إذا لم تمت قضاءً وقدراً.. فأنت مرشح للموت اما في حادثة قطار أو أتوبيس أو ميكروباص أو عبارة وإذا كنت افضل حالا فإن موتك سيكون بأنفلونزا الطيور أو سلسلة الأمراض المتوطنة أو بالاغذية الفاسدة.. وان لم يكن هذا ولا ذاك فهناك سبب جديد للموت إذ يكفي ان تشرب كوب ماء وحيدا، وهو كاف بما يحمله من كوكتيل امراض ان يقصف عمر المواطن ان لم يكن فوراً فسيكون ذلك علي المدي البعيد. "نهضة مصر الاسبوعي" فتحت ملف الموت بالماء الملوث بعد سلسلة حوادث التسمم التي اجتاحت البلاد من شمالها إلي جنوبها خلال الشهر الماضي، وكانت الارقام مفزعة والحقائق مخيفة، فهناك 135 الف مواطن يصابون سنوياً بالفشل الكلوي والكبدي والسرطان نتيجة تجرع كئوس الموت المسماة "مياه"، و80% من محطات معالجة المياه في الدلتا انتهي عمرها الافتراضي، أما الصعيد فلا توجد به اساساً محطات لتنقية المياه، و1500 قرية صعيدية تصب صرفها الصحي في النيل مباشرة. كل التحاليل التي أجريت علي مياه الشرب اثبتت انها غير صالحة للاستخدام، اما بسبب احتوائها علي المبيدات الحشرية، أو المخلفات التي يلقي بها نحو 400 مصنع في النيل ويبلغ حجم هذه الملوثات نحو 550 مليار متر مكعب. هذه الكوارث والحقائق المفجعة حطمت ما تبقي من أطلال الثقة بين الحكومة والشعب، خاصة في ظل القناعة الكاملة لدي المواطنين بأن التقصير والتعتيم الحكومي هما السبب في كل البلاوي التي تلاحقهم، وبدا هذا واضحا في أزمة المياه الملوثة مثلما كان واضحا في أزمات أنفلونزا الطيور والعبارة السلام 98 وكوارث المواصلات المتلاحقة. في المقابل فإن وزارة الصحة تزعم أن مشكلة تلوث المياه انتهت تماما، وأن جميع العينات خالية من التلوث، بحجة أن الطلمبات الحبشية هي المسئولة حسب تأكيد وفاء السيد وكيل وزارة الصحة للمعامل المركزية. ويقول الدكتور عبدالقوي خليفة رئيس الشركة القابضة لشبكات المياه إن القضية برمتها بسيطة، لكن المصريين لديهم عيب كبير هو التهويل والتضخيم من أي أزمة. مركز حابي للحقوق البيئية يقول إن مصر تهدر 50% من المياه النقية بسبب الشبكات المتهالكة، ومركز الأرض لحقوق الإنسان يتهم الأحزاب بالاستغراق في صراعاتها وتجاهل القضايا التي تهم المواطنين، و"لجنة الأمناء علي صحة المواطن" التابعة لنقابة الأطباء تؤكد أن عام 2015 سيكون عام الفتك الشامل للمواطن المصري في جميع المجالات. جماعات حقوق الإنسان في غيبوبة من هذه الملفات المصيرية، فهي تصب كل تركيزها علي السياسة فقط، رغم االمقولة الشهيرة التي تقول "كوب الماء.. قبل الحرية".