يعقد معهد كارنيجي للأبحاث مؤتمرا صحفيا بعد غد الثلاثاء بالعاصمة الأمريكيةواشنطن لإعلان نتائج وتوصيات أحدث تقاريره عن الشرق الأوسط الصادر بعنوان "الشرق الأوسط الجديد" ومن تأليف مجموعة من باحثي برنامج الشرق الأوسط بمعهد الأبحاث المعروف بتوجهه الليبرالي. ويؤكد التقرير _المكون من 40 صفحة_ أن سياسات الولاياتالمتحدة في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش أسهمت في بلورة شرق أوسط جديد يختلف كثيرا عما كان عليه الشرق الأوسط عام 2001، وهو ما يتماشي مع رغبة بوش وكبار مسئولي إدارته. ولكن التقرير يؤكد أن "الشرق الأوسط الجديد" أسوأ كثيرا من القديم بفعل عوامل عدة يأتي علي رأسها تصرفات الإدارة الأمريكية نفسها، التي يصفها التقرير عبر صفحاته بالصدامية وعدم الصبر والتخبط إضافة إلي عدم الوعي الدقيق بما يجري بالمنطقة وبنتائج السياسات المروجة أمريكيا، حيث يقول التقرير إن "محاولة إدارة بوش لتشكيل شرق أوسط جديد، مثلت عاملا كبيرا في صعود وقائع جديدة وشديدة الاستشكال". ويري التقرير أن الشرق الأوسط الجديد بات محملا بعدد كبير من المشاكل التي تعمق التحديات التي تواجهها سياسات ومصالح أمريكا بالمنطقة، وتدور تلك التحديات كما يصنفها التقرير حول ثلاثة محاور، أولها المحور العراقي-الإيراني الذي يمثل "تهديدا ملحوظا لأمن أمريكا" بسبب عدم استقرار العراق وانهيار التوازن القوي التقليدي بين العراق وإيران ما أدي لصعود نفوذ الأخيرة بشكل مقلق للدول العربية الخليجية. وثانيهما المحور السوري-اللبناني الذي يمثل نموذجا لعدم الاستقرار بالمنطقة وتداخل الإرادات الإقليمية والدولية بشكل متضارب، أما المحور الثالث فهو الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث يري التقرير أن تردي عملية السلام بشكل غير مسبوق في عهد الرئيس بوش أدي لتحول الصراع من مشكلة مزمنة إلي عائق كبير أمام تعاون نظم المنطقة بما في ذلك الصديقة منها مع الولاياتالمتحدة. هذا عدا مشاكل الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل وصعود الطائفية والتراجع عن أجندة نشر الديمقراطية بالشرق الأوسط. ويقدم التقرير في جزئه الأخير سلسلة من التوصيات لمستقبل السياسة الخارجية الأمريكية بالمنطقة، يعتليها رغبة بالتخلي عن السياسة التصادمية وتبني لغة الدبلوماسية والاحتواء والبحث عن موازين قوي إقليمية تسهم بتحقيق توازن الشرق الأوسط بعيدا عن الدور الأمريكي الفج الذي يثير سخط وغضب الكثير من أبناء المنطقة. وتعتري لهجة التقرير الليبرالية التي تميل إلي الدبلوماسية مسحة من الواقعية تدعو العرب إلي فهم أن "القيم والمصالح الأمريكية لا تتطابقان في جميع الأحيان"، خاصة عندما يتعلق بسياسة نشر الديمقراطية بالدول العربية، وهي سياسة يري التقرير أنها يجب أن تطبق علي المدي الطويل و"بصوت خافت" يتجنب صخب مبادرات بوش الرنانة والخاوية التي لم تسفر سوي عن إحراج أمريكا ومسانديها والقوي الديمقراطية بالمنطقة. ويعد مركز كارنيغي لأبحاث السلام الدولي أحد أهم مراكز الأبحاث الأمريكية ذات التوجه الليبرالي ويمتلك المركز برنامجا متناميا في دراسات الشرق الأوسط يعمل به باحثون من أصول عربية وأخري عربية أمريكية ساهم بعضهم في تأليف التقرير. ويأتي صدور التقرير مع أوائل العام 2008 كفرصة لأن يسهم التقرير في صياغة رؤي الحزب الديمقراطي والقوي الليبرالية بالولاياتالمتحدة لخطابهم المتعلق بالسياسة الخارجية في انتخابات نوفمبر المقبل ولمستقبل تلك السياسة بعد الانتخابات.