كان هناك تصوير لفيلم سينمائي وبه بعض اللقطات التي تتناول الحياة المدرسية فاختار المخرج مدرسة خاصة تجمع بين طلبة المرحلة الابتدائية والاعدادية واختار المخرج يوم السبت لتصوير هذه اللقطات لأنه يوم عطلة بالنسبة لهؤلاء التلاميذ ثم أكد المخرج علي هؤلاء التلاميذ وقال لهم إن أياً منهم يستطيع ان يأتي في هذا اليوم ليشاهد تصوير الفيلم أو ليشترك في تصويره وسيحصل علي ثلاثين جنيهاً إذ ظهر في أحد مشاهد الفيلم وما ان سمع مدرس اللغة العربية بهذه المدرسة ما قاله المخرج إلا وحذر تلاميذه علي الفور قائلاً التمثيل حرام ونقود التمثيل حرام فلا يذهب أحد منكم في يوم التصوير لا للمشاهدة ولا للمشاركة. هذا الفكر المنغلق من هذا المعلم يمثل في حقيقة الأمر انعكاساً من بعض فكر الاسلاميين المتشددين الذين حرموا كل شيء يحمل لفظ كلمة فن، ففن التمثيل حرام.. وفن الغناء حرام، وفن النحت حرام.. وفن التصوير حرام.. وفن الموسيقي حرام وفي فتوي سابقة للدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية أفتي فيها وقال إن بيع شرائط الكاسيت والتي تحمل أغاني حرام شرعاً خاصة إذا كانت المادة المسجلة تدعو إلي معصية موضحاً أن ذلك يعد كبيرة مثلها مثل تناول لحم الخنزير وشرب الخمر لقول الرسول صلي الله عليه وسلم ان الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه وأفتي رجل دين فقيه من المملكة العربية السعودية عندما استفتي في فن التمثيل هل هو حرام أم حلال؟ فأجاب قائلاً حرام لأن التمثيل لا يخلو من خلوة شرعية ولا يخلو من الكلام غير اللائق ويمكنك أن تقيس علي هذا أشياء كثيرة كارتداء الملابس وتسريحات الشعر ووضع الالوان والمساحيق علي الوجه ثم وقوف المرأة إلي جوار الرجل وكأنهما متلصقان تقريباً فهل الذي نراه من هؤلاء الممثلين والممثلات جائز شرعا فما رأيك ان أعيد التصوير مرة ثم مرات؟! وتتشابه الفتاوي السابقة مع غيرها من شيوخ وعلماء كبار من الأزهر ومن العالم الاسلامي فهم حرموا تقريبا كل شيء يحمل كلمة فن والآن دعونا نتساءل كيف سيبدو العالم العربي لو أن هذا التحريم دخل حيز التنفيذ وتم إلغاء كل ما يحمل كلمة فن فتم إلغاء المسرح والسينما ودار الأوبرا وغلقت المعاهد والكليات التي تدرس هذه الفنون كمعهد الموسيقي والسينما والمسرح وبعض التخصصات والشعب في كلية الفنون التطبيقية وغير ذلك من الكليات والمعاهد التي تدرس هذه الفنون إننا بذلك سنرجع مئات السنوات إلي الوراء وسنتخلف تماماً عن ركب الحضارة والعالم المتقدم. وأنا في اعتقادي أن هذا الموقف من الفن من رجال الدين إنما يعبر عن ضيق أفق وعدم قدرة علي استيعاب فلسلفة الفن ودوره الكبير في المجتمع. وفي النهاية أنا لا أخالف هؤلاء العلماء الكبار في فتواهم فلا يجوز لي ذلك ولا املكه ولكن في حقيقة الأمر ان كل ما سبق مجرد وعاء تستطيع أن تملأه وتضع فيه كل ما هو حلال وجميل ونظيف وتستطيع أيضا ان تملأه وتضع فيه كل ما هو حرام وفاحش وبذئ.