تتفق الآراء علي أن الحملة التي قام بها الرئيس بوش مؤخراً بشأن الحرب علي الإرهاب قد أدت إلي تعزيز كفة المرشحين الجمهوريين الذين سيخوضون انتخابات التجديد النصفي للكونجرس خلال الخريف الحالي، ولكن كافة المؤشرات الأخري تشير إلي عكس ذلك. ففي آخر مسح استخباراتي بشأن الحرب علي الإرهاب تبين أن "العواطف المعادية للولايات المتحدة تتزايد باستمرار كما أنها تعمل كوقود لظهور إيديولوجيات راديكالية أخري". ومن بين الأسباب التي أدت لذلك عدم النجاح في تحقيق الاستقرار في العراق وإحلال السلام فيه، وهو ما يعني ضمناً أن أمريكا تخسر حربها في ذلك البلد. بمعني من المعاني يمكن القول إن الجيش الأمريكي كما يبدو واضحاً يخسر الحرب بالفعل. فهو يعاني من نقص في القوي البشرية والمعدات أكثر من ذلك الذي كان يعاني منه عندما قام بغزو العراق عام 2003. فالفرقة الثالثة مشاة التي قادت عملية غزو بغداد، والتي خدمت مدتي خدمة في العراق تلقت تعليمات مؤخراً بالاستعداد للذهاب إلي العراق لمدة خدمة ثالثة (كما تم إعلامها بضرورة الاستعداد للذهاب إلي كوريا الشمالية إذا ما انفجر صراع هناك). لقد أرادت إدارة بوش أن تخوض الحرب بتكاليف زهيدة، ولم ترد أن تطالب الشعب الأمريكي بتقديم التضحيات مثل دفع المزيد من الضرائب.. بل إنها قامت بعكس ذلك عندما قاتلت في الكونجرس كي تبقي الضرائب منخفضة، وهو ما جعل نسبة الواحد في المئة من الأمريكيين الأكثر ثراء تزداد ثراء في حين لم نسمع أية أحاديث عن ترشيد الإنفاق كما لم يكن هناك بالتأكيد أية أحاديث عن تطبيق نظام القرعة أو التجنيد الإجباري لتزويد الجيش بالمزيد من القوة البشرية. قال بوش إنه إذا ما طالبه الجنرالات المسئولون في العراق بالمزيد من القوات فسيوفرها لهم.. ولكن الشيء الذي غاب عن بوش هو أن إصدار الأوامر بإرسال المزيد من القوات يختلف عن وضع هذه القوات علي الأرض بعد أن تكون قد تدربت تدريباً جيداً وتم تزويدها بالمعدات اللازمة. وسياسات بوش لم تؤد فقط إلي إضعاف جيش الولاياتالمتحدة ولكنها أدت كذلك إلي إضعاف اقتصادها. في مقابلة متلفزة الشهر الماضي قال نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني إن هؤلاء الذين ينتقدون الحرب علي العراق يشجعون الإرهابيين، وهو قول مشابه لقول أدلي به الرئيس الأسبق جونسون إبان حرب فيتنام. وفي هذه المقابلة نفسها قال تشيني إن إدارة بوش كانت "ستقوم بنفس ما قامت به في العراق" حتي إذا ما كان قد تبين لها قبل الغزو أنه يخلو من وجود أسلحة للدمار الشامل. طالما أن الأمر كذلك.. فما هو السبب في كل هذه الضجة التي أثارتها الولاياتالمتحدة حول أسلحة الدمار الشامل؟ وهل كان كل الهدف من الحرب هو التخلص من صدام حسين؟ وهل سيتم إخبارنا في المستقبل أنه لم يكن مهماً أن تحوز إيران علي أسلحة نووية أم لا لأن الهدف المطلوب كان هو التخلص من الرئيس الإيراني؟ لقد دأب بوش علي ترديد عبارة "إن العالم أفضل كثيراً بدون صدام حسين" كما لو كانت هذه العبارة قد تحولت إلي قول مأثور.. إن ورود مثل هذا القول علي لسان رئيس الولاياتالمتحدة يعني أن وجود ذلك الرجل أو عدم وجوده سيؤثر علي أحوال العالم وهو قول يبالغ في إضفاء القوة والنفوذ علي ذلك الديكتاتور المدعي. علاوة علي ذلك فإننا لو أخذنا في الاعتبار ما حدث في العراق منذ الغزو الأمريكي فإننا يجب ألا نندهش إذا ما وجدنا الكثيرين من العراقيين يقولون لنا عما قريب إن العراق كان أفضل كثيراً مما هو عليه اليوم. وهناك سؤال آخر يلي هذه الأسئلة: هل الحرب الحالية في العراق ستترك الولاياتالمتحدة أكثر قوة أم أكثر ضعفاً، أكثر نفوذاً واحتراماً أم أقل، مما كانت عليه قبل الحادي عشر من سبتمبر؟ إن بوش يتحدث عن نشر الديمقراطية، في حين أن الحقيقة هي أنه يقوم من خلال هجومه علي وثيقة الحقوق في دستورنا بإضعافها. عن "وجهات نظر"