د. عبد الحليم قنديل: رئيس تحرير جريدة الكرامة المواطنون ليسوا كتلة واحدة حيث هناك فئة رجال الأعمال المستفيدين من طبيعة الأوضاع القائمة كما توجد أغلبية تعيش تحت خط الفقر محاولين التحليل علي الأوضاع القائمة بأمور ثلاثة: بداية من اختيار الانتحار كطريق سريع للخلاص من عذابات الحياة والامر الآخر يتمثل في تفشي ثقافة الفقر بين الناس وتم ترجمة ذلك عن طريق اتباع اسلوب ما يسمي بالاقتصاد العشوائي من تلقي معونات أو بيع المناديل أو التسول في الشوارع فضلا عن لجوء الالاف إلي اتخاذ المقابر سكنا دائما معلنين بذلك استغناءهم عن شروط الحياة الكريمة وصنف ثالث من المواطنين يدخل في مرحلة خطيرة حيث يفقد المواطن آدميته ويتحول لحالة حيوانية شرسة رافعا شعاره قانون الغابة هو الحكم، وما أكثر تلك الحالات في المناطق الفقيرة وما يترتب عليها من ارتكاب جرائم وأعمال بلطجة وآخرها قتل أطفال الشوارع وحالة الهوس الجنسي في وسط البلد. وبالطبع هؤلاء المواطنون أصابهم اليأس وسيطر عليهم الاحباط فهم لا يرون أي بارقة أمل في مستقبل أفضل يعطيهم إكسير الحياة مرة أخري فهم أقرب للموتي ولكن في عداد الاحياء فقد تفشت البطالة والفقر والعنوسة التي ارتفعت لتلاحق حوالي 13.5 مليون شاب وفتاة تخطوا سن الزواج فهي كلها تعد قنابل موقوتة قابلة للانفجار وتدمير المجتمع في أي لحظة وقديما أصاب الإمام علي بن أبي طالب حينما قال "الفقر في الوطن غربة" وهذا ما يتضح جليا علي سلوكيات وتصرفات المواطنين وميولهم للانحراف والسلبية والعنف لدرجة ان المبالغة في مظاهر التدين الحالية تعد اصدق دليل للهروب من الواقع الأليم. وأسوأ التصورات التي تلاحق شبابنا في ظل هذه الأزمات انه برغم كراهسيتنا الشديدة لإسرائيل إلا ان الظروف القاسية التي يحياها ملايين المصريين قد تقضي بتطلعات ما لا يقل عن 10 ملايين شاب مصري علي الأقل يحلمون بالهجرة إلي إسرائيل في حالة فتح الحدود فيما بيننا وهذا ليس حبا في إسرائيل وانما هروب من الظروف الطاحنة. بلا شك ان المجتمع حاليا يمر بمرحلة تحلل وتفسخ وفي نفس الوقت الحكومة لا تبحث عن خروج من الأزمة بقدر ما تتنصل من مسئولياتها وتلقي باللائمة علي المواطن المصري فقد أكد وزير المالية في أكثر من مناسبة ان المواطن المصري عنده مفتاح حل الأزمات وكأنه ينفي عن الحكومة عجزها وفشلها في توفير أبسط مقومات الحياة كما يفوته ان الأوضاع المتردية الحالية كرستها سياسات خاطئة وغير مدروسة من جانب الحكومة وفي النهاية يصبح المواطن هو الضحية. وكل المؤشرات تؤكد ان مصر علي حافة انفجار اجتماعي فقد أغلقت حتي أبواب العمل في الخارج لظروف الحروب والصراعات وخلافه فقد كانت تعد أحد الحلول المهمة للأزمة المصرية في أوقات سابقة. ولذا لم يعد أمام الناس أي بديل سوي التعبير بجرأة عن مشاكلهم واللجوء إلي العصيان المدني أسوة بلبنان الشقيقة من أجل استرداد الحقوق.