لا تزال "روسية" زين الدين زيدان معشوق الجماهير الفرنسية التي وجهها الي اللاعب ماتيراتيزي مدافع المنتخب الايطالي تتصدر قائمة اهتمامات المهتمين بالساحرة المستديرة في جميع انحاء العالم واصبحت هذه الروسية الحدث الابرز خلال النسخة الثامنة عشرة من نهائيات كأس العالم فلن يتذكر احد هذه البطولة دون ان يذكر روسية زيزو وما اثارته من جدل علي الصعيد الرياضي والسياسي. بالاضافة الي التعليقات التي لا حصر لها من الصحافة العالمية ومشاهير اللعبة والتي حاولوا من خلالها توضيح الامر والوصول الي اجابة ترضي المتعطشين الي فهم ما الذي ادي الي تصعيد الموقف بين اللاعبين خلال نهائي بطولة بمثل هذا الحجم. زيدان وماتيراتيزي يمثلان اليوم امام اللجنة التأديبية بالفيفا لمحاسبة كل منهما علي اتهامات الآخر حيث تقدم زيدان ان بمذكرة شرح فيها الاسباب التي دعته الي هذا التصرف ضد هذا اللاعب الايطالي، وسوف يعاقب اللاعبان حسب ما تراه اللجنة التأديبية حيث اوضحت التحقيقات الاولية ان الذنب علي الاثنين عندما يقف الاثنان في قفص الاتهام بالفيفا. الا ان الشيء المؤكد ان اللاعب الايطالي عنيد في الشغب واجرام الملاعب وله سوابق عديدة وان احتمالات استفزازه للنجم الفرنسي مؤكدة وعلي العكس فان زيدان لاعب خلوق وملتزم، ولكنه وقع في شر اعماله في نهائي المونديال الاخير. وقد سامحت فرنسا نجمها حيث اظهر استطلاع للرأي فيها علي غفران 61% من الجمهور لما فعله زيزو و52% منهم يتفهمون ردة فعله لكن الصحف الاوروبية لم تقتنع بما صرح به زيدان لانها ببساطة لم تعرف الجمل بالتحديد. صحيفة "اكسبريسيون اليومية السويدية كتبت بالقلم العريض زيدان يستمر في حماية ماتيراتيزي لانه لم يصرح بفحوي الاهانة واضافت قائلة: "وعدنا زيدان بالافصاح عن كل شيء لكنه رفض تكرار الكلمات التي قالها ماتيراتيزي". وصحيفة تايشبيجل اليومية الالمانية قالت: "قدم زيدان تبريره لما حصل لكنه لم يقل بصراحة الكلمات الجارحة التي قالها ماتيراتيزي "اما صحيفة زيتونج الصادرة في برلين فقالت ان "كابتن الديوك السابق ادرك علي الملعب كيف يساند الدفاع والهجوم في فريق". علي الجانب الاخر من المشهد الصحفي قالت "لاستامبا الايطالية" "اهانة طالت شرف الام او الاخت يمكن ان تفقد كاوبوي من ويسكونسن صوابه لكنها يجب ألا تفعل ذلك ببطل ذي تاريخ عريض معتاد علي سماع الاثارات الكلامية للمدافعين وهي احدي الحيل التي يلجأون اليها لمضايقة الخصم". لا جازيتا ديلو سبورت الايطالية تناولت الموضوع بالقول: "قضية زيدان وماتيراتيزي شغلت الدنيا واقوالهما في اخر المطاف تطابقت. لم يكن شيئا متعلقا بالعنصرية ولا بالارهاب. اعتذر زيدان لكنه لم يبد ندمه وماتيراتيزي" ليس بحاجة للاعتذار وربما يعتدر يوما. اما "لوكويري ديلا سيرا" فقالت: "تغيرت الادوار في هذا الصراع: الامير الكبير لكرة القدم ضرب برأسه، واللاعب الاقل شأنا والاكثر وشما وذو التاريخ المشوب بالاعتداءات نجح في استثارته كأنه زعيم عصابة والناس كلها تعرف هذه الحقيقة". وذهبت الصحيفة السويدية "افتونبلاديت" الي استشارة المعالج النفسي فيلسترويم الذي اقترح عرض زيدان لنفسه علي الطبيب النفسي واضاف قائلا: "لا اعتقد ان زيدان سيفصح يوما ما عما قاله ماتيراتيزي بالضبط لانها امور عائلية لا يطلع عليها الا المقربون جدا، وعلي اية حال يجب عليه عرض نفسه علي معالج نفسي". وأوردت الصحيفة نفسها محصلة استطلاع للرأي جاء فيها ان 68% يصدقون زيدان و10.2% فقط يصدقون رواية ماتيراتيزي. وانتهت التايمز اللندنية والصحف الفرنسية الي القول "سيبقي زيدان بطلا في عيون مشجعيه وفي عيون فلاسفة الكرة". ماذا قال نجوم الكرة؟ فرانز بيكنباور -رئيس اللجنة المنظمة لكأس عالم 2006 وبطل العالم عام 1974 لاعبا و1990 مدربا: "لم يكن مقبولا ان يحدث هذا لنجم مثل زيدان لانه لاعب يجيد التركيز علي لعبته ولم يؤذ احدا في حياته، لابد ان ماتيراتيزي قال له عبارة لم يستطع تحملها. ولا شك ان البطاقة الحمراء اضعفت فريقه لاننا ندرك جيدا شعور الفرنسيين اذا لم يروا قائدهم معهم علي ارض الملعب. من المؤسف ألا نراه يلعب مجددا. اذا اراد الانضمام لبايرن ميونيخ فالأذرع مفتوحة لاستقباله". بول بريتنر "بطل العالم عام 1974 وبطل المباراة النهائية عام 1982" : "نعرف ان زيدان ليس فقط لاعبا متألقا، بل هناك جانب عصبي في شخصيته، وقد اثبت لنا ذلك في المباراة النهائية. ديكو - نجم البرتغال: "انا حزين لما حدث وزيدان يستحق مباراة وداع اجمل". كافو - كابتن البرازيل: "صورة المباراة النهائية لن تكون الصورة العالقة في الاذهان لزيزو واعتقد انه استحق جائزة افضل لاعب بجدارة وانه حصل عليها خصيصا لادائه الرائع في مباراة اقصائنا من البطولة". رونالدو -المهاجم البرازيلي وزميل زيدان في ريال مدريد: "فوجئت بما فعل زيدان لاني اعرفه جيدا واعتقد ان الكلام الذي سمعه علي درجة كبيرة من الخطورة دفعته لردة الفعل هذه". الن بول - بطل كأس العالم 1966 مع انجلترا ومحلل في الديلي تليجراف اللندنية حاليا: "لا بد ان صمود زيدان المعنوي قد انهار تماما في ذلك اليوم وربما سيندم علي جنون الخمس ثوان حتي نهاية عمره ؛ لان الناس لن تتذكره لاعبا كبيرا، بل عنيفا امام خصمه في المونديال". زدينيك زيمان - المدرب السابق لاندية لاتسيو وروما وليتشي: "زيدان كان ضحية الاستفزاز وهذا امر وارد الحدوث كثيرا في مباريات الدوري الممتاز الايطالي للأسف. في ايطاليا لم يكمل اغلب اللاعبين تعليمهم وثقافتهم، زيدان لم يصبه الجنون في لحظة ما. لقد تعرض لاستفزاز ملح وانا اسف لكوننا فزنا بكأس العالم بفضل هذه الاستراتيجيات الدنيئة". سقراط - كابتن البرازيل في مونديال 1982 و1986: "الاعتداء بألفاظ جارحة جدا قادر فقط علي استفزاز لاعب كبير مثل زيدان وزيزو لا يستحق خاتمة مثل هذه". كارلوس البرتو توريس- كابتن البرازيل في مونديال 1970: "يجب ألا يخيم تصرف زيدان اللا عقلاني علي خدمات اللاعب لفرنسا ولكرة القدم. ولا شك ان ردة فعله كان لها اكبر الاثر في فوز ايطاليا؛ لانه كان الشمس التي تدور حولها نجوم فرنسا وكان الفريق اكثر ثقة بامكانياته بوجود زيدان الي جانبه. توستاو -الفائز بمونديال 1970: "ضربة زيدان لماتيراتيزي كانت شرسة الي حد بعيد وغير مسبوقة في الوسط الرياضي. انه يمثل تناقض وغرابة الانسان امام العالم، لقد تكسر البطل الي قطع صغيرة في ثوان". مارسيو امورسو -المهاجم البرازيلي في اي سي ميلان: "لعبت كثيرا امام زيدان واكتشفت انه عصبي المزاج خاصة اذا كان فريقه متخلفا بالاهداف ويغدو شريرا بعض الشيء عندما يتعرض لاحتكاك مع لاعبي الخصم. ومن المؤسف ان تكون نهاية مشواره بهذا الشكل خاصة لما يمثله كرمز في فرنسا". مارتن داهلين - اللاعب الدانماركي الدولي السابق ووكيل لاعبين حاليا: "اعرف جيدا ماتيراتيزي وتصرفه لم يفاجئني وقد حصل معي نفس الشيء، حيث كنت ألعب لمصلحة بلاكبيرن وكان ماتيراتيزي يلعب مع ايفرتون، ومنذ بدء المباراة لم يتوقف عن استفزازي وشتمي وجر قميصي واهانتي وفي النهاية، ببساطة فقدت اعصابي وضربته بمرفقي علي عينه واعطاني الحكم بطاقة حمراء وخرجت من المباراة وقبل ان اخرج نهض ماتيراتيزي ضاحكا ؛ لأنه حصل علي مراده. انه من نوع المدافعين الشرسين وغير المقبولين اخلاقيا ولا يتوقف عن الغش ورغم عدم قبولي لضربة زيدان لكنني اتفهم ما جري وكما يقول المثل: اسأل مجرب!". من انت يا ماتيراتيزي ؟ لا شك ان سمعة اللاعب تسبقه وكما الاذن تعشق قبل العين احيانا فهي تكره قبل العين احيانا اخري. فمن هو هذا اللاعب الذي نجح - ام تراه فشل- في الحصول مع منتخب بلاده علي كأس العالم؟ لابد انه تجسد واقعي للمبدأ الميكافيلي القائم علي ان الغاية تبرر الوسيلة. ولد ماركو ماتيراتيزي في 19 اغسطس 1973 في ليتشي الايطالية. بدأ مسيرته الكروية مع الفرق الايطالية المتدنية وعرف باسلوبه الهجومي وعباراته المشينة للاعبي الخصم. كانت بدايته مع تورديكوينتو "1991- 1992" ومارسالا "1993- 1994" وتراباني "1994- 1995" وتعاقد مع بيروجيا من الدرجة الثانية لاول مرة عام 1995 بيد انه امضي موسم 1996- 1997 مع نادي كاربي من الدرجة الثالثة قبل الالتحاق ببيروجيا. امضي ماتيراتيزي موسم 1998 - 1999 مع نادي ايفرتون الانجليزي "حيث طرد ثلاث مرات في 27 مباراة" قفل عائدا لبيروجيا ثم التحق بدوري الدرجة الاولي الايطالي وسجل 12 هدفا في موسم 2000- 2001 وهو رقم قياسي لمدافع ايطالي ادي لتعاقد الانتر معه مقابل 10 ملايين يورو ، ولكنه تعرض فيه الي ايقاف لمدة شهرين بعد ضربه للاعب سيينا برونو سيريللو. واخيرا يبدو ان سجل اللاعب كما رأينا حافل بالانجازات والضربات والاهانات ويراودنا سؤال واحد: أليست الكرة جزءًا من الحياة؟ وان كانت كذلك فهي ليست مستثناة من القواعد الاخلاقية واسبانيا والمانيا اللتان فازتا بجائزة اللعب النظيف افضل الف مرة من ايطاليا التي حملت اللقب بطرق ملتوية