تطورات مهمة بل وفي غاية الاهمية جرت علي الساحة الامريكية خلال الاسبوع وكلها تشير الي فشل الرئيس الامريكي جورج بوش وادارته من المحافظين الجدد في حروبه ضد الارهاب. وجاء في مقدمة هذه التطورات نشر التقرير المحظور الذي كان قد اعدته لجنة المخابرات بالكونجرس الامريكي بالاشتراك مع 16 لجنة امنية وبحثية منذ ابريل الماضي وبالرغم من ان ما نشر من التقرير لا يزيد علي 3 صفحات من اصل 30 صفحة، الا ان ذلك كان له صدي واسع امريكيا واوروبيا وعالميا. والتقرير الذي يعمل الديمقراطيون من اجل نشره بالكامل يتناول سياسة ادارة الرئيس بوش في محاربة الارهاب والحرب التي دخل فيها في كل من افغانستان والعراق ويصل الي نتيجة مؤلمة يقول فيها ان الحرب ضد العراق اعطت للارهاب ارضا اوسع كما تزايد دوره ومواقعه الجغرافية. ويستمد التقرير خطورته وفي ذلك الوقت الذي تنخفض فيه شعبية الرئيس الامريكي الي اقصي درجات التدني والتي تأزم الوضع العسكري والامني في كل من العراق وافغانستان، كما انه يأتي قبل اسابيع قليلة من معركة انتخاب نصف اعضاء الكونجرس مع وجود دلائل قوية بان الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه المحافظون الجدد قد بفقد اغلبيته في المجلسين "الشيوخ والنواب". ويؤكد هذا التقرير الذي كان من المفروض ان ينشر منذ شهرين ان حرب العراق اعطت فرصة واسعة للجهاديين الارهابيين ونجحت في تنمية اتجاهات قوية في العالم الاسلامي ضد سياسات الولاياتالمتحدة ووسعت من قاعدة المساندين والمؤيدين الجهاديين كما اشار التقرير الي نقطة حساسة اثارت قلق الامريكيين وهي ان المخاطر تجددت بامكانية قيام الجهادن باعمال ارهابية داخل الولاياتالمتحدة نفسها. وبرغم الحظر المستمر علي اجزاء كبيرة من التقرير الا ان ما نشر منه يذهب الي انه مع استمرار السياسات الامريكية علي وضعها الحالي فانه من المتوقع ان تزداد قوة وتأثير التنظيمات الارهابية خلال السنوات الخمس القادمة. واهتم التقرير بشكل خاص بكيف وصل المد الجهادي الارهابي الي قطاعات من شباب المسلمين في المهجر خاصة في اوروبا مشيرا بشكل خاص الي ما جري من نسف القطارات في مدريد واسبانيا ومترو الانفاق في لندن، كذلك الخلايا الجديدة التي اكتشفت مؤخرا في بريطانيا والمانيا وكانت تنوي نسف طائرات بريطانية متجهه الي الولاياتالمتحدة وقد شارك في هذه الاعمال اجيال شابة تحمل الجنسيات الاوروبية. اشعل التقرير حملة واسعة تكشف خطايا الادارة الامريكية المحافظة امريكيا وعالميا واعتبره اعضاء الحزب الديمقراطي الامريكي وثيقة تكشف زيف وخداع سياسات الرئيس الذي كان قد اعلن بان الحرب علي العراق ستجعل الولاياتالمتحدة اكثر امنا بينما اثبتت الاحداث العكس تماما ويركز الديمقراطيون علي هذه القضية بالذات المتعلقة بالامن والتي كانت بمثابة ورقة رابحة في ايدي الحزب الجمهوري الحاكم. وكشف الدوائر الاعلامية الامريكية عن ان التقرير الذي يقع في 30 صفحة يناقش الاسباب التي ادت الي توسيع قاعدة الجهاد والارهاب الي اربعة عوامل يأتي علي رأسها حرب العراق والمظالم التاريخية وبطء بل وانعدام حركة الاصلاح السياسي والاجتماعي في الانشطة القائمة في الشرق الاوسط كذلك تزايد المشاعر المعادية للولايات المتحدة كقوة كبري تحاول فرض ارادتها بالقوة.. وقد حاول الرئيس الامريكي في حملة مضادة ان يستغل لقاءه في الاسبوع الماضي بالرئيس الباكستاني برويز مشرف والرئيس الافغاني حامد كيرازاي في استعراض لمنجزاته وقوة وتأثير الدور الامريكي في محاربة الارهاب في المنطقة وبناء تحالف قوي مع النظم الصديقة ولكن الظروف والملابسات مختلفة ايضا وتلقي صفعات متتالية في هذا المجال.. وكانت الصفعة الاولي تتمثل في تصريحات ادلي بها الرئيس الباكستاني برويز مشرف قال فيها ان نائب وزير الدفاع الامريكي قد وجه اليه انذارا شديد اللهجة بضرورة ان تتعاون باكستان وبشكل كامل مع الولاياتالمتحدة في محاربة تنظيمات طالبان والقاعدة والا فان الولاياتالمتحدة يمكن ان تحول باكستان الي العصر الحجري. اما الانتكاسة الثانية فقد عكست نفسها في القرار الذي اتخذه مجلس قيادة حلف الاطلنطي في اجتماع له في الاسبوع الماضي بان تنتقل قيادة قوات التحالف في افغانستان الي قيادة الحلف بشكل مباشر الامر الذي يعني سحب الثقة من القيادة الامريكية هناك خاصة بعد ان تزايدت اعمال المقاومة وعودة قوات طالبان وبقوة الي الساحة الافغانية. وقرار اسناد القيادة في افغانستان الي حلف الاطلنطي واخضاع حوالي 7 آلاف جندي امريكي الي قيادة غير امريكية هو اجراء غير مسبوق كانت ترفضه الولاياتالمتحدة دائما حتي اثناء اشتراكها في الحرب العالمية الثانية ووجود قواتها علي الاراضي الاوروبية حيث كانت القيادة العسكرية الامريكية ترفض الانضمام الي القوات الانجليزية او الي اي قوات اخري من قوات الحلفاء وكان شعار الجنرال الامريكي داويت آيزنهاور هو التنسيق الايجابي بين الخطط والقيادات العسكرية. وهكذا تلقت سياسة المحافظين الجدد في واشنطن ضربتين موجعتين في اسبوع واحد سحبتا ارضية الثقة التي كانت تنطلق منها هذه الادارة في حروبها في افغانستان والعراق وتحت دعوي ان هذه الحروب تجعل الولاياتالمتحدة اكثر امانا واستقرارا وربما كان ذلك وراء الرسالة الاخيرة التي وجهها الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، ايمن الظواهري والتي وصفت فيها الرئيس جورج بوش بانه كذاب ومخادع. لقد وصفت النائبة نانسي بيلوسي زعيمة المجموعة الديمقراطية في مجلس النواب الامريكي تقرير لجنة المخابرات بانه اسوأ كابوس واجه ادارة الرئيس بوش وتجيء انتخابات الكونجرس في الاسابيع القادمة لتمثل استفتاء امريكيا علي الرئيس بوش وسياساته وجماعته من المحافظين الجدد الذين نجحوا في ان يجعلوا امريكا والعالم كله اسوأ مما كان عليه قبل ان يحتلوا البيت الابيض واقل امانا.