بعد أيام قليلة من الفوز الكبير الذي أحرزته حركة حماس في الانتخابات التشريعية في السلطة الفلسطينية، خرج رئيس بلدية نابلس، عدلي يعيش، في جولة تفقدية في المدينة، وقد توقف وجماعته بالقرب من بناية فخمة كبيرة لا زالت في مراحل البناء تقع عند دوار الساعة في مركز المدينة، وهذا البناء هو ملك للبلدية، وسيصل ارتفاعه الي ثمانية طوابق، ومن المفروض أن يضم مكاتب وقاعات ومرافق تجارية، بالاضافة الي دار سينما، فقد سبق وأن خصصت له مساعدات مالية دولية لاقامته بمبلغ 25 مليون دولار، حيث ستكون بناية فخمة شاهقة علي الطراز الحديث، وبحيث ستُشغل دار السينما طابقين في هذه البناية. يعيش، وهو رجل حماس، ورئيس بلدية نابلس منذ فوز الحركة في الانتخابات للمجالس البلدية والمحلية، ثار غضبا، لن تكون هنا دار للسينما، قال، وأصدر تعليماته بالغاء المشروع جملة وتفصيلا. السينما هي الرمز الأكثر بروزا علي التسلل والتسرب الغربي الينا، ولا يعقل أن يأتي شبابنا الي بناية للبلدية ليشاهدوا أفلاما سينمائية. وحتي الآن، فان هذا ما سيكون في نابلس، لن تكون هناك دار للسينما مع انها توجد أفلام، فنحن، وهم نقف عميقا في بؤرة الخوف التي أصبحت موجودة الآن. ايران، موجودة هنا، هذا هو عنوان الفيلم وفقا لاحدي التوصيات التي طرحت هنا في اسرائيل مؤخرا والتي نوقشت في الاجهزة العسكرية الاسرائيلية. فالجبهة الشرقية التاريخية لم تعد هي الموجودة، اذا، اقبلوا بالجبهة الشرقيةالجديدةايران سورية حزب الله وحماس. اربع أيد تخرج من جسم واحد، والتي تتلقي التعليمات والأوامر من رأس واحدة لتلك الأفعي الساكنة في طهران. والآن، فان وتدا غليظا قد ضرب في وسط الساحة الخلفية عندنا، وحركة حماس هي اصبع في اليد الايرانية التي أُرسلت من بعيد، لكنها وصلت الينا وبدأنا نحس بها. في المشاورات التي تجري في الاوساط الأمنية الاسرائيلية منذ أن فازت حماس في الانتخابات (وبرئاسة رئيس هيئة الاركان الاسرائيلية) وفي وزارة الدفاع (برئاسة وزير الدفاع) فان صورة متكدرة تبدو واضحة في هذه المشاورات. وكذلك الأمر بالنسبة للتوصيات التي تتمخض عن هذه المشاورات: العمل علي تنفيذ خط الانفصال التام عن الفلسطينيين. انفصال شامل حقيقي وواضح عن الفلسطينيين. اذا كان الشعب الفلسطيني قد اختار حماس، فهذا هو ما يستحقه، هكذا يعلق أحد كبار المسئولين في الاوساط العسكرية في اسرائيل. ويضيف الآن، فليبحثوا عنا. الجنرال حلوتس، رئيس هيئة الاركان، وخلال المشاورات الداخلية التي تجريها المؤسسة العسكرية هو كما يبدو الذي يقود هذا التيار لهذا الاتجاه. يحظر علينا التململ، وكذلك اللعب. وهو في هذه الحالة يعرب عن رأيه تحت عنوان "يبدو لي" فهذا عنوان سوف يوصلنا الي خط أحمر غير قابل لأكثر من تفسير واحد. فاذا قررنا مص الاصابع والتردد فان هذا سيكون سببا في إسقاط كل أركان السور الدولي. التفاصيل والشرح: الناطقون، بمن فيهم رئيس هيئة الاركان، وبمن فيهم وزير الدفاع موفاز، كلهم يوصون بتوصية واحدة فقط: الانفصال التام عن الفلسطينيين وعدم الابقاء علي علاقة من أي نوع معهم، بل انهم لا يريدون هذه العلاقة والاتصالات، حتي مع أبو مازن. ويريدون وقف كل أشكال المفاوضات معهم، وبصورة فورية. وقف المساعدات. واغلاق المعابر. لا نريد عمالا منهم. لا لإدخال السياح. لا شيء للفلسطينيين، نحن هنا، وهم هناك (فقط باستثناء هذه الاموال التي تم السماح بنقلها اليهم هذا الاسبوع). في المشاورات الأمنية التي جرت قبل اسبوع، أوصي جميع قادة الاجهزة الأمنية (باستثناء قائد جهاز الاستخبارات العسكرية الجنرال عاموس يادلين) الذي فضل عدم الادلاء برأي خاص في هذا الشأن وآثر الصمت، والذي قال فيما بعد إن حماس لم تشكل حكومتها حتي الآن، وبالتالي فانها لن تستفيد من هذه الاموال التي تريد الحكومة دفعها للسلطة الفلسطينية عن فترة سابقة لما نحن عليه الآن. وفي اللحظة التي ستقوم فيها حكومة تابعة لحماس في المناطق، ولا يعنينا اذا ما كانت حكومة حمساوية مائة في المائة أم حمساوية بنسبة معينة فقط، ولا يعنينا اذا تقرر أن تتحول صلاحيات معينة حساسة لأيدي أبو مازن أم لا، فمنذ اللحظة التي تتشكل فيها حكومة جديدة، فان علي اسرائيل ان ترزم متاعها وتسحب أيديها وتغادر. لا أحد يخرج ولا أحد يدخل، لا من يتحدث ولا من يسمع، والمعابر مغلقة، فقط تستمر اسرائيل بتزويدهم بالكهرباء (مقابل دفع المستحقات كاملة)، وكذلك تزويدهم بالمياه، واذا كانت هناك ضرورة فان اسرائيل ستزودهم بحليب الاطفال ايضا. وهذا هو الأمر. فليتدبروا بأنفسهم، ولينضجوا بعصارة حماس. فاسرائيل لا بد لها من الاصرار والعناد علي سياسة واضحة هكذا قال رئيس هيئة الاركان في هذه المشاورات دون أي خلل وبلا أي تنازل.