بدأ المجلس القومي لحقوق الانسان في التفكير في اعداد برامج تليفزيونية ومسلسلات درامية تنشر من خلالها مفاهيم حقوق الانسان حتي يضمن وصولها لاكبر شريحة ممكنة من فئات الشعب المصري وعلمت "نهضة مصر" ان هناك مشروعا للتعاون بالفعل مع هيئة المعونة الامريكية USAIDلنشر ثقافة حقوق الانسان من خلال ما يقدم في الاعلام واعداد برامج ومسلسلات تليفزيونية وفقا لحظة يضعها المجلس وعلي ان يكون تعاونا ثلاثيا فيه المجلس البرامج والافكار المطلوب نشرها وتقوم وزارة الاعلام باعدادها واخراجها بالشكل المناسب من خلال عدد من الكتاب والمبدعين وتقوم المنظمة الامريكية بسداد التكاليف المترتبة علي ذلك لوزارة الاعلام. وأوضح السفير مخلص قطب الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الانسان ان المجلس سيبدأ بالفعل خلال الفترة القادمة في اعداد ورش تدريبية ولقاءات مع كتاب الدراما لدفعهم الي تبني قضايا حقوق الانسان خلال اعمالهم الدرامية لافتا الي ان هذه الورشة سيدعي اليها كبار كتاب الدراما المصرية والذين لم تتحدد اسماءهم حتي الآن مشيرا الي ان المجلس يضع ذلك ضمن خطة اعلامية كبيرة لنشر ثقافة حقوق الانسان بين المواطنين عبر وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة لافتا ا لي ان تفعيل هذه الخطة يحتاج الي تمويل كبير موضحا ان هناك عددا من الجهات التي تقدمت لتمويل تنفيذ هذا البرنامج مثل باقي برامج المجلس المختلفة ونحن لم نوافق حتي الآن علي العرض الامريكي مؤكدا ان العرض يشمل التمويل فقط وليس تنفيذ برامج جاهزة تقدموا بها كما انه لن يتدخلوا في المشروع أو في المواد التي ستعرض بأي حال من الاحوال في حالة تمويلهم للمشروع مشددا ان المجلس لا يقبل ان تتدخل أي جهة مانحة في شئنه واضاف ان الخطة الاعلامية تعتمد في تنفيذها علي شكل طويل الامد وستتخللها عدة ورش لتدريب الاعلاميين ومعدي البرامج والمخرجين علي مفاهيم وتناول قضايا حقوق الانسان عبر وسائل الاعلام وتسير معهم بشكل متواز تطوير المناهج الاعلامية التي تقدم في كليات الاعلام وذلك لتطوير تفكير المواطنين في هذه القضايا مع الاهتمام بالبرامج التي تحثهم علي المشاركة السياسية لانها بداية الاصلاح السياسي المطلوب وزيادة مشاركة المواطنين في الحياة السياسية. اثار تفكير المجلس في القيام بوضع خطة نشر ثقافة حقوق الانسان عبر وسائل الاعلام حركة منظمات حقوق الانسان لوضع تصورات يمكن ان تكمل الصورة التي يسعي اليها المجلس حيث اكد بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ان المنظمات وضعت عددا من الافكار حول كيفية نشر ثقافة حقوق الانسان عبر وسائل الاعلام مشيرا الي ان الجميع اجمع علي ضرورة ان يتم ذلك بشكل غير مباشر حتي لا تتحول في النهاية الي نوع من انواع الوعظ لا يحتفظ به الانسان في ذاكرته وبالتالي لا يؤثر في سلوكه بمعني ان الحرص علي التوظيف الايجابي لهذه المواد في العمل الدرامي اقرب الوسائل لاقناع الناس بهذه الافكار وادماجها في حركتهم اليومية ووعيهم. واضاف ان ذلك مطلوب ايضا في الفنون والآداب والروايات والشعر والدراما التليفزيونية لافتا الي اهمية ان يكون مضمون حقوق الانسان ضمن عمل فني درامي متوفر فيه كل مواصفات الفن الجميل بمعني ان يكون عملا فنيا جيدا فيه الافكار وليس اضفاء شكل درامي علي رسالة ذات طابع تلقيني. واكد حسن ان نشر ثقافة حقوق الانسان تحتاج ايضا اي الحوارات السجالية التي تعرض آراء متصادمة وليست ذات طابع حوار الايقاع الواحد التي اعتاد عليها التليفزيون المصري لفترة طويلة مؤكدا ان هذه الحوارات التصادمية ستحفز المشاهد علي ان يختار بنفسه الموضوع والفكرة التي تتعلق في ذهنه موضحا ان الرسائل ذات الطابع التلقيني او نقل الافكار بشكل مباشر يمكن ان يؤدي الي عكس النتائج المطلوبة بمعني ان ينتقل المشاهد الي قنوات اخري فيها بها موضوعات تجذبه. واشار حسن الي ان الاعمال الروائية والدرامية المصرية شهدت العديد من الاعمال الابداعية علي المستوي الفني وتطرقت الموضوعات في حقوق الانسان مثل فيلم البريء للروائي الكبير وحيد حامد ورواية الكرنك للكاتب الكبير نجيب محفوظ ثم افلام ضد الحكومة وغيرها للمخرج الراحل عاطف الطيب وهي كلها افلام وبصريات علي درجة عالية من الفنية وتوفر فيها التمثيل الجميل بحيث لا استطيع القول انها اعمال وضعت خصيصا لنشر ثقافة حقوق الانسان وان كانت قد نقلت بشكل جيد هذه المفاهيم والافكار التي تعكس من شأن حرية المواطن وحقوقه موضحا ان أي عمل فني من طراز رفيع وبه 5% اهتمام بحقوق الانسان افضل من عمل فني من طراز رديء وبه 100% حقوق انسان. وقال حسن ان علي التليفزيون دورا كبيرا يستطيع ان يقوم به دون تدخل من احد وهو عرض الافلام ومناقشتها في البرامج من منظور حقوق الانسان ويشارك في هذه المناقشات نشطاء حقوقيون وفنانون بارزون وكتاب كبار وناقدون لمناقشة الفيلم ورؤية ما الذي تعرض فيه لحقوق الانسان وهل هو يرسخها أو يبتعد عنها بالاضافة الي ضرورة وجود برامج خاصة لمناقشة المساهمات المكتوبة لحقوق الانسان سواء في الشعر أو المسرح وهي موجودة وبالمئات ولكن لم يتوفر لها حتي الآن أي فرصة للعرض الواسع علي الجمهور ونقدها وتحليلها وكذلك ابداعات الافلام التسجيلية المصرية في هذا الشأن وهي مظلومة ايضا وهناك مساهمات هائلة في ذلك. واكد حسن ان لجوء المجلس في اي فترة الي اعداد برامج ارشادية عن حقوق الانسان ستعتبر اهدارا للمال وستكون نتيجتها تشبه البرامج السياسية الموجهة وستنتج عنها نتائج سلبية. وكشف حسن انه في كثير من الاحيان تتواجد نصوص جيدة في هذا الشأن ولكنها لا تجد منتجا يغامر بانتاجها كما ان العمل في هذا الانتاج بمساهمات فنية جائز لكن المهم ان يقوم علي اكتاف مبدعين حقيقيين ويكون الهدف انتاج اعمال ابداعية وليست وعظية. واوضح حسن ان دور المجلس المفترض في ذلك هو تقديم المشورة ويقوم علي اكتاف الفنانين المصريين علي ان يتم تبني جاد لذلك وتقديم الميزانيات اللازمة كما ان علي وزارة الاعلام قدر آخر من الاهتمام بنشر هذه الثقافة من خلال تشجيع انتاج الاعمال التي تتناول ذلك دراميا سواء في المسرح أو السينما او في الحفلات الفنية المختلفة. اما حافظ ابوسعدة الامين العام للمنظمة المصرية لحقوق الانسان فيري ان برامج حقوق الانسان يجب ان ترتكز علي شكلين شكل مباشر وشكل غير مباشر، برامج مباشرا تتضمن تثقيف أو تعليما من خلال عرض قضايا معينة حول حقوق الانسان وتعليم حقوق الانسان عبر تبسيط مفاهيم ومعايير حقوق الانسان وتعريف المواطنين بالعهود الدولية والمواثيق التي صدقت عليها مصر. وكذلك اختيار قضايا تتم مناقشتها عبر البرامج الحوارية تخص حقوق الانسان مثل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وقضايا البطالة وتقوم فكرتها في الاساس علي ان الحق في العمل هو احد حقوق الانسان المكفولة ومن هذا المنطلق تناقش وجهة نظر حقوق الانسان في السياسات الاقتصادية وتقييمهما ودرجة قربها من المطلوب تحقيقه في محاولة لتقييمها واعادة النظر فيها لتفعيل هذا الحق وبهذه النظرة يمكن ان تقيس علي برامج اخري تتناول الحقوق الصحية والازمة التي يعاني منها المصريون بسبب النظرة الرأسمالية في الصحة وفكرة من يملك ان يدفع يحصل علي العلاج المناسب دون ان تقوم الدولة بتوفير الحد الادني تبعا لحق كل مواطن في الحصول علي الرعاية الصحية المناسبة لحالته. مشيرا الي أهمية قيام وسائل الاعلام باستمرار بالحوارات حول هذه القضية وحتي يتوافر ايضا البعد الحاضر لحقوق الانسان، والعلاج كجزء مهم يركز علي حقوق المواطن للحصول علي خدمة صحيحة مشيرا الي اهمية ان يتناول الاعلام لقضايا الاعتداء علي الحريات الفكرية ومعالجة اشكالية التصادم بين ثقافة حقوق الانسان والدين موضحا ان لدينا كثيرا من الانتهاكات لحقوق الانسان تعتمد علي تأويلات دينية غير صحيحة وانه يجب التأكيد علي حرية المواطن في الفكر لان ذلك سيجعل التفكير يتم برؤية غير محدودة وتزيد نسبة الابداع وهي ايضا نفس اشكالية حقوق المرأة حيث تخرج فتاوي ايضا تجعلنا غير قادرين علي الحصول للمرأة علي مكاسب جديدة. وقال أبوسعدة انه يجب في هذه البرامج التي يمكن ان تأخذ الشكل الحواري ان يكون لدي مصر البرنامج ورؤية ضمنها مباديء حقوق الانسان واهمية الدفاع عنه وكذلك يجب ان تتوفر هذه الرؤية لدي المخرجين الذين يقومون بتنفيذ هذه البرامج. وكشف ابوسعدة ان برامج نشر ثقافة حقوق الانسان لدي الاعلاميين والتي يقوم بها برنامج الاممالمتحدة الانمائي UNDP ضعيفة جدا ويحضر فيها المذيعيون شكليا لكنهم لا يستفيدون في الحقيقة بما يقدم فيها لانها تتم بشكل تلقيني ونظام محاضرات جامدة لا يستفيد منها سوي واحد أو اثنان منهم مشيرا مشيرا الي ان البرنامج يجب ان يلجأ لاساليب اخري لنشر هذه الثقافة بدلا من اهدار الاموال في تلك المحاضرات غير المجدية. واعترض أبوسعدة علي أي محاولة لتوجيه تفكير المبدعين الي تبني قضايا حقوق الانسان لافتا الي ان المبدعين لا تستطيع ان تعمل لهم نوعا من التوجيه معهم وان المطلوب هو مناقشة المسلسلات الدرامية بعد ذلك مع كتاب الدراما ومخرجي العمل الفني من منظور حقوق الانسان وقال ان هناك مسلسلات يمكن ا تقع دراميا في انتهاكات حقوق الانسان مثل ان يعلي مسلسل مثلا من عمال الاطفال مشيرا الي ضرورة انتقاد مثل هذا النوع من الدراما وان تناقش افكاره. واقترح ابوسعدة تخصيص جوائز سنوية للمسلسل أو العمل الابداعي في كل فرع من فروع حقوق الانسان لأن ذلك يمكن ان يشجع كتاب الدراما في الكتابة في هذه الموضوعات وطالبه بتخصيص جزء من جوائز مهرجان الاذاعة والتليفزيون في هذا المجال وقال أبوسعدة ان تفعيل الخطة التي يقوم بها المجلس يجب ان تتم التعاون مع المنظمات الحقوقية وان تتم بشكل غير مركزي وبعيدا عن اي رقابة للمجلس علي هذه الاعمال وان تسعي وزارة الاعلام الي التعامل المباشر في هذا المجال مع نشطاء حقوق الانسان. ويؤكد سعيد عبدالحفيظ مدير ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الانسان انه يجب دمج مفاهيم حقوق الانسان في مواد اعلامية قريبة الي فكر وذهن المواطن افضل من تضمينها في برامج سياسية واقتصادية والمسلسلات الدرامية والافلام هي القوالب القريبة الي عقول وقلوب المشاهدين مشيرا الي ان الدراما المصرية تعاني من نقص متزايد في تناول قضايا حقوق الانسان وهو ما ارجعه الي عدم وجود ثقافة أو وعي لدي كتاب الدراما بهذه المفاهيم او القضايا بالاضافة الي وجود قصور اضافي في ذلك عند المسئولين عن ذلك في اتحاد الاذاعة والتليفزيون او قطاع الانتاج. واضاف ان هذه الجهات كلها يجب عليها ان تتعرف عن قرب علي هذه القضايا وانشطة الجمعيات المسئولة عن الدفاع عنها. واعترف عبدالحافظ ان الاتصال مقطوع منذ زمن بين المنظمات وكتاب الدراما فهم لا يدعون كثيرا الي مؤتمرات حقوق الانسان كما انهم لا يهتمون بمتابعة قريبة مما نثيره من قضايا حقوقية وان كان هناك عدد منهم قريبون من عملنا لكن ذلك غير كاف حتي الآن. وكشف عبدالحافظ ان المنظمات تفكر في تفعيل دورها من خلال متابعة ما يقدم من مفاهيم في المسلسلات الدرامية درجة قربها أو بعدها عن حقوق الانسان لتناقش هذه المفاهيم وتصحيح ما قد تقع فيه الاعمال الدرامية من انتهاكات حقوقية وتقويم ذلك وفتح حوار ونقاش واسع بين كتاب الدراما ونشطاء حقوق الانسان في مصر وذلك مطلوب منذ فترة بعيدة.