"ورقة التوت" عنوان مثير لسيناريو جديد يمثل التجربة الأولي للصحفية الشابة علا الشافعي، التي احترفت الكتابة النقدية، ولم تنس، يوما، كونها ابنة المعهد العالي للسينما ولما عصف بها الحنين لكتابة السيناريو لم تتردد، وحزمت أمرها، وقررت أن تنزع عن الفساد "ورقة التوت". قرار اتجاهك لكتابة السيناريو هل يعني هجر الصحافة الفنية والتفرغ للسينما؟ - الصحافة هي التي دفعتني لدراسة السيناريو بمعهد السينما، بعدما نصحني أحد النقاد بذلك، ووقتها اعتزمت أنا والزميلة هالة لطفي أن ندرس النقد الفني إلا أن رغبتنا في التعرف الي أدق تفاصيل السينما وعالمها كانت سببا في الاتجاه للدراسة الاكاديمية، التي كان لها أثرها الكبير ليس فقط علي شخصيتي وإنما في تطوير واثراء تجربتي في الصحافة الفنية، إذ ايقنت أنها أعمق من مجرد إجراء حوارات صحفية مع الفنانين، بل مناقشة رصينة للقضايا الفنية وفهم عميق لمتطلبات الفن والثقافة. وهنا لن أنسي فضل د.رفيق الصبان ود.كامل القليوبي والمخرج خيري بشارة والأستاذ محسن زايد الذي ساقته الأقدار في طريقي لانهل من علمه قبل أن يغيبه الموت. أما الكاتب الكبير وحيد حامد فقد كان داعمي الأول. و"ورقة التوت"؟ - كان هذا عنوان مشروع تخرجي في قسم السيناريو، الذي ظل الحلم بالنسبة لي في تحويله الي فيلم روائي طويل، وفي حالة نجاح هذا المشروع بحيث يدفعني في طريق كتابة السيناريو سأترك الصحافة حتي أنأي بنفسي عن موضع الشبهات كناقدة تمتهن كتابة السيناريو ولا أضع نفسي في دائرة المجاملات وفي كل الأحوال سيقتصر نقدي علي الأفلام الأجنبية فقط. لم تحديثنا عن أطروحة السيناريو الذي يحمل عنوانه الكثير من الاسقاط؟ - عندما ناقشني د.القليوبي في هذا السيناريو وصفه بأنه "قطعة دانتيلا"، ربما لأنني لم اتبع في كتابته الطريقة التقليدية، أي المقدمة والوسط والنهاية، لكنني أوليت اهتماما كبيرا بالتفاصيل الدقيقة، حيث تتحدث بطلاتي وهن أربع فتيات مغتربات عن تجربتهن في المدينة - القاهرة - وما تمثله بالنسبة لهن وهن من الوعي والفطرة والذكاء بما يجعلهن يأملن في حياة أفضل ويجتهدن لمساعدة أنفسهن والاعتماد علي ذواتهن حتي لو أدي بهن الأمر الي الإقامة في شقة واحدة بكل ما يثيره هذا السلوك من علامات ريبة واستفهام وربما رفض قاطع ممن حولهن لهذه النزعة الاستقلالية، فأنا أتحدث في العمل عن حرية الفتاة من الألف إلي الياء، خصوصا التي تعيش في مجتمع ذكوري لا يعترف بها كإنسانة، وصاحبة شخصية مستقلة، لها نفس حقوق الرجل وعليها واجباته. ومن خلال الأحداث أعري المدينة الكبيرة - القاهرة - التي تصبغ البشر بألوانها حتي تحيلهم الي أشخاص آخرين وفي النهاية لا ينجحون في الانتماء لها، وتكون النتيجة أن من بينهن من تسقط وتضل الطريق والتي ترحل عن المدينة بعد إحساسها انها ضاقت بها، وتهاجر إلي الخارج، وفي ثنايا الأحداث أفضح خافيا "الميديا" - الإعلام - ودور الصحف القومية والحكومية أو المعارضة فيما يجري. وكأنك رهينة مشروع التخرج الذي لا تستطيعين الفكاك من فكرته؟ - لأنه أشبه بالموضوع الصحفي الأول الذي يمثل "الحب الأول" في حياة كل صحفي، ولأنني - من ناحية أخري - ابنة جيل ظلمته السينما التي بدأت اتجاها جديدا عام 1996، وأعني سينما المضحكين الجدد القائمة علي الكوميديا وحدها، التي تسببت في أن يلزم خريجو المعهد من المخرجين وكتاب السيناريو بيوتهم، طالما لا يجيدون أو يرفضون مجاراة "موضة" الكتابة الكوميدية. ولأنني واحدة من هؤلاء، ولدي مسئوليات عائلية وصحفية كان لابد أن أواصل الكتابة الصحفية إلي أن أجد ما يدفعني للتفرغ لكتابة السيناريو. هل تريدين القول ان "ورقة التوت" عنوان لا يحمل اسقاطات جنسية؟ - البعض رأي أن السيناريو صادم لكنه لا يحتوي أي مشاهد جنسية، وورقة التوت تعني الشيء الذي يسترنا. في سياق إيمانك بالسينما النظيفة؟ - العكس هو الصحيح فأنا أكره هذا المصطلح بدليل أن السيناريو يتحدث عن فتيات يقعن في الحب، ويتورطن في علاقات فاشلة ونناقش تفاصيلها دون فجاجة لان الطبيعة الانسانية هي جزء من المشاعر وأتصور أن الاساس الأول للعمل في أي مهنة يتمثل في معرفة الأدوات وأنا اعي ادواتي ككاتبة للسيناريو وأعلم جيدا ان أي ممثل عليه أن يدرك طبيعة أدواته وما هو مطلوب منه طالما انه ليس محشوراً أو مفروضاً والذي لا يؤمن بهذا ينبغي عليه ان يبتعد فوراً عن العمل في الفن. كيف وصل السيناريو إلي المنتج هاني جرجس؟! لقد طفت بالسيناريو علي كل شركات الانتاج بل وتقدمت به إلي وزارة الثقافة لأطلب دعمها إلا ان كل المحاولات باءت بالفشل فما كان مني سوي ان اتفقت مع زوجي المخرج عمرو بيومي حول امكانية عمل الفيلم بطريقة الديجيتال بعد تجارب المخرج محمد خان في "كليفتي" ويسري نصر الله في "المدينة" وخيري بشارة في "ليلة القمر" وهي التجارب التي جعلت حلمي ممكن التنفيذ علي الرغم من عدم حماستي لتصويره بالديجيتال لذا قدمت السيناريو لشركة انتاج خاصة واتفقت مع عفاف جرجس المسئولة عنها لألتقي بالصدفة شقيقها المنتج هاني جرجس فوزي الذي قرأ السيناريو وأعجب به وتم الاتفاق علي ان ينتجه. وهل أنت صاحبة ترشيح زوجك عمرو بيومي لاخراج الفيلم؟ علي العكس تماماً فأنا وهو متفقان علي مبدأ ثابت منذ زواجنا بحيث لا أتدخل ولا أكتب عن أعماله وهو لا يتحدث عني وما اصابه من تعثر بعض مشروعاته يرجع إلي سوء الحظ وحده وهو ليس بمفرده في هذا فهناك العديد مثله ممن تربوا علي نوعية سينما مختلفة وعندما قرر المشاركة في فيلم تجاري اكتشف ان المنتج نصاب ولقاؤنا جاء بعدما كنت احكي له عن السيناريو وعن شخصياته وعملنا سوياً علي السيناريو والأهم انه احب السيناريو جداً وفي رأيه ان اهم شيء أن يحب المخرج تفاصيل فيلمه وهذا ما تحقق من جانب عمرو. تتحدثين دائما عن وحيد حامد بوصفه استاذك ألم يكن له يد في التجربة؟! أنا محظوظة لكوني انتمي لدفعة قام الاستاذ وحيد حامد بالتدريس لها؛ فقد كان قريباً منا وأتذكر انني وقت المشروع احسست بالفشل وعدم القدرة علي الكتابة لأفاجأ به يطلب مني أخذ اجازة لمدة 10 أيام وان اكتب خلالها وهذا ماحدث وطوال الوقت يشجعني مؤكداً انني تلميذة جيدة وان باستطاعتي التميز في عملي لو تفرغت للكتابة وتركت الصحافة. وهل استثمرت علاقتك الطيبة بالناقد علي أبو شادي لتمرير السيناريو؟ لقد تمت الموافقة علي السيناريو في عهد د. مدكور ثابت وجددته في عهد الاستاذ علي ابو شادي ولم أذهب للرقابة إلا لتوقيع بعض الاوراق بينما تولي زوجي عمرو بيومي تقديم كل الأوراق الرسمية. وهل تحفظت الرقابة علي شيء في السيناريو؟ كانت هناك ملاحظات رقابية علي السيناريو أبلغت بها وعملت عليها بشكل عادي ويكفيها المناخ الرقابي المستنير الذي أجاز فيلماً مثل "عمارة يعقوبيان" كدلالة علي فهم الرقابة لدورها فهناك فرق بين مناقشة القضايا بجرأة وبين حشر المشاهد الجنسية كما انني أعي ان الرقابة الآن ليست المؤسسة فقط بل هي ايضاً رقابة المجتمع الذي تحول خلالها البواب الي رقيب علي سكان العمارة!! لكن البعض يري ان هذا المناخ الرقابي الذي أفرز "عمارة يعقوبيان" يرجع إلي اسم الشركة المنتجة واسم وحيد حامد؟ حتي لو كان هذا صحيحاً فعلينا ان نشكرهم لانهم قدموا لنا فيلماً حقيقياً ويجب ان ندعمهم بكل ما أوتينا من قوة ليصبح كل كاتب سيناريو هو وحيد حامد المقاتل الذي لا يقبل التنازلات. وهل لك رأي فيما يحدث الآن علي الساحة السينمائية؟ بغض النظر عن كوننا نحتاج لعملية تنظيم إلا أن هناك أفلاماً تنتج وعجلة تدور ولا استطيع ان اصف مدي سعادتي بأن فيلماً مثل "أوقات فراغ" حقق ايرادات بعكس ما كان متوقعاً مما يؤكد اننا نعيش حالة تجديد حماسة لدي العديد ممن فقدوا الأمل بسبب السينما التجارية التي حرمتنا من المشاركة في المهرجانات وبدأنا نتخلص من سيطرة 5 أو 6 أسماء كأبطال للأفلام لنري وجوهاً جديدة طازجة.