هل فعلا انتهت مشكلة السحابة السوداء؟ بصوت ملؤه الأسي أجاب الآن فقط هدأت ...هكذا قال لي عندما سألته عن والدته التي أعرف أنها مصابة بتليف في الرئتين أدي الي قصور شديد في وظائف التنفس ولكي تستمر علي قيد الحياة تعيش علي استنشاق الأكسجين هذا بالاضافة الي الأدوية المكثفة ، وفي الأيام الأخيرة حاصرتها سحب الأدخنة الكثيفة المنبعثة من حرق قش الأرز فلقد كانت تقيم في احدي قري مركز شربين بالدقهلية وقد أدت هذه الأدخنة الي حدوث خلل كبيرفي تنفسها ونسبة الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بالدم مما استلزم نقلها الي العناية المركزة ولما لم تفلح المحاولات العادية لانقاذها وضعت علي جهاز للتنفس الصناعي الذي ظلت عليه بضعة أيام الي أن سكتت أنفاسها الي الأبد ، يقول باكيا لا أتخيل العالم يتنفس وليس بين أنفاسهم نفس أمي ، ذهبت الي الله مشتكية ظلم العباد فلقد ظلمت يوم أن ظلت مشكلة حرق الأرز بلا حل طيلة هذه الأعوام اللهم الا من حلول اعلامية فضائية ولطالما تمني المساكين والمرضي أن تكون واقعية أرضية فما يحدثه هذا الدخان وما يتبعه من سحابة سوداء لا يقتصر علي التأثير السريع الحاد من اختناق وحبس للأنفاس وحدوث للأزمات الربوية الحادة وغير ذلك مما يستلزم التدخل السريع والذهاب للمستشفيات للعلاج ومحاولة انقاذ الحياة بما لذلك من تكلفة عالية وفواتير أخري سواء تكلفتها الدولة أو الأفراد ولكن هناك التأثير التراكمي الذي يزداد عاما بعد عام وعما قريب سنأخذ المراتب الأولي في أمراض الصدر كما أخذناها في الأكباد ، وليت الأمر يقف عند هذا الحد ولكن هناك من قد يودي بحياتهم سريعا وهؤلاء من لهم مشاكل سابقة بالرئتين تبعها قصور في وظيفتهما ، هؤلاء بسبب ظروف مرضهم تضطرب عندهم نسبة الغازات بالدم وبالكاد والأكسجين والموسعات وغير ذلك يستطيعون البقاء ،فاذا ما داهمهم هذا الوحش المفترس أقصد الدخان تضطرب غازات دمائهم أكثر وأكثر وقد لا تفلح محاولات انقاذهم كما حدث مع هذه السيدة التي صدرت بحكايتها حديثي ،فمشكلة حرق قش الأرز ظلت وستظل لأنه لا يوجد حلول جذرية لهذه المشكلة ودخانها الكثيف الذي ما ان يتحرك تجاه القاهرة محدثا ما يسمي بالسحابة السوداء الا ونسمع عن اجراءات مواجهتها ولا أعرف كيف ستواجه في السماء ان لم يقض علي مسبباتها علي الأرض ،وعودة بنا الي الوراء لنعرف جذور المشكلة فلقد كان الفلاح عندما يجني الأرز يأخذ الأرز بقشه بعيدا عن الأرض المزروعة ليفصل الأرز ويأخذ القش ليستخدم كوقود وان زاد عن المطلوب يقوم ببيعه فلقد كان يستخدم في مصانع الخشب المضغوط ، أما الآن فليس له به حاجة فهو لم يعد وقودا وكذلك أغلقت مصانع الخشب المضغوط ،اذن لماذا يكلف نفسه عناء جمعه؟ ‘ وهب أنه جمعه فأين سيضعه ؟ ولنفترض جدلا أنه قرر أن يخلي قطعة من أرضه ويجعلها مستودعا للقش ‘فسرعان ما سيكون هذا القش ماوي للفئران والحشرات التي ستهلك زراعته وزراعة جيرانه وسيشتكونه بسبب قشه ،ويجب هنا ألا ننسي أنه يريد اخلاء أرضه ليزرع المحصول الجديد ‘ الأمر بسيط جدا عود من الثقاب يحرق به صدره وصدور اخوانه متلمسا لنفسه العذر أنه ليس أمامه الا ذلك ‘‘وبراءة الي الله أكتب وأنا أعلم مسبقا أن أحدا لن يقرأ حتي لو قرأ فلن يستجيب وأكرر اقتراحا قلته مرارا قبل ذلك وهو أن تقوم الجهات المعنية بتحديد مكان في كل منطقة لتجميع القش علي أن نساعد الفلاح بتكلفة جمع القش ونقله وعندما يتم جمعه تتصرف فيه هذه الجهات بطريقة آمنة وليكن العقاب حازما صارما لكل من لا يستجيب من الفلاحين اذ لا عذر لهم ،وقد يقال ومن أين نأتي بتكاليف الجمع والنقل وجواب ذلك أن ما نتكلفه من أدوية ومستشفيات واشغالات أكبر بكثير من كل ما سندفعه وسأترك لك سيدي حسابها بنفسك والأهم من ذلك ماذا يكون ثمن الأرواح التي تزهق والأوجاع التي تتراكم والتي حتما سنري تأثيرها في يوم من الأيام حتي وان لم تتوفر هذه التكاليف البسيطة فلنفرضها علي الناس فما أظن الا أنهم يفضلون الموت جوعا علي الموت خنقا ،أقول ذلك وأنا أعلم أن ذلك سيحزن مسئولي وزارة البيئة التي احتفلت بتخلصها من السحابة السوداء وحرق قش الأرز الذي كان آخر ضحاياه أربعة عشر راكبا في محافظة كفر الشيخ ،ليت هؤلاء يخبروننا عن أي بلد يتحدثون؟! mohamedalalfy2010*yahoo.com