حق الدفاع الذي هو من أقدس وأسمي الحقوق أصبح التحدث عنه في المجتمعات المتحضرة أمراً مسلماً به، أما في أوطاننا العربية فمازال الحماة والمدافعون عن حقوق الإنسان يجاهدون لاقتناص هذا الحق، فالمواجهات التي تحدث بين المحامين من جهة والقضاء والنيابة العامة والشرطة من جهة أخري في أمور تتعلق بحق الدفاع أمر يحتاج إلي وقفة للسؤال عن أسبابه هل السبب يرجع إلي عدم وضوح حقوق الدفاع في القوانين؟!! هل السبب يرجع إلي تجبر بعض الفئات من القضاء وأعضاء النيابة والشرطة؟!! هل تعتقد بعض الفئات أن الحصانة التي منحها القانون لها تجعلهم فوق القانون والمساءلة والحساب؟!! هل غياب الديمقراطية وانعدام المساءلة والحساب والشفافية في التعامل في مثل هذه القضايا، هي السبب؟!! تلك الأسئلة التي دارت في خلدي عندما سمعت وقرأت وعايشت وقائع تهجم لفظي وبدني وانتهاك لحقوق المحامين الذين يمثلون حق الدفاع سواء أمام القضاء أو الشرطة والنيابة وتحت يدي مستندات ووقائع صارخة لذلك، فإذا كان المحامي ممثل الدفاع عن المجتمع وخاصة المطحونين والمدعومين من هذا الشعب ينتهك حقه جهاراً نهاراً تحت حماية القانون ومن حماة القانون فماذا يفعل المواطن البسيط إذا حدث له انتهاك لحقوقه سواء أمام القضاء أو النيابة العامة أو الشرطة لمن يلجأ؟ أيتظلم من قاضي للقضاة أو من شرطة إلي جهاز الشرطة أو من عضو نيابة إلي النيابة العامة، وهل سيعاد له حقه المسلوب وهل تتم المحاسبة والسؤال بكل شفافية؟!! وهل أفعال صغار النفوس والعقل من حماة القانون والعدالة تسيء إلي أغلبية الشرفاء من القضاة والنيابة العامة والشرطة؟!! فالاعتداءات التي تقع علي المحامين الذين يمثلون العدالة وضمير الشعب المطحون بنار الفساد والديكتاتورية يمثل انتهاكاً صارخاً لأحكام الدستور الذي كفل حق الدفاع بالأصالة أو الوكالة م69 وكل الأعراف والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر واعتبرت جزءا لا يتجزأ من التشريع الداخلي وأحكام قانون المحاماة م49، 50، 51، 52، 53، 54 وتأجيج لمشاعر الغضب والاحتقان في المجتمع. وينذر بحدوث مشاحنات غير محمودة العواقب وتقويض لدعائم المجتمع وتفسخ أركانه. ونحن من جانبنا ندعو العقلاء من المعنيين بشئون العدالة في مصر المجلس الأعلي للقضاء، النائب العام، وزير العدل، وزير الداخلية، نقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني والمجلس القومي لحقوق الإنسان لوضع ميثاق شرف للعدالة ووضع قواعد وآليات عملية تنفذ علي أرض الواقع من شأنها كفالة حقوق وحريات المواطنين وصيانة حقوق الدفاع ضد الاعتداءات اللفظية والبدنية ودراسة أسباب تفسخ العلاقة بين المشتغلين بالعدالة في مصر ومحاولة إخماد نيران الصراع والمواجهات التي لا يحمد عقباها في ظل استمرار تدني الأوضاع الحقوقية في مصر. وأخيراً يقول أحد الصحابة واصفاً عمر بن الخطاب: - كان عالماً برعيته، عادلاً في قضيته، عارياً من الكبر، قبالاً للعذر، سهل الحجاب، مصون الباب، متحرياً للصواب، رئيفاً بالضعيف، غير محاب للقريب ولا جاف للغريب. ويقول الإمام محمد عبده: "من عرف الحق عز عليه أن يراه مهضوماً".