ينحسر الظلم كلما تحققت العدالة فتحقيق العدالة مطلب مهم يسهم في تنمية الانتماء، ويبعث الأمل في نفوس الشباب وهم أمل هذا الوطن. طالعتنا جريدة "أخبار اليوم" 28/7/2007 أن وزير العدل وضع ضوابط صارمة لمنع الكوسة في التعيينات، وأعاد "لواحد وأربعين" شابا من الخريجين حقهم بعد أن كانوا قد استبدلوهم، وهنا يعيد وزير العدل الحق لأصحابه، وكانت المحكمة الإدارية العليا "الأخبار" 25/7/2007 قد كشفت فساد التعيين في السلك القضائي بمجلس الدولة، حيث كانت الأخطاء في بعض التعيينات صححها حكم المحكمة، فتحقيق العدل واجب الدولة، ويتجرد له القضاء بنظامه الشامل المحيد، فالقضاء قبس من نور الحق قوامه العدالة المطلقة علي أساس المساواة بين المواطنين، وعدم التمييز بين الأفراد وفقا لمبدأ المواطنة الذي أقره الدستور. وكلنا يتذكر مقولة شارل ديجول حينما أراد أن يبني فرنسا الحديثة ووجد الفساد متفشيا، لكن أمله كان أن يبدأ بالقضاء والجامعة، فهل نبدأ نحن أيضا من خلال التربية في مدارسنا وجامعاتنا؟ أعتقد أن الأمل مازال موجودا إذ كنا مصرين علي بلوغ الهدف بالمصارحة والمكاشفة والحوار المثمر. لقد شاركت منذ أيام في برنامج عبر الفضائيات تناول "الواسطة والكوسة" في التعيين، وكانت هناك تقارير واستطلاعات للرأي عن التعيينات أقر فيها العديد من الشبان أنهم لجأوا إلي الواسطة، والعجيب أن القطاع الخاص أيضا لم يسلم من ذلك، علي الرغم من أنه يفترض أن صاحب العمل يريد الأكفأ أو من يحقق لمؤسسته الفائدة، لكن يبدو أن هناك حسابات أخري مثل تسهيل بعض الأمور والتبادلية المنفعية وخلافه، فتعيين فلان في الجهاز الفلاني من أجل... لكن الشيء المفزع أن يكون ذلك في لجان علمية ومؤسسات تربوية، فهناك رسالة د. رفعت غنيم التي أرسلها إلي وزير التعليم العالي "الأهرام" 23/7/2007 يحدثه عن اللجان الدائمة التي تشكلها لفحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لوظائف الأساتذة!! هذا الأمر يتردد كثيرا في العديد من الندوات واللقاءات والمؤتمرات والجلسات الخاصة والعامة، بخاصة حينما تشكل لجان التدريب أو غيرها فنجد الواسطة والمحسوبية ونأتي بفلان لأنه قريب فلان أو زوج فلان أو بنت علانة!! هذه الأمور كلها ليست فرضيات ولكن قلناها كثيرا وقالها أساتذتنا، اسألوا أصحاب الحظوة الذين دأبوا علي التكويش الوظيفي وعينوا في لجان عديدة ومناصب كثيرة، هل يستطيع الواحد منهم أن يقف أمام المرآة ليواجه نفسه، أعتقد أن منهم الكثير الذي وصل إلي حد التبجح والاستهانة بمصالح الآخرين وتعيينات المحتاجين، إن ما نشر في يوم 23/7/2007 وهو عيد الثورة يبين أنه مازال حزب "طظ" الذي أنشأه محجوب عبدالدايم له أذيال، فالرجل "مجازا" قد عين مديرا لمكتب وزير المعارف لأنه لم يخجل من مواقفه وفقا لرائعة المبدع نجيب محفوظ، وكما يقول سلامة أحمد سلامة إن مسئولية هذه الحالة المتردية لا تقع علي الموظفين الذين يكذبون بعلم رؤسائهم لأن الكذب والتزييف في البيانات أضحي من سمات أمثال محجوب عبدالدايم الذي لا يهمه إلا أن يحقق أهدافه "الأهرام" 26/7/2007.. إننا نريد لشبابنا أملا جديدا بعد أن توالت عليهم نكبات الثانوية العامة ومجاميعها، ويأس المتفوقون من التعيين في الجامعات بعد أن حصلوا علي الامتياز، إن أخي د. محمود عطية يشعر بالخجل والكسوف لأن ابنته قد حصلت علي 90% في الثانوية، هل نتصور أن 25% من الطلاب قد حصلوا علي أكثر من 90% ووفقا لرأي الخبراء أن هذه المجاميع ليست دليلا علي التفوق بقدر سوء طريقة التقويم "الأهرام" 26/7/2007 وتجد د. كريم عبدالرازق تتحدث عن مهزلة الثانوية العامة بكل المقاييس، ونجد التحقيقات مع طالبة جامعة عين شمس وتهديدها بالفصل لولا تدخل رئيس الجامعة الهمام مما حدا لرفعت فياض أن يوجه له التحية تحت عنوان: برافو الوزير ورئيس الجامعة.. "الأخبار" 21/7/2007 إذا كانت هذه الأيام القلائل التي حصرت فيها تلك المآسي في التربية مبعثها التخبط وسيطرة التكويش وبالكوسة المسبكة فكل الرجاء وأن نرجع لمقولة ديجول عن القضاء والجامعة لتعميق الانتماء.