يعد برنامج "دندن مع سماح" الذي يذاع علي قناة "مودرن تي في" نموذجا صارخا للفوضي وإهدار القيمة الفنية وضرب كل القواعد والمعايير وشروط الحكم الصحيح علي الاصوات الغنائية الجديدة؛ فالبرنامج الذي تعده وتقدمه مطربة أردنية مغمورة تدعي سماح بسام تدور فكرته حول اكتشاف الاصوات الغنائية الجديدة من خلال استعانتها بملحن مهمته تقييم الاصوات عبر المكالمات الهاتفية وفتح المجال لكل الحالمين بالشهرة والنجومية وتطميعهم بنصائح في الوقت الذي تحتاجه هي نفسها لمن ينصحها، وعليه يجسد هذا البرنامج حالة الفوضي التي نعاني منها وكيف أن "كل من هب ودب" يستطيع ان يقدم برنامجا بل ويحكم علي مواهب الآخرين ويسدي لهم النصائح. عن الظاهرة الخطيرة يقول الملحن الكبير حلمي بكر: اولا انا لدي تحفظ علي توجه هذه القناة تحديدا فهي قناة تتعامل بمبدأ "ابوبلاش.." وعليه فهي تلجأ للارخص والاسهل ولذا فالنتيجة متوقعة ومنها البرنامج محل حديثنا. ويضيف: الموضوع باختصار هو محاولة لملء ساعات انتاجية ولا يهم محتوي ما تقدمه لنكون نحن في النهاية الضحايا لامثال سماح وغيرها وللاسف عندما اقوم بانتقاد هذه النوعية من البرامج ومقدميها اجد من يتهكم علي ولذا رفعت شعار اسمع ما شئت فانك لن تستحي وعليه لا نستغرب اذا شاهدنا برنامجا مثل ستاراكاديمي الهدف الوحيد من ورائه هو الربح عن طريق شاب.. "يقرص" فتاة في كتفها واخري تتدلل وتتمايل وكله "كلام فاضي". ويؤكد بكر: نحن في حاجة ماسة الي جهات محترمة تتبني الاصوات الجديدة خاصة ان هنا مئات بل آلاف الاصوات التي تستحق الاهتمام والرعاية دون ان يلعب أي احد بأحلامهم وموهبتهم ولا ادري لماذا لا تتبني نقابة الموسيقيين هذا الامر بأن يكون لها برنامج محترم له صيغة شرعية يموله مجموعة من الرعاة وتتعاون فيه شركات الانتاج الكبري ومن هنا نكتشف المواهب التي تستحق بحق ان نسلط عليها الاضواء لا ان نكون ضحايا لبرامج كاذبة واهية لا هدف من ورائها سوي الربح والتجارة فقط. ويشير بكر: لابد من عمل برامج مباشرة مع الجمهور لاختيار الاصوات الجديدة من خلال ال SMS و ال mms والمكالمات الهاتفية علي الهواء مباشرة فهذا يحقق مزيدًا من الاعلانات ويضيف عنصر الجاذبية علي هذا النوع من البرامج خاصة اننا وقريبا جدا ستشهد طرح الاصوات الغنائية في البورصة وهو النظام المعمول به في أوروبا وتحول الصوت الي اسهم تباع وتشتري والمسألة ستتضخم اذا لم يتم حجبها الآن. اما الموسيقار الكبير محمد سلطان فيقول: لا يوجد ملحن قادر علي تعليم واكتشاف اي صوت جديد بخلاف الموجي وانا ودون ذلك فلا يوجد شيء اسمه اكتشاف اصوات او اي شيء من هذا القبيل وتطبيقا هذا الكلام علي برنامجكم هذا أو أي من البرامج الشبيهة له فوجهة نظري واضحة فيه أو في غيره فلابد ان يمر علي الملحن حوالي 30 عاما خبرة وان يكون له باع طويل وتجارب عديد واشتغل في مجال التلحين مع اعداد كبيرة من المطربين وعرف قدرات هذا وذاك والفروق التي تميز كل واحد منهم وعليه يستطيع ان يحكم علي موهبة جديدة واكتشافها لكن ان يحكم ملحن صغيرة خبرته محدودة علي موهبة ويعطي لها نصيحة فهذا كلام باطل وغير مقبول شكلا وموضوعا. ويتساءل الموسيقار هاني شنودة: هل يجوز لمن فشل في انجاح نفسه ان يقوم بانجاح غيره؟ ويجيب: لا بالطبع لأن "فاقد الشيء لا يعطيه" وعليه فالنصيحة لابد ان تؤخد من الانسان المجرب ذي الخبرة وليس لمن يخيل اليه انه يفهم ثم ان الصوت وحده لا يكفي في اكتشاف الموهبة وصناعة النجم انما هناك اشياء اخري يقابلها ناس متخصصون ومتوفرون في مصر فهناك من لديهم القدرة علي تدريب الصوت الاوبرالي وآخر الشرقي وهناك من يدرب علي استخدام لغة الجسد بشكلها الاعم والاشمل في كيفية الوقوف علي خشبة المسرح والايماءة لتحية الجمهور وهكذا بعيدا عما يحاول البعض تشويه لغة الجسد واقتصار استخدامها علي الايحاءات الجنسية وبعيدا عن هذه العناصر فلابد من وجود منتج لديه بعد نظر يقوم بالصرف الآن ليحصد غدا. ويضيف: وعليه فهذه النوعية من البرامج لابد وان يتوافر فيها هذه العناصر ولانها مكلفة بعض الشيء فلابد من وجود رعاة قادرين علي الانفاق لكن ما يحدث هو استستهال في انتاج هذه البرامج والاستعانة بعديمي الخبرة وتكون النتيجة مخجلة. ومن ناحيته وصف منير الوسيمي نقيب الموسيقيين هذه النوعية من البرامج بأنها برامج "بايخة" وهو يقول: هذا نوع جديد من النصب علي الناس والتلاعب باحلام الشباب اصحاب المواهب وبطموحاتهم ولكننا كنقابة الموسيقيين ليس في وسعنا شيء نفعله تجاه هذا الامر الا في حالة تلقينا اي شكوي فمن هنا تبدأ مساعينا لوقف هذه المهزلة ووضع حد لها وان كنت اندهش كيف لمطربة تحتاج لمن يكتشفها تسعي لاكتشاف الآخرين ويستطرد: الامر لا يقتصر علي هذه البرامج فقط بل وصل الامر الي قيام بعض الشركات الوهمية لعمل اعلانات في الجرائد حول اكتشاف المواهب وجمع مبالغ كبيرة من اصحاب المواهب أو ما يظنوا بأنفسهم ان لديهم موهبة ووضعهم في ستوديو قاموا بتأجيره بمبلغ واه وعمل اختبارات وهمية ثم يتركون هؤلاء الشباب يعيشون في وهم النجومية بعد ان حصلوا علي مرادهم منهم وهنا ايضا انا غير قادر كنقابة ان اضع حدا لهذه المشكلة الا اذا تلقيت شكوي وعليه فأنا احاول في كل وسيلة اعلامية ان احذر الشباب من هذا الوهم واقول لهم انه عبارة عن عملية نصب وان عليهم ان يسلكوا القنوات الشرعية في الكشف عن مواهبهم. وعن اقتراح حلمي بكر بضرورة تبني نقابة الموسيقيين لهذا الامر فيقول: هذا الاقتراح لابد ان يعرض علي اتحاد الاذاعة والتليفزيون ووزارة الاعلام المصرية والسؤال كيف تغيب نقابة الموسيقيين عن هذه النوعية من البرامج فلابد ان تعمل هذه البرامج تحت مظلة النقابة والاستعانة بمن نرشحهم من خبرة وقدرة علي اكتشاف هذه النوعية وانا بدوري سأستخدم حقي في وقف هذه النوعية من البرامج التي تنتج في مصر خاصة انني لدي الحق في هذا لانها تعمل دون الحصول علي تصريح رسمي بذلك من النقابة ومن ثم فأنا احذر كل البرامج التي تدعي انها تكتشف المواهب من العمل دون تصريح من النقابة.