لم تعد تفصلنا عن الانتخابات النصفية المقررة لشهر نوفمبر سوي أقل من ستة أسابيع، وما زال الديمقراطيون متقدمين في استطلاعات الرأي علي ما يبدو. غير أن عدداً من الأسئلة يفرض نفسه في هذا السياق بخصوص ما إن كان ذاك التقدم كبيراً بما يكفي لمنح الديمقراطيين السيطرة علي أحد مجلسي الكونجرس أو كليهما. فمن أجل الفوز بالأغلبية في أحد المجلسين أو كليهما، سيتعين علي الديمقراطيين انتزاع 15 مقعداً في مجلس النواب أو ستة مقاعد في مجلس الشيوخ من الجمهوريين... مهمة صعبة ولكن ليست بالمستحيلة نظراً لأن ما يميز سباقات هذا العام الانتخابية هو ترشيح جمهوريين ضعفاء. ذلك أن 30 من أكثر السباقات احتداماً إلي الكونجرس تعرف ترشيح 27 جمهورياً ضعيفاً. كما أن ستة من أكثر سباقات مجلس الشيوخ احتداماً تعرف هي الأخري مشاركة جمهوريين ضعفاء. قبل بضعة أشهر فقط، كان عدد من المحللين يتوقعون فوزاً سهلاً للديمقراطيين في السابع من نوفمبر؛ حيث بدا أنه بمتناول الديمقراطيين الفوز بولاية وطنية نظراً لتدني شعبية الرئيس جورج بوش ومشاكل الفساد التي تورط فيها عدد من زعماء الكونجرس الجمهوريين. ذلك أن حرب العراق وفشل الحكومة الفدرالية في إدارة كارثة كاترينا، هزا ثقة الناخبين كثيراً في كل من البيت الأبيض والزعامة الجمهورية التي دعمت سياساته. غير أن العديد من الديمقراطيين كانوا يعلمون أن الوضع لن يبقي علي حاله لفترة طويلة، خصوصاً وأن الجمهوريين لم يخف مخططهم لاستحقاق نوفمبر. فعلي غرار 2002 و2004، أعلن الجمهوريون عن نيتهم التركيز في هذه الانتخابات علي الأمن القومي و"حربهم علي الإرهاب"، واثقين من أن هذا الموضوع سيلقي صدي له في أوساط الناخبين، لمحو التقدم الذي حققه الديمقراطيون. وهكذا خاض البيت الأبيض حملة خلال الأسابيع القليلة الماضية بهدف إعادة التركيز علي موضوعي الحرب في العراق والإرهاب في الانتخابات؛ حيث عمل الرئيس بوش في سلسلة من خطاباته علي تصنيف هذين الموضوعين ضمن خانة الأولويات الوطنية. وفي الوقت نفسه، تمكن البيت الأبيض والجمهوريون من العمل علي أن يطغي النقاش حول المقترح المثير للجدل بشأن التعاطي مع "المقاتلين الأعداء" علي الأيام الختامية لدورة الكونجرس. ونتيجة لذلك، عاد العراق والأمن القومي ليطغيا علي النقاش العمومي بإيعاز من الجمهوريين، وهو ما يخدم مصلحة الإدارة الحالية، ليس لأن أداءها بخصوص هذه المواضيع كلل بالنجاح الباهر (تقرير الاستخبارات الوطنية المسرب والذي أشار إلي أن حرب العراق تؤدي إلي تضاعف التهديدات الإرهابية)، وإنما لأن هذه المواضيع هي التي "تثير" الناخبين الجمهوريين. والواقع أن استطلاعات الرأي الأخيرة تعكس هذا الأمر بجلاء. فصحيح أن معدلات تأييد الرئيس عموماً لم ترتفع إلا قليلاً، غير أن شعبيته في أوساط الناخبين الجمهوريين هي اليوم أكثر صلابة مما كانت عليه قبل نحو عام. والواقع أن أولئك هم الناخبون الذين سيسعي الجمهوريون إلي إخراجهم إلي صناديق الاقتراع في نوفمبر المقبل. ومع ذلك، فالواقع أن الديمقراطيين مازالوا محافظين علي تقدمهم. غير أن العديد من المراقبين يعتقدون أن تقدمهم قد يكون أكبر لو أنهم عملوا علي تقديم انتخابات نوفمبر علي أنها استحقاق رئيسي للحكم علي إدارة فاشلة. غير أن فرصة سجال وطني كانت تتطلب تحدياً ديمقراطياً قوياً لسياسات الرئيس الفاشلة. والواقع أن شيئاً من ذلك لم يحدث. ما هو غامض إلي هذه اللحظة هو ما إن كان سيبقي بالإمكان حدوث هذا السجال الوطني. هل مازال ثمة غضب شعبي كاف من الجمهوريين، استياء كاف من رئاسة بوش إلي درجة تدفع الناخبين بمفردهم إلي اتخاذ قرار تغيير الاتجاه؟ رغم أنها ليست فكرة جيدة أن يعول المرء علي التلقائية لتحديد نتيجة أحد الاستحقاقات الانتخابية، غير أنها قد تكون كذلك مع الجمهوريين في ظل موجة استياء الناخبين. ولكن إن حدث هذا بالفعل، فسيكون لأن الناخبين توصلوا إلي ذلك بمفردهم ويأملون أن يحدث الديمقراطيون الفرق.