تحقيق: محمود بسيوني خليل العوامي بعد تفاقم أزمة الرسوم المسيئة للرسول "صلي الله عليه وسلم" والتي نشرتها صحيفة دانماركية ورفض الدانمارك الاعتذار للعالم الإسلامي الذي بدأ في حملة مقاطعة واسعة لمنتاجاتها والاعتداء علي سفاراتها في الخارج، ظهرت قضية تمويل المؤسسات الدانماركية لمنظمات حقوق الإنسان المصرية حيث كانت هذه المؤسسات من أشهر المؤسسات التي تقدم تمويلات للمنظمات المصرية في مشروعات نشر ثقافة حقوق الإنسان وقضايا المرأة وغيرها، وكان السؤال هل ستتأثر هذه المشروعات خلال الفترة القادمة بعد صعود الأزمة واتخاذها جوانب سياسية واقتصادية كبيرة تعكس حدة الاعتراض الإسلامي علي ما قامت به الدانمارك ضد رسول الإسلام؟ الغريب أن كل المؤسسات المصرية أكدت أنه لم يكن لها أية علاقة بهذه المؤسسات وأنها لم تتلق أي تمويلات منها منذ فترة طويلة. وكشف بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن مصر لم يعد لها وجود علي خريطة التمويل الدانماركي منذ عام 2004 سواء التمويل الموجه للحكومة أو لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني بشكل عام، كما لا توجد أي اتفاقات تعاون بين الجانبين تسمح بتمويل أي أنشطة جديدة مشيرا إلي أن أنها حتي وقت وجودها بالقاهرة ممثلة في مؤسسة "دانيدا" كانت ضمن المؤسسات التمويلية المتوسطة التي لا تقدم تمويلات كبيرة أو تشارك في مشروعات ضخمة تخدم الحركة الحقوقية المصرية، وأضاف أنها ركزت في فترة وجودها علي التعاون مع الحكومة المصرية في مشروعات تنموية، وأوضح حسن أن سبب توقف نشاطها في مصر لم يكن بسبب مواقف سياسية ولكن لأنها اكتشفت أن برامجها كان لها تأثير سلبي علي الشعب المصري وأنها لم تنجح في مشروعات الشراكة التي قامت بها ولم تحصل علي النتيجة التي كانت ترغب فيها، وأغلب الظن أنها قامت بنقل مشاريعها التنموية إلي إحدي الدول الأفريقية الأخري لعلها تنجح هناك. تقول نهاد أبو القمصان مدير المركز المصري لحقوق المرأة إن المركز لا يتلقي أي تمويل من منظمات دانماركية وإن كنا في السابق حاولنا ذلك إلا أن الرد كان مفاده أن الدانمارك أوقفت تمويلها علي الجهات الحكومية فقط ولاستكمال عقود كانت مبرمة منذ فترة وبعد الانتهاء منها سيتوقف نشاط الجهات الدانماركية في مصر بشكل كامل، وتقول من المتوقع أن ينتهي هذا النشاط في عام 2007. وتقول إن الجهات الدانماركية كانت تتعامل مع الحكومة في مشروعات البنية التحتية كعمل أساسيات لمياه الشرب والصرف الصحي وتحسين أوضاع الفلاحين والأراضي الزراعية. وتضيف رغم أنني مع الحملة المصرية القوية لمقاطعة المؤسسات الرسمية الدانماركية والمنتجات الدانماركية إلا أنني أنصح أي منظمة تعمل مع المنظمات غير الحكومة الدانماركية بأن تفكر جيدا قبل قطع علاقاتها مع هذه المؤسسات، وتقول في الحقيقة فقد عهدنا المؤسسات غير الحكومية الدانماركية مدافعة عن حقوق وقضايا العرب في المنتديات الدولية، وكانت تلك المؤسسات دائما مناصرة لحقوق الدول والشعوب الفقيرة في العالم الثالث. وتضيف نهاد فضلا عما سبق فإن مثل هذه المؤسسات غير الحكومية تمثل جسور الحوار بين الشعوب يجب أن نفكر قبل أن نقطع هذه الجسور، كما أنها مؤسسات تعبر عن شعوبها وليس عن مواقف رسمية حكومية. وأكد ناصر أمين مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة أنه لا يتلقي أي تمويل من مؤسسات دانماركية مانحة، وقال: حسب علمي فإن المنظمات المانحة الدانماركية لا تقوم الآن بتمويل المنظمات الأهلية المصرية، واقتصر تمويلها في الفترات الأخيرة علي المشروعات الحكومية فقط مثل المشروع الذي ينفذ بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي ووزارة الداخلية المصرية حول تطوير القدرات لرجال الشرطة والنيابة والقضاء. ويقول أمين إن المنظمات المانحة الدانماركية قد أوقفت بشكل شبه كامل أنشطة تمويلها للمنظمات الأهلية المصرية منذ فترة طويلة وأرجع ذلك إلي ما واجهته تلك المنظمات من تعقيدات في التعامل مع المنظمات الأهلية بسبب خضوعها لقانون غير منضبط، فضلا عن المخاطر والإجراءات الأمنية التي تواكب مثل هذه الأنشطة خاصة أن المنظمات الدانماركية كانت لا تريد الخوض في مصادمات وتعقيدات أمنية، وهذا ما دفعها للتوقف واقتصار نشاطها علي تمويل البرامج الحكومية. ومن جانبه يقول محمد زارع مدير جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء: حسب علمي فإن هيئة المعونة الدانماركية قد أوقفت نشاطها في مصر منذ عدة سنوات، وأن كنت علي أرض الواقع لا استطيع أن أجزم بانتهاء نشاطها تماما. ويقول بالنسبة لجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء فإنها لم ولا تتلقي أي نوع من التمويل من المنظمات الدانماركية ولم تقدم هيئة المعونة الدانماركية للجمعية أي دعم سواء ماديا أو فنيا حتي قبل توقف نشاطها. ويوافق سعيد عبدالحافظ مدير مؤسسة ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان علي ما أشار إليه ناصر أمين ومحمد زارع، ويؤكد أنه لا يتلقي أي تمويل من مؤسسات دانماركية. ويضيف لا توجد منظمات مصرية معروفة تتلقي تمويلا دانماركيا الآن، وإن كان في السابق هناك بعض المنظمات التي حصلت علي تمويلات من هذه المؤسسات، ويشير إلي أنه في العموم كان تمويل المنظمات الدانماركية متواضعا ولم تقم هذه المنظمات بتمويل مشروعات كبيرة للمجتمع المدني في مصر. وطالب شريف هلال مدير المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان بضرورة محاسبة من ارتكب جريمة إهانة الرسول "ص" ومن هم وراء نشر هذه الصور التي أسفرت عن هذه الضجة الكبيرة وأن علي منظمات حقوق الإنسان الدولية أن تثبت أن هذا الحادث عبر بشكل صارخ عن عنصرية الغرب في تعاملهم مع الدين الإسلامي وأنها لا تعبر بأي حال عن حرية الرأي والتعبير وأصر هلال علي ضرورة اعتذار الدانمارك حكومة وشعبا للعالم الإسلامي علي هذه السقطة. وأوضح هلال أن منظمات حقوق الإنسان لم تطرح حتي الآن قضية التمويل الدانماركي للمنظمات الحقوقية موضحا أنه في الغالب.. فإن المنظمات ستفرق ما بين الدانمارك الجريدة، والدانمارك الدولة فنحن في النهاية لن نحارب الدانمارك وإذا كان هناك خطأ فلابد من محاسبة المخطئ أمام القضاء وأن يتم الاعتذار أو الحكم عليه بشكل واضح ويعلن هذا علي كل المسلمين وأضاف أن الدانمارك في مأزق أمام العالم وأن رد فعلها لن يمتد إلي أي تمويلات مشتركة مع الجانب العربي حتي تهدأ الأجواء ويتم حل هذه القضية الشائكة. وأكد أحمد سميح مدير مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف أنه ليس هناك أي مشروعات مشتركة لمركزه مع الدانمارك من قبل أو مستقبلا مشيرا إلي أنه لا يعتقد أن جهات التمويل الدانماركية قد تتخذ موقفا سياسيا من تمويل المنظمات العربية بعدما حدث لأن الأزمات السياسية لا تؤثر غالبا في العمل. وطالب سميح المنظمات المتعاملة مع جهات دانماركية أن تلتزم بنهج المقاطعة الموجود في الشارع العربي والإسلامي لأن ما تعرض له المسملون كان أمرا لا يمكن السكوت عليه لأن إهانة نبيهم خط أحمر لدي كل المسلمين لا يجب علي أحد تحت أي ظرف الاقتراب منه فإهانة المقدسات ليس لها علاقة بحرية الرأي والتعبير.