تفرض قضية الدعم نفسها علي ساحة الاحداث في مصربل وينتظر الجميع تحت وطأة الضغوط الاقتصادية التي تمثلها قضية الدعم ورفع أسعار السلع الاساسية بصفة يومية، والتي في مقدمتها الخبز والدقيق والسكر والزيت والسجائر - ثورة غير مسبوقة ورفضا جماهيريا من الممكن ان يعيد إلي الاذهان مظاهرات 18و19 يناير 1977، ووقتها اضطرت الحكومة إلي التراجع إلي ما كانت عليه. والكارثة أن النظام الحالي لم يستطع أن يستر عورات قضية الدعم بل صارت هذه القضية تفرض نفسها بجانب قضايا اخري ملحة تنهش في جسد الشعب المصري، تأتي في مقدمتها البطالة وتدني مستوي الاجور في ظل ارتفاع كل السلع الاساسية من ناحية وتراجع قيمة الجنيه من ناحية أخري. "نهضة مصر الاسبوعي" تكشف النقاب خلال السطور التالية عن تقرير حقوقي خطير يؤكد أن قيمة دعم الغذاء انخفض من 19.5% من إجمالي الانفاق الحكومي عام 1982 إلي 3.2% من جملة الانفاق عام 2007/2006 ويرصد التقرير الذي اعده مرصد الموازنة العامة وحقوق الانسان ان قضية الدعم قضية مفتعلة من الحكومة خاصة بعدما بلغ اجمالي تقديرات الدعم والمنح والمزايا في العام الحالي 2007/2006 مبلغ 58.444.512 مليار جنيه بنسبة 21.3% من إجمالي استخدامات الموازنة العامة كان نصيب الدعم منها مبلغ 53.776.571 مليار جنيه بنسبه 92% من اجمالي المخصص لميزانية الدعم في حين حصلت المنح علي 4% والمزايا الاجتماعية علي نسبة 2.6% وتم حجز نسبه 1.2% كاحتياطي عام، وكذلك نسبة 0.3% اعتمادات اجمالية مدرجة بالموزانة أي ان مبلغ الدعم كله لا يوجه الي ذلك البند وانما يتم استقطاع نسبة 1.5% كاحتياطي عام واحتياطات اجمالية. وقال التقرير الذي اعده الباحث حلمي الراوي ان المواد البترولية حصلت علي أعلي حصة من ميزانية الدعم حيث بلغت نسبتها 74.4% من إجمالي ميزانية الدعم ونسبة 15% من إجمالي استخدامات الانفاق من الموازنة العامة تلاها دعم السلع التموينية بنسبة 16.1% ونسبة 3.2% من إجمالي الانفاق ثم دعم تنشيط الصادرات بنسبة 2.8% بعدها يأتي دعم الإسكان لمحدودي الدخل بنسبة 1.9% ثم دعم فائدة القروض الميسرة بنسبة 1.1% يأتي بعدها دعم المزارعين بنسبة 0.6% وفي النهاية تأتي مجموعة من أشكال للدعم بنسبة 0.5%. مؤكداً في بحثه أن دعم المواد البترولية وتنشيط الصادرات وأشكال آخري مجهولة تلتهم ميزانية الدعم. وفجر التقرير كارثة من العيار الثقيل عندما ذكر ان المستفيد الاول من دعم المواد البترولية هم اصحاب الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الاسمنت والحديد، وهم ممن يتمتعون بأغلبية عضوية مجلس الشعب المصري والذين سوف يقفون بالضرورة في مواجهة أي مشروع يستهدف النيل من دعم المواد التي يعتمدون عليها في انتاجهم ومن ثم ارباحهم. وحذر التقرير من عدم كفاية المقررات التموينية للاستهلاك الشهري حيث لا تغطي الحصة الشهرية من الارز للمواطن سوي 7 أيام والشاي 8 أيام والسكر 10 أيام والمكرونة 15 يوماً، وكل من المسلي الصناعي والزيت 20 يوماً وعلي الأسر ان تغطي بقية احتياجاتهم من هذه السلع خلال الفترة المتبقية علي نفقتها الخاصة وبسعر السوق. دعم الخبز وفي مسألة دعم الخبز حذر التقرير من تسرب نسبة كبيرة من الدعم الموجه للخبز إلي الاغنياء علي مستوي الجمهورية، حيث لا يوجد نظام لتوزيع الخبز يفرق بين الأغنياء والفقراء وهو ما اكدته الاحصائيات من أن 75% من الاغنياء علي مستوي الجمهورية يزاحمون الفقراء في الاستفادة من الخبز المدعم في حين تتساوي النسبة بين الفقراء والاغنياء في ريف الصعيد حيث تستفيد نسبة 60% في كلا الطبقتين من دعم الخبز. وقال التقرير ان عدد المخابز التي تقدم الخبز المدعم حوالي 14.125 ألف مخبز من بينها 8.327 ألف مخبز في الوجه البحري بنسبة 59% و 5.798 ألف مخبز في الوجه القبلي بنسبة 41%. وأكد التقرير علي عدم فاعلية برنامج دعم الخبز حيث يستولي أغني 10% من المواطنين في الوجهين البحري والقبلي علي نسبة كبيرة من ذلك الدعم المفروض توجيهه بينما يستهلك افقر 10% من مواطني الوجه البحري حوالي 35 جنيهاً شهرياً للفرد ونجد أن اغني 10% يستهلكون 47 جنيهاً وتزداد حدة تلك المفارقة في الوجة القبلي، حيث يستهلك افقر 10% حوالي 17.5 جنيهاً شهريا للفرد بينما يستهلك الاغنياء 43 جنيهاً شهرياً، وقال التقرير إن الاتجاه نحو تخفيض أو إلغاء تلك المنظومة لا يعني سوي تخلي الدولة عن الطبقة الافقر في المجتمع انحيازاً منها إلي طبقة أخري ترتبط مصالحها بمصالح الاحتكارات العالمية بما يمثل خطوات تراجعية في كفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أحد ابرز انتهاكات العهد الدولي الذي يحمي تلك الحقوق. سيناريوهات الدعم أشار التقرير إلي اربعة سنياريوهات للدعم الأول الإلغاء الكلي للسلع الاقل فضيلاً لدي المواطنين(الفول والعدس والمسلي الصناعي) مع الاستجابة الكاملة لزيادة السلع المفضلة لديهم(الأرز والسكر والزيت) مما سيؤدي إلي ارتفاع تكلفة البرنامة بنحو 36%. أما السيناريو الثاني فيتمثل في الإلغاء الجزئي للسلع الاقل تفضيلاً والاستجابة الكاملة لتفضيلات المواطنين بزيادة بعض السلع المدعومة ووفقاً لذلك السيناريو سوف ترتفع فاتورة الدعم بنحو 52%. وفيما يخص السيناريو الثالث فهو يتعلق بالإلغاء الجزئي للسلع الاقل تفضيلاً والاستجابة بنسبة 50% لتفضيلات المواطنين بزيادة بعض السلع المدعومة وفي هذا السيناريو سوف ترتفع قيمة الدعم نتيجة الاخذ بذلك السيناريو بنحو 18%. أما السنياريو الرابع فسيتمثل في الإلغاء الجزئي للسلع الاقل تفضيلا والاستجابة بنسبة 25% لتفضيلات المواطنين بزيادة بعض السلع المدعومة ووفقاً لذلك السيناريو سوف ترتفع قيمة الدعم بنسبة محدودة للغاية تبلغ 0.8%. وقال التقرير ان جميع السيناريوهات الحكومية تناست اقتراح بدائل دعم المواد البترولية التي تلتهم ميزانية الدعم، ورغم ذلك قررت الحكومة تطبيق السيناريو الخامس علي النحو التالي الالغاء الكلي للسلع الاقل تفضيلاً وعدم الاستجابة بأي درجة لتفضيلات المواطنين ووفقاً لذلك السيناريو استطاعت الحكومة توفير 23.7% أي ما يقرب من ربع الاجمالي المخصص لدعم السلع التموينية.