الشرق الأوسط الجديد الذي دعت الي قيامه وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، هل يولد في خضم هدير المدافع الاسرائيلية في لبنان وفي ظل فشل المشروع الأمريكي في العراق؟ المشهد الثاني في الشرق الأوسط الجديد يتمحور حول إعادة تقسيم العالم العربي محور للخير ومحور للشر فبدلا من التغيير الكامل والشامل دفعة واحدة يجيء المشروع هذه المرة قاضيا بعزل كل من توسوس له نفسه الخروج عن الدرب الأمريكي. وإذا كان الحديث قد علا في الآونة الأخيرة عن سايكس بيكو ثانية لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ فان ما أوردته صحيفة القوات المسلحة الأمريكية في عدد شهر يوليو الماضي تحت عنوان "حدود الدم" يؤكد علي النوايا الأمريكية لتقسيم المزيد من دول العالم العربي تقسيما يتسق وشهوة قلب واشنطن ويجعل التساؤل ماذا تريد أمريكا من العرب عامة والمسلمين خاصة في هذه المنطقة ؟ يقول الضابط الأمريكي السابق رالف بيترز في مقاله إن الصراعات الشرق أوسطية والتوتر الدائم في المنطقة العربية نتيجة منطقية لخلل كبير في الحدود الاعتباطية الحالية التي وضعها حسب تعبيره الأوربيون الانتهازيون . ولأن الولاياتالمتحدة هي المكلفة من قبل العناية الإلهية بإعادة تصويب أخطاء البشر والتي ترقي إلي مستوي ألخطايا فانه لابد من خريطة جديدة تضع حدودا نهائية للصراعات الجغرافية والبشرية وبكل تأكيد وتحديد لابد وان تقوم الجهات الأمريكية المعنية بإعادة رسم تلك الخريطة والتي تتحدث بداية عن الحدود بين العرب واليهود والتي هي في تقديره ليست صراعات علي الوجود بل هي خلافات علي الحدود وطالما بقيت الأخيرة علي حالها ستبقي الصراعات المسلحة مشتعلة . ويري بيترز أن العراق كان يعد خير نموذج بعد سقوطه علي إمكانية هذا التقسيم من خلال القول بدولة شيعية في الجنوب وسنية في الوسط وكردية في الشمال ويقترب من المملكة العربية السعودية فيرفض ما يسميه حالة الركود الجغرافي ويري انه لا يجوز أن تبقي مكة والمدينة تحت سيطرة الدولة البوليسية علي حد تعبيره لواحد من أكثر أنظمة العالم تعصبا وقمعا ولذلك يقترح وضع مكة والمدينة تحت سلطة دينية خاصة أسوة بالفاتيكان ويقترح إلحاق آبار النفط السعودية الساحلية بالدولة الشيعية خاصة وان هذه مناطق شيعية وإلحاق جنوب شرق السعودية باليمن والجزء الشمالي بالأردن وهكذا يتم حصر السعوديين الحاليين في الرياض والمناطق المحيطة بها . فيما إيران سيكون نصيبها خسارة بعض أجزاء من أراضيها لصالح جمهوريات أذربيجان وكردستان من جهة والحصول علي منطقة هيرات من أفغانستان من جهة ثانية فيما الإمارات سيقتطع جزء منها للدولة الشيعية الجديدة التي ستنشأ خصيصا لمواجهة إيران . ورغم أن الكثيرين قد يذهبوا إلي أن ما يقول به رالف بيترز ليس أضغاث أحلام إلا أن التجارب السابقة تشير إلي أن ما يجري في مراكز الأبحاث الأمريكية من أفكار طوباوية ويوتوبية اليوم ربما يصبح واقع حال في المستقبل وليس أدل علي ذلك من أن وثيقة القرن الأمريكي التي تسعي إدارة بوش لإدراكها اليوم هي نتاج لعمل استغرق عقد التسعينات بأكمله من قبل المحافظين الجدد . أما المحصلة النهائية والنتيجة الختامية لأطروحة رالف فهي انه ما لم يحدث تصويب للحدود في الشرق الأوسط الجديد بشكل تتفق فيه هذه الحدود مع الروابط الطبيعية للدم والدين فسوف يكون هناك مزيد من سفك الدماء في المنطقة فهل يفهم من هذا أننا بصدد رؤية مفزعة جديدة من الرؤي الأمريكية التي تشبه كوابيس الليل واحلام يقظة النهار؟ فشل ما قبل آلام المخاض والمؤكد أن المسطح المتاح للكتابة يضيق عن السرد الشافي الوافي لأبعاد هذه الأطروحة الجديدة غير أننا نحاول وبدون اختصار مخل أن نتوقف علي مستقبل ما طرحته رايس وحظوظه من الفشل أو النجاح وايهما اقرب إليه ؟