وزارة الداخلية تشارك المواطنين الاحتفال باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    آخر تطورات سعر جرام الذهب، عيار 21 وصل لهذا المستوى    نعيم قاسم: سندافع عن أنفسنا وأهلنا وبلدنا ومستعدون للتضحية إلى أقصى الحدود    الرئيس الأمريكي يصل إلى مقر حفل سحب قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026    ترامب قبل انطلاق قرعة كأس العالم 2026: فيفا قدم عملا استثنائيا وجاهزون للبطولة    الإسماعيلي يفوز على الإنتاج الحربي بهدف وديا استعدادا للجونة    حالة الطقس غدا، انخفاض ملحوظ بدرجات الحرارة ورياح تزيد من البرودة    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    البريد المصرى يتيح إصدار شهادة «المشغولات الذهبية» من مصلحة الدمغة والموازين    المستندات المطلوبة لإحلال التوكتوك بالسيارة البديلة «كيوت» ب6 أكتوبر    بعد حكم قضائي.. فيلم الملحد يُعرض رسميا في 31 ديسمبر    ما سبب غياب دنيا سمير غانم عن مهرجان البحر الأحمر؟ شقيقتها إيمي تجيب    تيلدا سوينتون: استقبال الجمهور لفيلم الست يعبر عن قوة السينما    صور من كواليس حلقة اليوم من دولة التلاوة.. تعرف على موعد عرض البرنامج    تجديد شهادة الادخار لمدة سنة و3 سنوات.. إزاى تختار    إعلامي سعودي ينصح صلاح بالرحيل عن ليفربول    تايمز: مصر تسعى لاستعادة حجر رشيد لخروجه من البلاد بشكل غير قانونى    أهل مصر تنفرد.. أول صور من زفاف بوسي تريند البشعة بالإسماعيلية (خاص)    هانز فليك يتفوق على أساطير تدريب برشلونة فى الدوري الإسباني    الأمم المتحدة تدعو لتحقيق شامل ومحاسبة المسئولين عن جرائم الأسد والهجمات الإسرائيلية في سوريا    تأجيل محاكمة طفل المنشار وحبس المتهم بالاعتداء على طالب الشيخ زايد.. الأحكام × أسبوع    علام: بعض الجماعات تسيء استغلال المرحلة السرية بالسيرة النبوية لتبرير أعمالها السياسية    الصحة: فحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم» بالمدارس الابتدائية    بيان ناري من الداخلية في غزة بشأن مقتل أبو الشباب    رئيس مصلحة الجمارك: نتطلع إلى نقلة نوعية في كفاءة وسرعة التخليص الجمركي للشحنات الجوية    فرنسا ترحب بتوقيع اتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا بواشنطن    الزمالك يترقب قرار اتحاد الكرة بشأن قضية زيزو.. واللاعب يجهز للتصعيد    حلمي طولان: تصريحي عن الكويت فُهم خطأ وجاهزون لمواجهة الإمارات    جامعة المنصورة الأهلية تشارك بمؤتمر شباب الباحثين لدول البريكس بروسيا    ميادة الحناوي ترد على استخدام AI لتحسين صوتها: مش محتاجة    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    مخالفات جسيمة.. إحالة مسؤولين بمراكز القصاصين وأبو صوير للنيابة    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    لمدة 12 ساعة.. انقطاع المياه غرب الإسكندرية بسبب تجديد خط رئيسى    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    الصين وفرنسا تؤكدان على «حل الدولتين» وتدينان الانتهاكات في فلسطين    سورة الكهف نور الجمعة ودرع الإيمان وحصن القلوب من الفتن    لجنة المسئولية الطبية وسلامة المريض تعقد ثاني اجتماعاتها وتتخذ عدة قرارات    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    حريق مصعد عقار بطنطا وإصابة 6 أشخاص    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    وزارة العمل تقدم وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    وسام أبو علي: نسعى للفوز على سوريا وسأبقى مع فلسطين حتى النهاية    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    وزير الكهرباء: تعظيم مشاركة القطاع الخاص بمجالات الإنتاج والتوزيع واستخدام التكنولوجيا لدعم استقرار الشبكة    محافظ الجيزة: توريد 20 ماكينة غسيل كلوي ل5 مستشفيات بالمحافظة    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    رئيس جامعة القاهرة: نولي اهتمامًا بالغًا بتمكين أبنائنا من ذوي الإعاقة    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    الليلة، سحب قرعة كأس العالم 2026 بمشاركة 48 منتخبا لأول مرة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانسحاب من العراق... مؤشرات العد التنازلي
نشر في نهضة مصر يوم 27 - 07 - 2008

من الطبيعي ألا يقابل الانسحاب الأمريكي من العراق بترحيب الجميع. فمما لا شك فيه أن يثير الانسحاب قلق إقليم كردستان بشمالي العراق، بقدر ما يثير قلق الجارة الكويت،
تشير كل المؤشرات إلي قرب انتهاء كل الآلام التي تعذبت منها الولايات المتحدة طويلاً في العراق، وما لم تكن هذه النهاية خلال العام الجاري، فلا شك أنها ستكون خلال العام المقبل. وفيما يبدو فلا شيء يؤجل هذه النهاية المحتومة. وعليه فإن تعهد السيناتور جون ماكين، المرشح الرئاسي "الجمهوري"، بإبقاء قوات بلاده حتي تحقيق النصر في العراق، لم يكن تعهداً طائشا فحسب، بل فاقداً لمعناه أيضاً. والسبب أن ذلك التعهد جاء مضاداً لتيار قوي مناد بالانسحاب في أوساط الرأي العام الأمريكي والعراقي معاً. وبالمقارنة مع "ماكين"، فقد اقترب نافسه "الديمقراطي" السيناتور باراك أوباما -الذي يتقدم عليه شعبيةً حسب نتائج استطلاعات الرأي العام الأمريكي- من ملامسة الحقيقة والواقع السياسيين، بإعلان تعهده بوضع حد للحرب وسحب جنوده من العراق.
والحقيقة أن الاهتمام الاستراتيجي الأمريكي ماضٍ في التحول من العراق إلي أفغانستان. والمبرر الذي يفسر هذا التحول الاستراتيجي هو اعتقاد الكثيرين في واشنطن بأنه إذا كان لأمريكا أن تحارب في أفغانستان، وأن تتمكن من وقف تدفق المقاتلين المتطرفين إليها عبر الحدود المشتركة مع باكستان، فإنه يتعين عليها الانسحاب من العراق أولاً. وسواء صح الاعتقاد أم لم يصح، فكثيراً ما نظر الاستراتيجيون والمحللون إلي حرب أفغانستان باعتبارها "حرب ضرورة" مقابل النظر إلي حرب العراق باعتبارها "حرباً اختيارية". ومهما يكن فإن الذي لا تخطئه العين أن مشهداً سياسياً جديداً بدأ بالتشكل في منطقة الشرق الأوسط، نتيجة لتكييف القوي المحلية والإقليمية لاهتماماتها مع مؤشرات العد التنازلي لنهاية الحرب العراقية. فعلي سبيل المثال، ألغت دولة الإمارات العربية المتحدة ما قيمته 7 مليارات دولار هو جملة ديونها علي العراق، إلي جانب تعهدها بتسمية وإرسال سفيرها إلي بغداد. ومن جانب آخر يتوقع أن يبدأ العراق قريباً محادثات مشتركة مع جارته الكويت، علي أمل تخفيض التعويضات المالية الضخمة التي يسددها العراق لها جراء غزوه للكويت في عام 1990.
وفي المنحي ذاته، كان رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوجان، قد تعهد خلال زيارة قريبة له إلي بغداد، بأن يمد يد العون لمساعي إعادة بناء العراق، في حين تعهدت بغداد من جانبها، بفرض سيطرتها علي مقاتلي "حزب العمال" الكردستاني، الذين يهددون أمن تركيا واستقرارها، بشن عملياتهم العدوانية عليها انطلاقاً من معاقلهم في شمالي العراق.
وفي غضون ذلك لم تخف طهران رغبتها الصريحة في رؤية انسحاب القوات الأمريكية من العراق في أقرب وقت ممكن. يجدر بالذكر أن الرغبة الإيرانية نفسها، وجدت لها صدي في الموقف المعلن من قبل السيستاني.
ومما لا ريب فيه أن تصاعد هذه الضغوط الإقليمية والمحلية قد فعل فعله في دفع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، إلي الإعلان عن مطالبته الأخيرة بالتوصل إلي مذكرة تفاهم بين بلاده والولايات المتحدة الأمريكية، شريطة أن تنص علي أحد الأمرين أو الخيارين: إما مغادرة القوات الأمريكية لبلاده في أقرب وقت ممكن، أو تحديد جدول زمني واضح للانسحاب.
بقراءة كل هذه المؤشرات مع بعضها البعض، فإن من الواضح أنه لن يكون في وسع الولايات المتحدة الأمريكية تحقيق أي من الهدفين الرئيسيين اللذين أمّلت فيهما من خلال التوصل مع العراق إلي اتفاق بشأنهما. فلا هي قادرة الآن علي إبرام "اتفاق وضع القوات" الذي يتم بموجبه وضع إطار للحماية القانونية اللازمة لجنودها في العراق، ولمسؤوليات وصلاحيات هؤلاء الجنود، ولا هي بالقادرة علي التوصل مع بغداد إلي "إطار استراتيجي" يمكنها من صياغة مستقبل علاقاتها السياسية والعسكرية مع العراق مستقبلاً.
وبدلاً من هذه الآمال، تتزايد داخل الولايات المتحدة نفسها الضغوط المطالبة بالانسحاب العسكري الكامل من العراق، مقابل الانخراط الدبلوماسي مع جيران العراق: إيران، تركيا، سوريا، الأردن، والمملكة العربية السعودية، بهدف تأمين الدعم السياسي المفترض لهذه الدول المجاورة أن تقدمه لعملية إعادة إعمار العراق، إلي جانب تأمين مساهمتها في التخفيف من محنة اللاجئين والنازحين العراقيين، الذين يتراوح عددهم بين نحو 4-5 ملايين.
بقي أن نشير إلي أن ما ورد آنفاً من رصد لهذه الاتجاهات الأمريكية المناوئة لإطالة أمد بقاء القوات في العراق، هو بعضٌ من أهم التوصيات التي توصلت إليها دراسة صادرة مؤخراً، أعدتها مجموعة رفيعة المستوي برعاية "جيمس بي. ماكجوفرن"، وهو عضو "ديمقراطي" بمجلس النواب، عرف بمعارضته المبكرة والطويلة للحرب علي العراق. وإليه تنسب توصية من أقوي التوصيات التي سترغم الرئيس بوش علي وضع حد لحربه هذه. ففي توصية صادرة في شهر مايو المنصرم، ضمن تقرير أعدته مجموعة الدراسات المعنية المذكورة آنفاً، طالبت المجموعة بما يلي:الإعلان عن جدول زمني واضح لانسحاب القوات من العراق، مصحوباً بتمديد قصير الأجل من قبل الأمم المتحدة لتفويضها الساري الآن بخصوص بقاء القوات الحالية هناك، بدلاً من تمديد فترة بقاء هذه القوات بموجب اتفاق ثنائي تتوصل إليه واشنطن مع بغداد. علي أن التوصية نفسها تضمنت نقطتين أخريين لا تقلان أهمية. أولاهما: الدعوة لعقد مؤتمر عربي جامع حول المصالحة الوطنية العراقية. وثانيتهما:الدعوة إلي تقديم عون مالي ضخم لصندوق تنمية العراق.
ومن الطبيعي ألا يقابل الانسحاب الأمريكي من العراق بترحيب الجميع. فمما لا شك فيه أن يثير الانسحاب قلق إقليم كردستان بشمالي العراق، بقدر ما يثير قلق الجارة الكويت، التي لا تزال تعاني من مضاعفات صدمة الغزو العراقي لها في عام 1990، بل إن من مصلحة المسلمين السُنة أنفسهم أن يطمئنوا علي مستقبلهم السياسي في العراق في ظل نظام حكم وطني تسيطر عليه الأغلبية الشيعية، قبل مغادرة القوات الأمريكية لأراضي بلادهم. ولا ريب في شرعية هذه الهواجس ومبرراتها.
علي أنه لا شك أيضاً في أن العراق ماضٍ في طريق استرداد عافيته واستقلاله، مهما بدا لنا الآن غارقاً في بحر مشكلاته وتعقيداته التي نراها. والمؤشر الأفضل لقياس هذا التعافي المستقل، نمو عدد جنوده الوطنيين إلي 566 ألفاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.