علي خارطة السينما في بلاد العرب، هناك نساء مخرجات، ونساء كاتبات، ونساء عاملات في مختلف مجالات الابداع السينمائي، تماما كما هو موجود علي خارطة الواقع التعليمي والواقع السياسي، والواقع الثقافي، فهناك نساء وزيرات، ونساء عميدات للكليات، ونائبات في مجلس الشعب، وأديبات ومفكرات وكاتبات للقصة والشعرِ، هذا غير مجموعة مرموقة من المذيعات المثقفات الجميلات. وسواء كانت مدرسة، أو طبيبة، أووكيلة وزارة، أو حتي رئيسة وزراء، فان الواقع الفيلمي حول المرأة المجمل بالآثام والشرور، والكل يتربص بها لينتقم منها، او يخدعها، أو يغتصبها، أو ليغدر بها من دون أسباب واضحة، واذا لم تكن في وظيفة محترمة، فان بقية الصور التي تتوارد في الأفلام عن المرأة تصورها في أغلب الاحيان وفي اكثر الافلام كخادمة هاربة من زوج ام سكير، أو راقصة منحرفة بفعل ظروف اجتماعية مميتة. أو زوجة مقهورة من زوج خائن بطبيعته مثل ذيل الكلب لاينعدل أبدا، عدا بعض الصور التي قدمتها نادية الجندي عن تلك المرأة التي تنتقم من كل الرجال بسبب، و دون سببِ، ويمكن مراجعة العديد من الافلام التي قدمتها نادية الجندي وانتهت نهايات دموية وهي تحمل السكين الملوث بدم الضحية وعادة ماتكون هذة الضحية رجل مخادع ومرواغ ونصاب قام بخداعها طوال الفيلم. واذا كانت وضعية المرأة العربية تبعث علي الحزن الشديد علي رغم الاعترافات والأقوال، والدعايات، التي تقول انها نصف المجتمع، واذا كان الرجل قد ساهم في تكريس هذه الوضعية وتنميتها عبر عصور متلاحقة من الظلم والقهر، فان المرأة السينمائية سواء كانت مخرجة أو كاتبةساهمت إلي حد كبير في تشويه جزء من الصورة العامة، وجاءت بعض الأفلام التي صنعت علي يد نساء، ربما لتقدم صورة أكثر تشوها من التي قدمها بعض المخرجين الرجال ولايمكن اغفال الدافع التجاري والرغبة في الاثارة التي كانت وراء تلك المحاولات. واذا كانت النماذج الايجابية التي يمكن ذكرها في تاريخ السينما العربية استطاعت بالفعل ان تقدم بعض الأعمال التي قدمت المرأة في صور مختلفة عما تعودت السينما تقديمه، ونذكر هنا العديد من الأفلام التسجيلية علي يد عطيات الأبنودي، ومي المصري، وراندا شهال، وجوسلين صعب، ومفيدة التلاتلي، ونبيهة لطفي وغيرهن. فان عدد المخرجات وكاتبات السيناريو اللائي التزمن بتقديم صور ايجابية عن المرأة يعد علي الأصابع، واذا كانت السينما العربية ما زالت تصر علي تقديم النماذج السلبية في عموم انتاجها. واذا كانت الأفلام تواصل تقديم المرأة من خلال هذة الصور المشوهة، لاعتبارت تاريخية مزيفة ولاعتبارات اجتماعية غير مستنيرة، ولاعتبارات تجارية لاجتذاب اكبر عدد من المشاهدين لشباك التذاكر. فان جزءا من مسئولية ذلك يقع علي عاتق بعض المخرجات اللائي يتشدقن فيكل لحظة وفي كل لقاء بأنهن يبدعن من أجل تحسين صورة بنات جنسهن ومن أجل تغيير صورة المرأة علي الشاشة، ومن أجل تقديم نماذج مختلفة للمرأة من الواقع العربي ومع تعدد تجارب هؤلاء المخرجات سرعان ما تتبخر الوعود وتذهب الأمنيات أدراج الرياحِ. وما زلنا في حالة ترقب لمشاهدة نموذج سينمائي لامراة حقيقية تجسدالأم والأخت والزوجة الصالحة، وتعتبر بالفعل نصف المجتمعِ. [email protected]