رئيس جامعة كفر الشيخ يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025    محافظ شمال سيناء يتفقد لجان انتخابات النواب بمدينة العريش    استقرار أسعار الذهب اليوم الاثنين 24 نوفمبر بالسوق المحلية    "استصلاح الأراضي" يزيل 31 حالة تعد على الأراضي الزراعية خلال أسبوع    الاحتلال الإسرائيلى يواصل خرق وقف إطلاق النار وسط حملة من الاقتحامات والاعتقالات    رئيس الوزراء يصل أنجولا للمشاركة في القمة السابعة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي    طبيب الأهلي يكشف تفاصيل إصابة الشناوي وعبد القادر وشكري    توقعات الطقس اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025.. أمطار تمتد إلى القاهرة وتحذيرات للبحر الأحمر    ضبط 1038 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    انتخابات النواب 2025| رئيسة المجلس القومي للمرأة تدلي بصوتها فى لجنة بالمعادي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن:حين يختلط التاريخ بالخطابة الانتخابية.    محافظ بني سويف يتابع حالة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    هيئة الرعاية الصحية تؤمّن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025 عبر مبادرة "انتخب واطمّن"    122 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلى    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    منتخب القوس والسهم يحقق إنجازا جديدا ويحصد 5 ميداليات فى بطولة أفريقيا    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    تشابي ألونسو: النتيجة هي ما تحكم.. وريال مدريد لم يسقط    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    وصول سهير المرشدي لشرم الشيخ لرئاسة لجنة تحكيم مهرجان المسرح الشبابي    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    الإسكندرية تستضيف بطولة مصر الدولية ال15 لكرة القدم للسياحة الرياضية بمشاركة أوروبية وإفريقية واسعة    الصين: اعتزام اليابان نشر أسلحة هجومية قرب تايوان يهدد بإثارة التوترات الإقليمية    قرار جمهورى بإضافة كليات جديدة لجامعتى «اللوتس» و «سفنكس»    بعد واقعة مدرسة «سيدز الدولية».. «التعليم» تطلق حملة لتوعية الطلاب بالحفاظ على السلامة الجسدية    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    دولة التلاوة.. وترزية الجباية    في تعاونها الثاني مع كريم محمود عبدالعزيز .. دينا الشربينى تروج لفيلمها الجديد طلقنى عبر حسابها على إنستجرام    طريقة عمل سبرنج رول بحشو الخضار    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    ننفرد بنشر تفاصيل تعديلات قانون الضريبة العقارية الجديدة المقدمة من الحكومة    رئيس الطائفة الإنجيلية يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب: المشاركة واجب وطني    سقوط عصابة الزئبق الأحمر فى المنيا.. وقائع نصب بمادة كيميائية    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن برنامج دورتها الثامنة عشرة    تألق مصري فى كونجرس السلاح بالبحرين وجوائز عالمية تؤكد الهيمنة الدولية    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    عمرها سبعون عاما.. سعودية تتم حفظ القرآن الكريم فى جمعية ترتيل بالباحة    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    ترامب يؤكد انتظاره لقرار المحكمة العليا بشأن الرسوم الجمركية    رئيس جامعة بنها يتفقد زراعة النخيل بمزارع كلية الزراعة    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    رئيس حزب الجبهة الوطنية يدلى بصوته في انتخابات النواب 2025    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    وزير التعليم يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    تضرر أكثر من 11 ألف شخص في سبع ولايات بماليزيا جراء الفيضانات العارمة    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    أسامة نبيه: تكريم محمد صبري أقل ما نقدمه.. وموهبة لا تُنسى تركت إرثًا في الزمالك    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاصفة حفيد حسن البنا
نشر في نهضة مصر يوم 27 - 02 - 2006

يعد طارق رمضان من الشخصيات المثيرة للجدل في الغرب. فهو حفيد حسن البنا، مؤسس جماعة "الإخوان المسلمين" - التي خرجت من عباءتها- جميع المنظمات الأصولية المتطرفة، وهو يقيم حالياً في العاصمة السويسرية جنيف.
والمعضلة الرئيسية التي يواجهها، هي كيفية تجسير الفجوة القائمة بين قيم ومبادئ الأصولية المتطرفة وقيم ومبادئ الديمقراطية الليبرالية التي ينعم بمزاياها وفوائدها في أوروبا. فما الذي يمكن لطارق رمضان أن يقوله عن هذا التناقض الرهيب؟
لعلنا نمسك بطرف من الإجابة في كتاباته وفيما سجله من أشرطة صوتية وخطب، حاول فيها جاهداً أن يتمثل كلتا الحالتين: حالة إصلاحي يعمد إلي التأويل المرن وغير المتشدد لنصوص الإسلام من جهة، وحالة أصولي سلفي يأخذ الحياة والأشياء كما هي وكما عاشها المسلمون الأوائل في فجر الإسلام من جهة أخري. ولكن المشكلة التي يواجهها رمضان والكثيرون غيره ممن يقيمون في المجتمعات الغربية الأوروبية، أن النتيجة التي يحصدونها ليست شيئاً آخر سوي "صراع ثقافات" خاص بهم وحدهم دون غيرهم. ذلك أنهم كثيراً ما يتحدثون بلسانين ولغتين، يتجه كلاهما إلي جمهور مختلف عن الآخر، مما يعني ازدواجية الخطاب واللسان الواحد!
ولكي لا نحمل علي رمضان جزافاً، فلنستمع إلي ما يقوله هو أصالة عن نفسه. فهو لا يتردد ولا يكف عن التلميح إلي كونه "حامل رسالة إلهية" وذلك بكثرة تكراره القول "إنه ووفقاً لنصوص الحديث النبوي الشريف، فلابد من أن يظهر كل مائة عام، مصلح يكلف بتجديد فهم المسلمين لعقيدتهم". ولكن المشكلة أن طارق رمضان حينما يتحدث عن رسالته الإصلاحية الجديدة للإسلام، فإن خطابه يبدو أشد إرباكاً والتباساً من أن يكون مبيناً وواضحاً فيما يقول. ففي مقابلة له في شهر نوفمبر من عام 2003، عبر القناة العربية لإذاعة "بور إف إم" الفرنسية في باريس، قال رمضان إن "هناك تياراً إصلاحياً عقلانياً، وآخر سلفياً يحاول الإبقاء علي تمسكه بأصول الدين. وإني إلي هذا التيار الأخير أنتمي". لكنه ما إن تعرض لهجوم عاصف داخل مؤتمر منظمة "اليونسكو" الذي عقد في فبراير من عام 2004، وكان مهاجمه الكاتب والقيادي الإسلامي الفرنسي غالب بن شيخ وهو من تيار الإصلاحيين متهماً إياه بالسلفية، حتي بادر إلي نفي التهمة عن نفسه، قائلاً "إن السلفي هو من يأخذ الأمور كما هي علي حرفيتها... وإني لست كذلك بأية حال"!
أليس ذلك من ازدواجية الخطاب واللسان.. ألسنا بصدد شخص يحاول أن يصير كل شيء ولكل الناس؟ والغريب أن رمضان نفسه يجيب بالإيجاب علي هذا السؤال، مضيفاً إليه سؤالاً آخر مؤداه: أين وجه الغرابة في أن يتحدث المرء بخطابين ولسانين في وقت واحد؟! فهو له من الذرائع والمبررات ما يثير عنده كل هذا الاستنكار. ثم إنه يضع استراتيجيته علي النحو التالي، من خلال تسجيل صوتي له بعنوان "الإسلام والغرب". "إن علي أن أتحدث بطريقة تتلاءم وآذان المستمعين، علي أن أبقي في الوقت ذاته، أميناً للمرجعية الدينية التي أستقي منها ما أقول". ليس ذلك فحسب، بل يشير رمضان إلي مستمعيه بتبني استراتيجية الحذر الصحفي وذلك بقوله: "إنه لمن الواجب علينا أن نعرف كيف نخاطب أولئك الذين لا يشاطروننا التاريخ ولا التجربة نفسها". والأمر الوحيد الذي يمكن استنتاجه هنا، هو أنه يكاد يحث أتباعه علي ممارسة الكذب الصريح. وله في ذلك أيضاً الكثير من المبررات والذرائع.
وما أكثر النماذج والأمثلة علي هذه الازدواجية. ففي الثالث من أكتوبر عام 2001، نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية مقالاً لطارق رمضان، بدأ فيه بشجب هجمات الحادي عشر من سبتمبر علي الولايات المتحدة الأمريكية. غير أنه سرعان ما ذهب إلي إثارة غبار من الشكوك حول الدور المزعوم لأسامة بن لادن ولتنظيم "القاعدة" في تلك الهجمات علي حد قوله مستنداً علي الحجة المشروخة التي يكثر ترديدها عن المستفيد الأول والأخير من وراء الهجمات تلك، نافياً أن يكون بن لادن هو المدبر للعمليات التي تأذي منها المسلمون قبل غيرهم. وكان منطقياً أن يمضي إلي اتهام الولايات المتحدة وإسرائيل بتدبير الهجمات، مع العلم بأنه منطق متهافت، نسفه أسامة بن لادن نفسه!
ثم إن إدانة رمضان للإرهاب، إنما تناقضها وتفضحها علاقاته بالتنظيمات والشخصيات الإرهابية. منها علي سبيل المثال، إصرار الشرطة الأسبانية علي أن لرمضان علاقة وطيدة بأحمد إبراهيم، وهو أحد العناصر القيادية في تنظيم "القاعدة"، وقد تم توقيفه في أسبانيا. وبالمثل عندما زار أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة" جنيف في أغسطس من عام 1991، بادر طارق رمضان إلي تنسيق مؤتمر علي شرفه، وكان من بين حضوره الشيخ عمر عبدالرحمن، المتهم بتدبير الهجمات علي مركز التجارة العالمي في عام 1993.
وعلي الرغم من اعتراف رمضان بأن جده حسن البنا قد دعا إلي الجهاد فعلاً، إلا أنه أوضح أن تلك الدعوة إنما كانت تقتصر علي ممارسة "الدفاع الشرعي" أو في "الكفاح ضد البطش" وحدهما. وفي كتابه "تيارات في الفكر الإسلامي الحديث" كتب طارق رمضان ما معناه أن "حركة الإخوان المسلمين لا تلجأ إلي العنف إلا بوصفه خياراً أخيراً، ولا تستخدمه إلا عندما تصل بأعضائها القناعة إلي أنه سيعينهم علي ممارسة عقيدتهم وتحقيق وحدتهم كمسلمين". إذن فلا غضاضة في العنف.. أليس كذلك؟
وفي بعض كتاباته الأخيرة، أوحي رمضان بأنه يدعو المسلمين الفرنسيين إلي إعطاء وزن مكافئ لكونهم مسلمين وكونهم مواطنين فرنسيين. لكنه سرعان ما فرق بين الانتماء للعقيدة والانتماء للوطن، مبيناًً ما أسماه بالنظرة الكلية الشاملة للحياة، حين يتعامل المرء مع نفسه كمسلم، في حين لا يتجاوز كون الإنسان فرنسياً، حدود ممارسته لدوره وحقوقه بصفته مواطناً فرنسياً لا أكثر. وبعد فهو يبلغ ذروة تناقضه وازدواجيته، بدعوته الأخيرة لمسلمي أوروبا ل "أسلمة" المجتمعات التي هاجروا إليها، بدلاً من التكيف والتأقلم علي نمط حياتها! فما الذي يجنيه مسلمو أوروبا، سوي انعدام الثقة بهم إن فعلوا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.