المنيا: تخصيص 207 ساحات لإقامة صلاة عيد الأضحى.. وتكثيف الحملات على الأسواق    ترامب يوقع قرارًا بحظر دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة بينها 4 دول عربية    تعرف على جهاز المخابرات الأوكراني الذي كان وراء الهجوم على أسطول القاذفات الروسي    كل العيون على غزة.. بلدية ميلانو الإيطالية تعرض على مبناها رسالة تضامن    وزير السياحة يطمئن على الحجاج داخل المخيمات: أمنهم وسلامتهم مسئولية    تامر حسني يطرح رابع أغاني ألبومه حلال فيك.. اليوم    تضامنا مع فلسطين.. انسحاب الوفد النقابي المصرى من مؤتمر العمل الدولى أثناء كلمة مندوب إسرائيل    «24 ألف ماكينة ATM».. خطة البنوك لتوفير النقد للمواطنين خلال إجازة العيد    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    ارتفاع أسعار 3 أنواع من الكتاكيت واستقرار البط اليوم الخميس 5 يونيو 2025    "WE" تعلن الإطلاق الرسمي لخدمات ال 5G في مصر    الودائع غير الحكومية بالعملات الأجنبية لدى البنوك تسجل ما يعادل 3.12 تريليون جنيه بنهاية أبريل الماضي    التنظيم والإدارة: إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة خلال يونيو الجاري    د. أيمن عاشور يصغى لطلاب الجامعات ويخطط معهم للمستقبل فى حوار مفتوح حول المهارات وسوق العمل    رئيس جامعة القاهرة يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى    الاحتلال يستهدف صحفيين في مستشفى المعمداني واستشهاد 3    إيلون ماسك مهاجما خطة ترامب: ليس من المقبول إفلاس أمريكا    زلزال بقوة 5.0 درجة يضرب مقاطعة يوننان بالصين    كالولو مستمر مع يوفنتوس حتى 2029    نجم الأهلي السابق: نهائي كأس مصر محسوم بنسبة 60%؜ لبيراميدز    خبر في الجول - الأهلي يتحرك لشكوى ومقاضاة عضو مجلس إدارة الزمالك    شوبير: مباراة الزمالك وبيراميدز فرصة للرد على إشاعات «هدف عواد»    نهائي كأس مصر.. موعد مباراة الزمالك وبيراميدز والقناة الناقلة    الهلال يعلن إنزاجي مديرا فنيا للأزرق لمدة موسمين    آخر كلام في أزمة زيزو.. ليس له علاقة بالزمالك بفرمان الجبلاية    «في وقفة عرفات».. موعد أذان المغرب بالمحافظات    الثلاثاء المقبل.. تعليم كفر الشيخ تعلن موعد بدء تصحيح أوراق امتحانات الإعدادية    بث مباشر من عرفات.. مئات الآلآف يقفون على المشعر الحرام    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    الأعلى للإعلام يحيل شكوى ياسمين رئيس ضد بعض الفضائيات والمواقع للشكاوى    المطرب أحمد سعد ذهب للحج مع خالد الجندي ولديه حفل غنائي ثالث أيام العيد    محمد عبده يجري البروفات الأخيرة لحفل دبي ثاني أيام عيد الأضحى    «النوم الطويل أقصى درجات السعادة».. 4 أبراج كسولة «هيقضوا العيد نوم» (تعرف عليهم)    «رصد خان» ضمن عروض الموسم المسرحي لفرقة كوم أمبو    في عيد الأضحي .. عروض مسرحية تنتظر عيدية الجمهور    نصوم 15 ساعة و45 دقيقة في يوم عرفة وآذان المغرب على 7:54 مساءً    لماذا سمي جبل عرفات بهذا الاسم    كل ما تريد معرفته عن تكبيرات العيد؟    فحص 17 مليونًا و861 ألف مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    طريقة عمل البط المحمر لعزومة فاخرة يوم الوقفة    محافظ أسيوط يفتتح وحدة العلاج الطبيعي بعيادة أبنوب بعد تطويرها    "التصديري للأثاث" يثمن برنامج الصادرات الجديد.. و"درياس" يطالب بآليات تنفيذ مرنة وديناميكية    موعد أول مباراة ل سيمونى إنزاجى مع الهلال فى مونديال الأندية    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.. خير الدعاء دعاء يوم عرفة    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    وزير الدفاع الألماني: نحتاج إلى 60 ألف جندي إضافي نشط في الخدمة    معايدة عيد الأضحى 2025.. أجمل رسائل التهنئة للأهل والأصدقاء (ارسلها مكتوبة)    الصحة: فحص 17 مليونا و861 ألف مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    اسعار التوابل اليوم الخميس 5-6-2025 في محافظة الدقهلية    إصابة 5 أسخاص في حادثين منفصلين بالوادي الجديد    أسعار البيض بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو    الدفاع الأوكرانى: أوكرانيا ستتلقى 1.3 مليار يورو من حلفائها العام الجارى    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    حزب الوعي: نخوض الانتخابات البرلمانية على 60% من مقاعد الفردي    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    القائد العام للقوات المسلحة ووزير خارجية بنين يبحثان التعاون فى المجالات الدفاعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفتنة نائمة .. لعن الله من أيقظها!
نشر في نهضة مصر يوم 19 - 04 - 2006

أطل برأسه علي المصريين مجددا شبح الفتنة الطائفية إثر سلسلة من الأحداث المثيرة التي اندلعت في أنحاء متفرقة من البلاد يوم الجمعة الماضي، والتي كان من أبرزها وأشدها وقعا، أحداث العنف التي شهدتها مدينة الإسكندرية، والتي لقي خلالها شاب قبطي مصرعه متأثرا بطعنة وجهها إليه آخر مسلم أعلنت السلطات الأمنية لاحقا أنه متخلف عقليا.
و في أول رد فعل رسمي من جانب الأقباط،أصدر المجلس الملي القبطي ومجمع الكهنة بالإسكندرية بياناً غاضباً استنكرا فيه الاعتداءات التي تعرضت لها ثلاث كنائس، واعتبرالبيان أن وصف الحكومة لمنفذ هذه الاعتداءات جميعا بأنه مختل عقليا، إنما يعبر عن استخفاف بعقول الأقباط ومشاعرهم، والعبث بمصير الوطن وذلك لبعدها عن الحقيقة وافتقادها للشفافية، لاسيما أن هذا السيناريو يتكرر في كل الاعتداءات علي الأقباط سواء في الإسكندرية أو خارجها. واعتبر البيان أيضاً أن الحادث إنما يأتي في سياق مخطط إرهابي يستهدف جموع المصلين في كنائس الإسكندرية المختلفة خلال أيام الأعياد المسيحية. أما علي الصعيد الشعبي القبطي، فإلي جانب خوضهم مصادات بالأيدي والحجارة والعصي مع بعض رجال الأمن والشباب المسلم إبان حوادث الاعتداء وأثناء تشييع جثمان القبطي القتيل نصحي عطا الله، تحولت الجنازة إلي مظاهرة حاشدة للأقباط عبروا خلالها عن استيائهم مما جري كما رددوا هتافات دينية ذات دلالات مقلقة، كان من أبرزها "فداك يا صليب".
وعبثا حاولت الحكومة التخفيف من وطأة الاحتقان القبطي في الداخل والخارج وإغلاق الباب في وجه أية مزايدات من قبل أي طرف، حينما صدرت الصفحات الأولي للصحف القومية اليومية السيارة بحادثة أخري مشابهة تعرض خلالها مسجد بمدينة المنصورة لحادث مشابه في اليوم التالي لأحداث الإسكندرية،حيث اعتدي شخص، وصفته السلطات أيضا بانه "مختل نفسياً"، بعصا غليظة كانت بحوزته بالضرب علي مجموعة من المصلين داخل المسجد وأصاب عددا من المصلين بجروح بالغة نقل بعضهم علي إثرها إلي المستشفي ففيما لم تهدا ثائرة الأقباط، تبنت واشنطن من جانبها وجهة النظر القبطية تقريبا حيث أدانت الحادث واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية شون ماكورماك ان هذه الاعتداءات التي اسفرت عن مقتل شخص وجرح خمسة آخرين من الأقباط، يبدو انه قد خطط لها مسبقا لتتم خلال عيد الفصح. وناشد الحكومة المصرية بتكثيف الوجود الأمني علي دور العبادة لا سيما الكنائس، والعمل علي تهدئة التوتر بين المسلمين والاقباط، وكأن مصر تعاني من تمزق طائفي حاد يستدعي معالجة أمنية مكثفة أو وصاية أمريكية.
وبالتزامن مع واقعة الإسكندرية، كانت مدينة المحلة الكبري تشهد تظاهرة قبطية داخل كنيسة الأنبا أنطونيوس طالب خلالها أكثر من 350 قبطيا بضرورة إعادة فتاة قبطية تدعي نيرمين ناشد عمرها 18 سنة، يدعي المتظاهرون أنها اختطفت بعد أن تم التغرير بها من قبل صاحب كوافير مسلم، وكما هو مألوف في مثل هذه المناسبات،طفق المتظاهرون يرددون هتافات دينية تعبر عن الغضب والاحتجاج الشديدين وتحمل في طياتها مضامين غير مطمئنة من أبرزها "مار جرجس يا مسيح رجع نرمين للمسيح". بالرغم من أن والد الفتاة القبطية كان قد تقدم ببلاغ للنيابة ضد الشاب المسلم متهما إياه بخطف ابنته،إلا أن محامي الفتاة قد أكد أن التحقيقات أثبتت أنها تركت منزل أسرتها بمك إرادتها وإعتنقت الإسلام غير مجبرة وحصلت علي وثيقة رسمية من وزارة العدل تفيد بذلك ثم تزوجت راغبة من الشاب المسلم.
وفي سياق مواز ومتزامن أيضا، كان المستشار نجيب جبرائيل، رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان يعلن مطالبته بإلغاء تطبيق الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالمواريث عند الأقباط والاحتكام في ذلك إلي التشريع المسيحي الذي يضمن المساواة بين الرجل والمرأة، وذلك بناء علي شكاوي عديدة تقدمت بها قبطيات تطالبن فيها بضرورة مساواتهن بالرجال الأقباط في المواريث . ورغم أن الديانة المسيحية لا تتضمن نصوصا أو أحكاما صريحة وواضحة بشأن تنظيم المواريث، وهو السبب الذي بناء عليه تم الرجوع إلي الشريعة الإسلامية لتسوية هذا الأمر بين المواطنين الأقباط، إلا أن المعترضين يرون إمكانية الاستناد إلي مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في المسيحية إبان تنظيم المواريث بين الاقباط بعيدا عن الشريعة الإسلامية.
الوقائع الثلاث، بالرغم من بعدها الجغرافي أو المكاني واختلافها في الشكل أو الصورة التي جاءت عليها،إلا أن رابطا واحدا يربط بينها مجتمعة علي نحو جعلهالا تختلف كثيرا في المضمون أو الرسالة التي يمكن أن تلتقط من تحليل مشاهد كل منها علي حدة، وهي أن ثمة احتقانا يجيش في صدور أقباط مصر، وهو إحتقان مزمن لم يلبث أن يظهر إلي العلن مع تداعي البواعث والمحفزات الملائمة بين الفينة والأخري علي شاكلة الوقائع الثلاث المذكورة آنفا ما بين اعتداء علي الكنائس أو التحرش ببعض الأقباط وحدوث مواجهات فردية بينهم وبين آخرين مسلمين لأي سبب كان،مرورا بتحول فتيات قبطيات إلي الإسلام والزواج من شبان مسلمين، ثم الشعور بالغبن والتهميش في الحياة العامة وتجاهل ميراثهم الثقافي وخصوصيتهم العقائدية كمرجعية في تنظيم شئونهم .
ويلحظ من يمعن النظر في تلك الوقائع الثلاث، أنهاإلي جانب كونها متزامنة أو متتالية الحدوث علي نحو ملفت، أنها وقعت في مدن كبري لها صيت ودوي عالمي، فالإسكندرية عاصمة مصر القديمة و قلعة الكنيسة الأرثوذكسية في العالم وأشهر مدن البحر المتوسط، وهي المدينة التي شهدت أيضا في شهر أكتوبر الماضي توترات طائفية لم تمح تداعياتها حتي الآن وربما لم تكن منبتة الصلة بأحداث هذه المرة. ومدينة المحلة الكبري معروفة عالميا بقلاعها الصناعية وتعايش المسلمين والأقباط في ربوعها منذ عقود تحت ستار من الوئام والتآلف. كما أن وقائع هذه المرة قد جرت في مدن حضرية يفترض في قاطنيها التسامح والبراجماتية والمرونة وسعة الأفق بحكم سيادة قيم المجتمع الصناعي أو التجاري المعقد والمتطورعلي الولاءات والانتماءات الأولية كالدين أوالقبيلة أوغيرها،علي خلاف الوضع في المناطق الريفية أو في صعيد مصر علي سبيل المثال، حيث شهد الأخير أحداث عنف طائفي عديدة طالما كانت الاعتبارات القبلية والولاءات الأولية عاملا مساعدا في تفاقمها وإذكائها.
علاوة علي ذلك، تزيا الموقف القبطي حيال الوقائع الثلاث، مثلما هو الحال أيضا في غيرها، بلباس ديني طائفي ومثير للقلق في ذات الوقت، تمثل في الشعارات والهتافات التي تم ترديدها خلال التظاهرات الاحتجاجية، بما في ذلك تبرير الرجوع للديانة المسيحية في تنظيم المواريث بين الأقباط والتي لم تخل من إشارات إلي تمييز الإسلام بين الرجل والمرأة في حين تدعوالمسيحية إلي المساواة. وفي كل الأحوال كانت الدولة ممثلة في جهازها الأمني هي المتهم الأول من قبل الكنيسة والأقباط في هذه الوقائع، إن من خلال التقصير في عمليات تأمين وحراسة الكنائس والحيلولة دون وقوع أية اعتداءات عليها أو علي أي من روادها، أو من خلال التقاعس عن إيقاف تنامي المواجهات أو ردع المتجاوزين، تلافيا من النظام لتفاقم الأمر وتناقل الأنباء عالميا عن حدوث فتنة طائفية في مصر تستتبع بدورها مزايدة أو تدخلا من قبل بعض القوي الكبري في الشأن الداخلي لمصر وممارسة الضغوط علي نظامها بذريعة اضطهاد الأقباط.
من هنا، يمكن القول إن المصريين جميعا قد باتوا اليوم أكثر من أي وقت مضي في أمس الحاجة لإعادة النظرفي تعاملهم مع تلك القضية حتي لاتشكل تهديدا مستقبليا لوحدة البلاد الوطنية وأمنها القومي،بحيث يتخلي كل من الأقباط والمسلمين علي السواء عن التعاطي مع مثل هذه الوقائع والأحداث الطائفية المتكررة من منظور ديني ضيق ومتعصب وأن يحتكموا إلي مبدأ المواطنة والإنتماء إلي بلد واحد، وأن تكف الدولة المصرية من جانبها عن التعاطي الأمني والإعلامي الغير حكيم معها، وتبحث في سبل المعالجة السياسية والقانونية التي تستند إلي مرجعية المواطنة في دولة مدنية ديمقراطية تعددية تسودها قيم التسامح وقبول الآخر في ظل سيادة القانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.