سبق لاسرائيل أن وقعت مع حلف الناتو علي اتفاقية للتعاون المشترك فيما بينهما. وتُعتبر اسرائيل الدولة الوحيدة من خارج اوروبا التي تشترك مع الناتو بما يعرف ب"برامج التعاون المشتركة" التي تنظم أوجه التعاون في 27 مجالاً، بما في ذلك مواجهة الارهاب ونشر الاسلحة غير التقليدية، وحوارات وتبادل معلومات استخبارية وسياسية، وشئون عسكرية، بل أيضاً في الشئون المدنية (بحث وانقاذ). ان ارتقاء خطوة كهذه تفتح الطريق أمام تعزيز العلاقات التي تفرعت منذ العام الماضي والتي تجري قبل اسابيع قليلة من انعقاد قمة الناتو التي ستعقد في ريجا. ففي إطار تقوية وتعزيز العلاقات الاسرائيلية مع الناتو، زار اسرائيل العام الماضي سكرتير عام حلف الناتو، وحالياً يقوم نائبه بزيارة اخري. وفي العبارات التي وردت في احاديث النائب امام "الهيئة الاطلنطية الاسرائيلية" ركز علي أن الاتفاق الجديد يزيد ويعطي ابعاداً جديدة في العلاقات بين الناتو واسرائيل. ان تقدم هذه العلاقات يسير بشكل تدريجي ومتأنٍ من كلا الجانبين. ومع ذلك، فان الغاية والاسلوب معروفان: فقد عرضت اسرائيل في صلب الاتفاق الي تطلعها للوصول الي مرتبة عضو في الحلف. ويوجد لحلف الناتو طريقتان للوصول الي مكانة عضو في الحلف. عضوية ومشاركة. وان مجرد العضوية في الحلف هي دفاع مشترك متبادل. وفي الماضي كانت "المشاركة" عبارة عن "محطة انتقال" الي العضوية الكاملة. ولكن السؤال الذي يطرح الآن هو: هل تطلع اسرائيل الي المشاركة هو عبارة عن "محطة أخيرة" ام أنها مجرد "محطة انتقالية" سيأتي بعدها ما تصبو اليه اسرائيل، وهو العضوية الكاملة في حلف الناتو؟ ان الاجابة عن ذلك تكمن في فهم جدوي مثل هذا الحلف الدفاعي. ويمكن لنا أن نحصل علي مثل هذا الحلف وبشكل واضح ومن جانب واحد مع الولاياتالمتحدة، او بشكل غير مباشر، او علي اطار متعدد الجوانب مع الناتو. وثمة علامات تخبط إسرائيليية واضحة تظهر بشأن مثل هذه الخيارات، ذلك ان الحلف الدفاعي المتبادل لا تزيد حسناته عن سيئاته، مثل علي سبيل المثال حرية الحركة. ان عضوية اسرائيلية في حلف الناتو تخفي بداخلها ضمانات امريكية دفاعية عنها، وهذا ما يزيد في ايجابيات اتفاق دفاع ثنائي الجانب مع الولاياتالمتحدة. يوجد في الولاياتالمتحدة من يعتقدون بان النموذج الذي يعتبر جيداً لاسرائيل ان تطلع اليه هو النموذج المتداخل في العلاقات الخاصة بين بريطانيا والولاياتالمتحدة. فكلتاهما لهما علاقات تحالف خاصة تنبع من عضويتهما في حلف الناتو، والي جانب ذلك، فان علاقاتهما الخاصة يتم ترتيبها وفق اتفاقيات تفاهم مختلفة. يمكن لاسرائيل ان تركز في جهودها من اجل التوصل لاتفاق دفاع مع الولاياتالمتحدة فقط، بل ربما يجب التوصل الي ذلك بالسرعة البالغة، وذلك من خلال استغلال مدي العلاقات الجيدة مع اسرائيل بفضل نظام بوش المؤيد جدا لها. وفي المقابل، وعلي مجرد الحديث عن مدي ضرورة والحاح مثل هذه العملية، فانه يمكن التنازل عن عضوية محتملة في حلف الناتو من جهة، ومن حلف دفاعي خاص محتمل التوصل اليه مع الولاياتالمتحدة. فاذا توصلت اسرائيل الي نتيجة تقول بان حلفا دفاعيا، يتم في اطار حلف الناتو، او علي نحو مباشر ودون التفاف مع الولاياتالمتحدة، فانها ستزيد اليها (لقوتها) بُعداً جديداً للردع الخارجي، وذلك اضافة وأبعد من البعد الردعي الخاص بها حالياً، . في جميع الاحوال، فان هذا الامر سيكون مرتبطا مع الجهود التي تستهدف التغلب علي جميع العقبات وكل المعارضة امام ذلك الاجراء. ولهذا، فان اسرائيل بحاجة ماسة الي سياسة فعالة، وسياسة جدية وجهود حثيثة ومتطورة للغاية، التي يمكن بواسطتها ان تظهر مدي قدراتها وامكانياتها لبلوغ مثل هذا الهدف. واذا ما اتضح ان مثل هذه الاهداف ليست من نوع الاهداف التي يمكن لاسرائيل ان تحققها، أو انه لاسبابها الخاصة سوف تختار اسرائيل أياً من العلاقات، ومن ثم أي من الاهداف تريد تحقيقها، والوصول اليها، وعلي أي مستوي تريد لهذه العلاقات ان تصل وتتوقف دون المزيد من التقدم. ولذلك، فان كل ما لدي اسرائيل لان تفعله الآن، هو بذل الجهود اللازمة التي يمكنها بها ان تصل علي الاقل الي المستوي الذي تريده من هذه العلاقات والتعاون المشترك الذي يمكن تحقيقه فقط من خلال استغلال كل فرصة ممكنة وكل امكانية متاحة، سواء كان ذلك مع الناتو، بفضل الاتفاقية الجديدة للتعاون، او بفضل العلاقات الخاصة مع الولاياتالمتحدة.