منذ انقلاب الثالث من أغسطس الماضي والحزب الجمهوري الحاكم بموريتانيا سابقا يثير جدلا واسعا قانونيا وسياسيا في الساحة الموريتانية وتتباين المواقف بشأن المطالبة بحله وتجريده من "مكاسب الماضي" أو الاكتفاء بحله فقط. وبين هذين الموقفين يعتبر البعض أن الحزب الجمهوري لم يعد موجودا في الواقع بعد تغيير الاسم والشعار والقيادة. ويقول رئيس حزب التجمع من أجل موريتانيا (تمام) الشيخ ولد حرمة إن أول مبادرة كان ينبغي للمجلس العسكري اتخاذها هي تفكيك الحزب الجمهوري "لأنه حزب قام علي أسس فاسدة ولا يمكن بقاؤه بأي وجه من الأوجه". وبشأن التطورات الأخيرة التي حصلت في الحزب من تغيير للاسم والقيادة يقول ولد حرمة إنه من الطبيعي أن تحاول جماعة الحزب العودة إلي الواجهة وممارسة ما درجت عليه "من فساد". ويشدد ولد حرمة علي ضرورة تفكيك هذا الحزب لأنه يمثل الواجهة السياسية والإعلامية والأمنية للنظام السابق، والتغاضي عنه يعتبر "نقصا في محاربة الفساد وسيكون من الصعب معه أن تنطلق الساحة السياسية من أسس سليمة تخدم المصلحة العليا للبلد". أما رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير فيعتقد أنه كان من الأفضل بالنسبة للبلد، وللمرحلة الانتقالية، وحتي لمنسوبي الحزب الإسراع في حله لأن ذلك يمثل رمز القطيعة مع النظام السابق، ومع الممارسات السابقة. ويستدرك ولد بلخير بضرورة إعطاء مكونات هذا الحزب فرصة أخري للتشكل السياسي، لأن ذلك في نظره هو الضامن لإشعار الجميع بأن الحزب لم يعد حزب الدولة، وليست له أسبقية كما كانت علي باقي الأحزاب. في مقابل تلك المواقف يبدي النائب البرلماني السابق، ونائب رئيس حزب اتحاد قوي التقدم محمد المصطفي ولد بدر الدين نوعا من التحفظ علي اقتراح حل الحزب ويدعو فقط لتجريده من المصالح التي حصل عليها بطرق غير مشروعة، رافضا عودة الحزب إلي السلطة. ويشير بدر الدين إلي أن سر تمسك الجمهوريين بحزبهم يعود إلي كونه الإطار الذي من شأنه في حالة بقائه المحافظة لهم علي الكثير من المكاسب والمصالح التي حصلوا عليها في العهد السابق. ويذكر بدر الدين أن الحزب صادف ظروفا مؤاتية تتعلق بكون التغيير الذي حصل في البلد من وجهة نظره يعتبر مجرد "ثورة بلاط" بمقتضاها أزيح فقط معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطايع (الرئيس السابق) ولكن ترك "جميع المعاويات الآخرين" دون إزاحة، وهذا يجعلهم يشعرون بأنهم ما زالوا يمتلكون القوة، وأنه ما زالت لديهم أجنحة يطيرون بها. أما بالنسبة للقيادة الجديدة للحزب الجمهوري فتعتبر أن الحزب الجمهوري لم يعد موجودا بعد تغيير الشعار والقيادة والاسم (من الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي، إلي الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد)، في ما يبدوا تجاهلا لدعوات الحل والتفكيك. ويحرص الجمهوريون الجدد علي الاعتراف بأخطائهم في العهد الماضي، وانتقاد الممارسات السابقة لحزبهم ورئيسه ولد الطايع، لكن ذلك في نظرهم لا يمثل مبررا مقبولا سياسيا أو قانونيا لحرمانهم من حقهم الدستوري في الوجود القانوني من خلال حزبهم الذي اختاروه. وبين الدعوات المطالبة بحله وتلك الداعية إلي تجريده من مكاسبه السابقة فقط دون حله تقف السلطات الانتقالية موقف المراقب، وينتظر الكثيرون ما ستسفر عنه المعركة القضائية التي استأنفها محامو الطرف الآخر ضد الحزب الجمهوري.