التحويلات بين المدارس للعام الدراسي القادم 2024-2025.. اعرف الموعد والأوراق المطلوبة    عيار 21.. أسعار الذهب في مصر منتصف تعاملات الخميس 20 يونيو 2024    «معيط»: الخزانة العامة تسدد 913.2 مليار جنيه ل«المعاشات» حتى نهاية يونيو 2024    حج مبرور وذنب مغفور.. مطار القاهرة يستقبل أفواج الحجاج بعد أداء المناسك    دول الاتحاد الأوروبي تفرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا    9 ملايين مهاجر ولاجئ من 62 جنسيةً تستضيفهم مصر.. و«الخارجية» تصفها ب«ملاذ من قصدها» و«المفوضية»: المساعدات الدولية غير كافية    يورو 2024.. طموحات إيطاليا تصطدم بقوة إسبانيا فى مواجهة اليوم    صحيفة جزائرية .. زين الدين بلعيد رفض عرض الأهلي وقرر الاحتراف في بلجيكا    بدء عودة حجاج الجمعيات الأهلية إلى أرض الوطن .. غداً    حرمان 39 ألف طالب فلسطيني من امتحانات الثانوية العامة في غزة    فيلم ولاد رزق يقترب من 114 مليون جنيه.. و«اللعب مع العيال» في المركز الثاني ب15 مليون جنيه    إعلام فلسطيني: قوات الاحتلال تنسف مربعا سكنيا غربى مدينة رفح الفلسطينية    إعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات ودعوة النواب أول الأسبوع المقبل    عاجل - ماذا حدث في واقعة مصرع نورهان ناصر ونرجس صلاح عقب مباراة الأهلي الأخيرة؟ (التفاصيل الكاملة)    الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل اليوم بتذكار رئيس الملائكة جبرائيل    كوريا الجنوبية تعرب عن أسفها إزاء اتفاق عسكري بين روسيا وكوريا الشمالية    تشييع جنازة أم و3 من بناتها لقين مصرعهمن في حادث مروع بالشرقية    التصريح بدفن جثة طالب أنهى حياته شنقا بسبب رفض والده إصلاح هاتفه    شواطئ الإسكندرية تستقبل زوارها في آخر أيام إجازة عيد الأضحى    خالد فودة: بعثة حج جنوب سيناء بخير.. والعودة الإثنين المقبل    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى    20 يونيو 2024.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    ينافس بفيلم عصابة الماكس.. تعرف على ترتيب أحمد فهمي في شباك التذاكر    ماذا قال أحمد عز ل يسرا قبل إنطلاق أول عروض مسرحية ملك والشاطر؟    التعليم العالي: تنظيم زيارة للطلاب الوافدين لمستشفى سرطان الأطفال 57357    فى 3 خطوات فقط.. حضري أحلى ستيك لحم بالمشروم (المقادير والطريقة)    انقطاع الكهرباء عن ملايين الأشخاص في الإكوادور    مليون أسرة تستفيد من لحوم صكوك أضاحى الأوقاف هذا العام.. صور وفيديو    بعد انتهاء عيد الأضحى 2024.. أسعار الحديد والأسمن اليوم الخميس 20 يونيو    بيان مهم من الداخلية بشأن الحجاج المصريين المفقودين بالسعودية    الإسكان: 5.7 مليار جنيه استثمارات سوهاج الجديدة.. وجار تنفيذ 1356 شقة بالمدينة    الأهلي يحسم مصير مشاركة عمر كمال أمام الداخلية اليوم    أول تحرك لنادي فيوتشر بعد إيقاف قيده بسبب "الصحراوي"    سنتكوم: دمرنا زورقين ومحطة تحكم أرضية ومركز قيادة للحوثيين    محمد صديق المنشاوى.. قصة حياة المقرئ الشهير مع القرآن الكريم    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    الإفتاء توضح حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما    مزاعم أمريكية بقرب فرض قطر عقوبات على حماس    وول ستريت جورنال: 66 من المحتجزين في غزة قد يكونوا قتلوا في الغارات    عاجل - تحذير خطير من "الدواء" بشأن تناول مستحضر حيوي شهير: جارِ سحبه من السوق    ثلاثة أخطاء يجب تجنبها عند تجميد لحوم الأضحية    منتخب السويس يلتقي سبورتنج.. والحدود مع الترسانة بالدورة المؤهلة للممتاز    كيفية الشعور بالانتعاش في الطقس الحار.. بالتزامن مع أول أيام الصيف    مبدأ قضائي باختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى التعويض عن الأخطاء    تعرف على خريطة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية    يورو2024، إنجلترا تسعى لتسجيل اسمها كأحد المنتخبات القوية المرشحة للقب أمام الدنمارك    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    التخزين الخامس خلال أيام.. خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة    5 جنيهات سعر كيلو «بصل الفتيلة» بالمنيا.. ومطالب بسعر استرشادي    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    تشييع جثامين أم وبناتها الثلاث ضحايا حادث انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    خاص.. موقف الزمالك من خوض مباراة الأهلي بالدوري    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 20 يونيو.. «وجه تركيزك على التفاصيل»    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 20 يونيو.. «ركز على عالمك الداخلي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمير الكويت الراحل.. وأوراق تاريخية هامة
نشر في نهضة مصر يوم 21 - 01 - 2006

شيعت الكويت حكومة وشعباً أميرها الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح والذي وافته المنية فجر الأحد 15 يناير 2006 الموافق 15 ذي الحجة 1426ه.
وقد كان لنبأ وفاته صدي عالمي وعربي كبير علي الرغم مما ألم به من مرض لفترة طويلة لتاريخه الحافل بمواجهة منعطفات وأزمات صعبة يأتي في مقدمتها الغزو العراقي للكويت عام 1990 وجهوده التي بذلها لإعادة إعمارها واجراء اصلاحات متتابعة لتحقيق تنمية سياسية واقتصادية لبلاده.. وهو ما شكل في محصلته مؤازة عالمية وعربية للكويت لحمايتها من أي مخاطر مماثلة مستقبلا إلي جانب السعي لدعم أي توجهات لعودة روح الجوار الايجابية بين كل من العراق والكويت واحترام استقلال كل منهما وأمنه وكيانه داخل حدوده المعترف بها عالميا.. بعد سقوط نظام صدام حسين بالعراق.
ولعل ذلك كله جعل من نبأ وفاة الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير الكويت الراحل يرتبط بذكريات لأحداث جسام مازالت تطل برأسها في تاريخ العالم العربي المعاصر.. ووجدان الأمة العربية والعالم أجمع وتجاوزت طبيعة الأحداث ارتباطها بشخص الأمير الراحل.. لتشكل سطورا هامة في المواثيق والمحافل الدولية خاصة إذا ماوضع في الإعتبار أن تلك السطور.. لم تنته بأحداثها.. ولابوقائعها بعد بل مازالت أبعادها وانعكاساتها إلي اليوم بما ولدته بالمنطقة من متغيرات.. وما تضيفه من واقع جديد يوما بعد يوم.
وإذ شارك الرئيس حسني مبارك وغالبية القادة العرب في تشييع جنازة أمير الكويت الراحل.. وانتقلت السلطة بصورة تلقائية وهادئة إلي الشيخ سعد العبدالله فأصبح أميرا للكويت بعد ساعات قليلة من وفاة الأمير الراحل.. والذي شارك في كافة المراحل الماضية بأحداثها وأزماتها.. إلا أن تداعي شريط الذكريات والأحداث لايمكن ان يتجاهل أو يتناسي موقف مصر رئيساً وشعباً مع المنظمات والمحافل الدولية والعربية للحفاظ علي الكويت.. كيانا ودولة وشعبا.. والانحياز للمبادئ والقوانين والاتفاقات الدولية التي تمنع غزو أي دولة لأخري صغرت تلك الدولة أم كبرت.
كما أنه يعتبر جزءًا لايتجزأ من شريط الأحداث والذكريات موقف مصر حاليا من دعم شعب العراق والتأكيد علي حريته ووحدته واستقراره من جانب والحرص علي تحقيق آماله ومصالحه وطموحاته من جانب آخر بدعم دولي وإقليمي خاصة من دول الجوار وهو ما يمثل في نفس الوقت عمقا قوميا وأمنيا للكويت وشعبها.
وكان من أهم ما سطره التاريخ والوثائق عن تلك الفترة من الاحداث.. ما تضمنه في جعبته أيضا من سطور هامة سجلها وزير الخارجية الأمريكية الأسبق جيمس بيكر.. إبان رئاسة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب للولايات المتحدة الأمريكية وذلك في كتابه "سياسة الدبلوماسية" (والذي نشرته باللغة العربية في طبعته الأولي مكتبة مدبولي عام 1999) إذ جاء في فصله الأول والذي أورده تحت عنوان "يوم وضعت الحرب الباردة أوزارها" ليسرد وقائع متابعة الولايات المتحدة الأمريكية مع الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت لخطوات اقدام صدام حسين علي غزو العراق.. فسرد وأوضح:
أنه عندما كان يقف في يوم 3 أغسطس 1990 كوزير للخارجية الأمريكية.. بجوار وزير الخارجية السوفيتي إدوارد شيفر نادزة وذلك بمطار فنوكوفور 2 خارج موسكو أسهب الأخير في تصريحاته للصحفيين عن أسباب موافقة بلاده علي اجراء غير مسبوق بالانضمام للولايات المتحدة في إدانة غزو العراق للكويت.. واستطرد له أي "لجيمس بيكر" أنه كان قراراً صعباً بالنسبة لهم بسبب العلاقات التي تربطهم بالعراق ولكنهم اضطروا لاتخاذ تلك الاجراءات لأن هذا العدوان يتعارض مع التفكير السياسي الجديد والمبادئ المتحضرة بين الدول.
هنا.. وعلي لسان جيمس بيكر تذكر عندما كان يسير مع الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان في يناير 1981 عبر الطرق المحيطة بالبيت الأبيض وكان ريجان لم يمض علي تقلد منصبه إلا عشرة أيام فقط.. فأسر له رأيه في الاتحاد السوفيتي بأن الأخير أعلن صراحة وعلناً أن القاعدة الأخلاقية الوحيدة التي يعترفون بها هي تلك التي تساهم في دعم قضيتهم.. وأضاف ريجان "أي يعني ذلك انهم يمنحون أنفسهم الحق في عدم التورع عن ارتكاب أي جريمة والكذب والخداع في سبيل تحقيق غايتهم.. وأن المرء عندما يتعامل معهم يجب أن يضع ذلك في اعتباره.. حتي ولو كان هذا التعامل يشكل صورة للانفراج" أي انفراج العلاقات بين الدولتين!!
ويمضي جيمس بيكر في استكمال ذكرياته عن أغسطس 1990 وما تلاه.. بأنه كان من قبيل المفاجأة ان يمضي السوفيت في تفكيك امبراطوريتهم في أوروبا الشرقية وأن يذعن الكريملين لانهيار حكومة إريك هونيكر في ألمانيا الشرقية.. مما جعل سقوط سور برلين أمراً حتميا.. وللمرة الأولي انضم الاتحاد السوفيتي إلي الولايات المتحدة الأمريكية بفعالية ضد واحد من أوثق حلفائه.
ويقول جيمس بيكر في وصفه لصدام حسين من جانب واختياره يوم 2 أغسطس 1990 لغزو الكويت "يشوب صدام حسين الكثير من نواحي القصور.. ولحسن حظ أمريكا وبقية العالم المتحضر أن تبلد احساسه بالزمن كان من بينها.. فإن طاغية آخر أكثر حصافة كان سيختار بالتأكيد موعدا آخر للقيام بغزو جار لاحول له ولاقوة.. فقد كان رئيس الولايات المتحدة يتأهب في ذلك اليوم تحديداً للاجتماع مع رئيسة وزراء بريطانيا وهي المرأة الحديدية مارجريت تاتشر التي لاتقبل بأنصاف الحلول في لحظات التحدي.. كما كان وزير الخارجية الأمريكي (يقصد نفسه) في سيبيريا لاجراء مباحثات مع نظيره السوفيتي.. وكان دبلوماسو الدولتين يضعون اللمسات النهائية لمباحثات التخطيط السياسي للدولتين والمقرر اجراؤها بموسكو منذ فترة طويلة.
ويضيف: "أن مواجهة الطغاة ليست بالمهمة اليسيرة ولكن الخطأ التكتيكي القاتل في الحساب الذي ارتكبه صدام حسين جر مضاعفات هائلة ووفر لنا (أي للولايات المتحدة الأمريكية) نقطة انطلاق حاسمة لصياغة خطة مواجهتنا للأزمة.. ولولا هذا الخطأ الذي يمثل ميزة ثمينة ربما لم تظفر أمريكا دونه بالقدرة علي تعبئة الارادة الدولية والمحلية لمواجهة هذا العدوان الصارخ.. فلو كان صدام علي قدر من البراعة لانتظر ثلاثة أسابيع حتي يكون زعماء معظم الحكومات ومسئولوها قد تناثروا في أنحاء شتي لقضاء العطلات وتغيرت مسيرة الأحداث!!
ويضيف: وكما يعرف العالم فقد شكل ذلك كارثة لصدام حسين وشعبه فقد أزهق أرواح عشرات الآلاف من الجنود العراقيين مقابل أربعمائة جندي أمريكي.. كما أن معاناة الشعب العراقي مازالت مستمرة.. بينما انتصرت الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية وأصبحت علامة مضيئة في تاريخ جورج بوش.
ويؤكد في سطوره أيضاً أن الغزو الوحشي للكويت هيأ فرصة غير متوقعة لوضع نهاية مدوية لخمسين عاماً من صراع الحرب الباردة!!.
وفي موقع آخر في كتابه ومذكراته.. تطرق جيمس بيكر أيضا للعراق وإيران.. وأفاض بتقييم الحرب بينهما والتي استمرت ثمانية أعوام لتنتهي بالجمود وتدمير البلدين.. وموقف الرئيس ريجان إبان ذلك بتطوير علاقات أمريكا مع العراق.. إلا أن الرئيس جورج بوش عندما تسلم الحكم قام بمراجعة استراتيجية لملف العراق وإيران ودول الخليج.. والذي انتهي حينذاك بأن العلاقات بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية بصورة طبيعية ستخدم المصالح الأمريكية طويلة الأمد وتعزز الاستقرار بالخليج والشرق الأوسط وتدفع العراق لتهذيب سلوكه تجاه قضايا هامة مثل الإرهاب وحقوق الإنسان وإنتاج الاسلحة الكيماوية والبيولوجية.. ومن هنا اتخذت أمريكا خطوات للتوسع في حوافزها السياسية والاقتصادية مع العراق ومواصلة السعي لتسهيل الفرص أمام الشركات الأمريكية للمشاركة في إعمار الاقتصاد العراقي!!
إلا أن العراق في نفس الوقت اتهم الولايات المتحدة الأمريكية بالسعي والتخطيط لإضعاف استقرار العراق.. وقد كذبت الولايات المتحدة الأمريكية ذلك في حينه.
ويؤكد جيمس بيكر عن الأيام السابقة لغزو العراق للكويت أن الولايات المتحدة لم تكن لديها معلومات محددة عن إقدام صدام علي هذه الخطوة رغما عن تهديده بها.. بل أإ الاتحاد السوفيتي أيضا كان يعتبر ذلك من قبيل التهديد والوعيد ولكن هذه الخطوة المجنونة لايمكن ان يقدم عليها.. بل كثير من القادة العرب اعتبروا صداماً يستعرض دائماً عضلاته.. حتي أشارت المعلومات إلي تجمع للقوات العراقية علي حدود الكويت.. فرجح البعض أنه قد يدخل إلي عدة كيلومترات عبر الحدود.. ويعود مرة أخري من قبيل الاستعراض.. وفوجئ الجميع بغزو كامل لاحتلال الكويت.. فتدخلت أمريكا في إطار دول التحالف لتحرير الكويت.
هذه كانت شهادة في سطور ومذكرات وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الذي عاصر غزو العراق للكويت.. بما لها.. وبما عليها.
فلنتذكر جميعا.. ومازالت المنطقة للآن تعاني من انعكاسات الاحداث التي تجري بها خاصة علي أرض العراق.. أن الكويت وهي تودع أميرها الراحل.. لن تنسي له تاريخه في مواجهة المحن والأزمات.. ولن تنسي له حكمته وحنكته السياسية.. التي تؤكد أن استقرار الكويت وشعبها يرتبط ارتباطا وثيقا باستقرار شعب العراق وسلامته.. فكل منهما عمق للآخر قوميا وسياسيا واجتماعيا وإنسانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.