثقافة وطلبت اعفائي من منصب لأنني لا يمكن ان أخالف ضميري قدر أنملة وكان رده برفض اعتذاري وقال معك كل السلطات لاتخاذ ما تراه مناسباً.. ولذلك سأحاول هذا العام أن أضبط العمل أكثر مما مضي خاصة في قراءة مشروعات التفرغ المقدمة لنا وقررت رفض العناوين العامة مثل كاتب يتقدم بمشروع رواية عن أزمة الانسان المعاصر.. سيكون ردي : لا .. هذا مشروع لا ينفع، أنا امنح التفرغ لمشروع محدد مثل رواية عن الحملة الفرنسية مثلا.. وأنا أحيل أي مشروع إلي اثنين من اللجنة أو من خارجها ثم نناقش رأيهما والجديد أنني سأجعل المحكمين ثلاثة بدلا من اثنين لن نقبل إلا المشروعات الجادة.. لكن أحيانا يخذلنا البعض ولا حيلة لنا أمامهم. ** معقولة يمنح التفرغ لأصحاب المعاشات المتفرغين أصلا؟! * ضاحكا: فوجئت ذات مرة بشخص يتقدم بمشروع للتفرغ وهو من مواليد 1928 أي أنه متفرغ أكثر من 30عاما بالفعل أنا سخرت قائلا: أريد شهادة طبية تؤكد أنه يستطيع أن يعمل للأبد!.. وهل حصل علي منحة التفرغ؟. ** يجب أن تعرف انني لا أملك إلا صوتي!! * ألا توجد معايير محددة. ** هناك لوائح ونظام ومعايير.. لكن البشر قادرون علي افشال وافساد أي نظام. * هل عجزت حيلتك عن المواجهة؟ ** أفكر هذا العام في اجراء مقابلة مع المتقدمين لمناقشة مشروعاتهم قبل الرفض أو الموافقة، يمكن بهذه الطريقة أن نكتشف الصادق من الكاذب، ومع ذلك أنا معك أن هنا أدباء جيدين لا يحصلون علي المنح والعكس صحيح والعدل 100% لن يكون الا في جمهورية أفلاطون. ** هل الأراء في اللجان تكون محايدة. * كلنا بشر.. وأنا أسمع أحيانا بعض الآراء الغريبة، مثل هذا أفضل شاعر انجبته العربية وآخر يقسم بالطلاق عن موهبة شخص ما.. واذا استمرت الأمور علي هذه النحو ولم انجح في التغيير سوف اترك مكاني فورا لأنني اسعي دائما كي يكون ضميري راضيا "ومرتاح". ** قلت : الكثير ممن يستحقون التفرغ لا يحصلون عليه والبعض يحصل عليها بأشياء اخري غير الابداع. * تحقيق العدل المطلق أمر صعب.. لكن أنا اتفق معك وأحيانا من يستحق التفرغ حقا لا يتقدم ومن لا يستحقون يتقدمون وهناك البعض يطلب منا أن نبلغه بشكل شخصي بموعد التقديم.. لكن ما يجب ان يعرفه الجميع انني لا أستجيب للالحاح لكنني في النهاية مجرد صوت واحد وأنا مستعد لاقامة العدل علي حسابي الشخصي لكن لا استطيع ان اضمن الآخرين.. وعلي فكرة أنا أعاني أكثر من الذين لم يقدموا أصلا للتفرغ لأنهم يطالبوننا بعد أغلاق الباب بأن نمنحهم التفرغ. * هل اللجان هي الباب الوحيد للحصول علي هذه المنح!! ** لا.. هناك طرق أخري بعيدا عن اللجان والآراء الفنية. * معقولة يمنح التفرغ لشاعر يريد ان يكتب ديوان شعر.. والشعر لا زمن له ولا مكان. * منعت ذلك.. وعلي فكرة كان لي حلم ان تتابع اللجان حجم الانجاز لكل مبدع كل فترة لكن الكوادر غير موجودة. ** ما هي المعايير في تحديد راتب المنحة للمبدع. * حسب آراء اللجنة وظروف المبدع ومرتبته الاجتماعية وحجم ما يمكن ان ينفقه في المشروع من شراء كتب أو أدوات وخلافه. ** أخيرا ماذا كسبت من عملك كمقرر للجنة التفرغ؟ * خسرت الكثير وأقصد طبعا كل ما لا يحصل علي المنحة.. لكن المهم ألا أخسر ضميري وعلي فكرة أنا أسمي هذا المنصب "مقرر لجنة الصداع".