تدخل المستشفيات من خلال مناقصات تجريها الوزارة بعد تحليلها .. والتلاعب يتم فى المعمل والتفتيش 3 جهات مسئولة عن الادوية الفاسدة المصنعو معامل وزارة الصحة و الامر المباشر لمدير المستشفى ربيع دندراوى: لايوجد لدى وزارة الصحة مايسمى بالمواصفات القياسية.. المهم التركيز والمادة الفعالة فقط صيدلانية: لو هناك تأمين صحى يحترم المواطن لن يكون هناك خطين انتاج للشركة رانيا عبدالكريم كوارث عدة ومصائب متتالية تصدرها لنا "اجزخانات"وصيدليات المستشفيات الحكومية، ادوية غير صالحة او منتهية الصلاحية واحيانا محرمة دوليا، والكارثة ادوية مصنعة "مخصوص" بخامات وجودة اقل للمستشفيات التابعة لوزارة الصحة، انعدام الضمير والفساد لم يترك حتى اوجاع وآلام المرضى، ولم يوقف انينهم اباطرة الدواء على المتاجرة بامراض الناس فى سبيل تحقيق أرباح وثروات طائلة , وكارثة عقار الأفاستين المستخدم فى مستشفى رمد طنطا المحرم دولياً الذى اصاب مايقارب 20 حالة بالعمى ومن قبلها فضيحة محلول جفاف منتهى الصلاحية بمستشفى بنى سويف والذى اصاب 32 طفل .. خير دليل على ان ادوية المستشفيات الحكومية .. فرز تانى . قامت "الأخبار المسائى" بجولة داخل عدد من صيدليات تلك المستشفيات متقمصين دور مندوب مبيعات لاحدى شركات الادوية، للوقوف على كيفية دخول الأدوية لها ومن المسئول عن ذلك وما إذا كان من حق أى شخص إدخال اى دواء لها، الا ان الجولة اسفرت عن ان الوزارة هى الوحيدة التى لها الحق فى ادخال الادوية المختلفة للصيدليات من خلال عمل مناقصات لشركات الادوية. وخلال الجولة داخل أروقة المستشفيات الحكومية وجدنا صعوبة في الدخول نظراً لعدم وجود بطاقة التأمين الصحي، إلا أننا وصلنا إلي صيدلية المستشفي من الداخل، تحدثنا مع الدكتور الصيدلي الذى رفض ذكر اسمه، وأكد أن الدواء الذي يدخل الصيدليات في المستشفيات الحكومية لا يدخل إلا عن طريق مناقصات تتم من خلال وزارة الصحة، وليس عبساً أو بطريقة عشوائية، ولايمكن أن يدخل مندوب لاى شركة ويسوق داخل المستشفى منتجاته، فهناك نظام لدخول وخروج الدواء. وعن كيفية معرفة الدواء اذا كان صالح للإستخدام الادمي ام لا قال " كل ما يمكن أن أعرفه بالنسبة لصلاحية الدواء يكون من خلال تاريخ صلاحيتة فقط، لاننى لست معملى وليس لى صلاحية لتحليله"، موضحا انه يقوم بعمل جرد للصيدلية كل ثلاثة أشهر، وإعادة الأدوية منتهية الصلاحية الي إدارة التموين الطبي، وأنها المسؤل عن تحديد صلاحية الدواء من كونه صالح أم لا، وهي التي تقوم بتحليله بعد استلامه من المناقصات التي تتم عن طريق وزارة الصحة ومن ثم يتم إرساله إلي الصيدلية. توجهت الأخبار المسائى بعد ذلك لإدارة التموين الطبى، لمحاولة استكمال رحلة التعرف على طرق وأساليب دخول الأدوية لمستشفيات الحكومة، إلا أن الأمر لم يكن سهلا، ولم يسمح لنا بالدخول إلا من خلال إنتحال صفة مندوب من شركة الأدوية. وفى مستشفى السلام العام أوضحت لنا دكتورة شرين "صيدلانية" انه لايمكن أن يمر مندوب أدوية بالمستشفى ويدخل ليعرض على المسئولين بها التوزيع لديهم، وعندما تكون هناك نواقص فى الأدوية، تطلب المستشفى الاصناف التى تحتاجها من الوزارة والتى تقوم بعمل مناقصات لعدد من الشركات وتختار الأنسب لها منهم، ولو أن الصنف لايوجد شركة له بالمناقصة يكون الطلب بالأمر من مديرة الفرع بالتموين الطبى. موضحة ان الأدوية فى صيدلية المستشفى تخضع لرقابة وتفتيش دورى " أنا لازم اعمل مراجعة كل 3 أشهر على الأكثر على الأدوية الموجودة لدى، وقبل تاريخ الانتهاء ب 3 أشهر اخرجها من الصيدلية، وهناك أصناف تورد يوميا لزيادة السحب عليها، ولكن هذا لايمنع أن بعض معدومى الضمير قد يتهاون فى الأدوية منتهية الصلاحية ولايخرجها من عهدته". وكشفت دكتورة شرين ان ماتعرفه عن شركات الادوية انها يكون لديها خطين للإنتاج، احداهما للمستشفيات الحكومية وصيدلياتها والآخر للصيدليات التجارية، وهذا يعنى ان هناك اختلاف فى المادة الفعالة وجودة المنتج، معلقة على الفساد متوغل فى المنظومة بأكملها "الكل عايز يكسب وخلاص ، مش مهم على حساب مين، و لو فى تأمين صحى يحترم المواطن مثل اى دولة فى العالم لن يكون هناك خطين انتاج للشركة، الناس مابتثقش فى الدواء المصرى، والمستورد مش موجود، وده بيأثر بالطبع سلبيا على الكثير من المرضى، وفى ناس بتاخده تخليص حق حتى لو مش بتستخدمه، وده اهدار للمال العام". "الأدوية لايمكن أن تدخل للمستشفيات الا من خلال مناقصات تجريها وزارة الصحة وتأخذ الاقل سعرا، وتمر تلك الادوية أولا على معامل وزارة الصحة لتحديد ما اذا كانت صالحة ام لا، هذا ما أكده دكتور ربيع دندراوى رئيس التجمع الصيدلى، مضيفا أن اى مناقصات لايمكن أن تخلو من "الشغل تحت الترابيزة"، ووزارة الصحة لايهمها سوى السعر الاقل. وتابع "مافيش عندنا مايسمى بالجودة، ولايوجد لنا مواصفات قياسية، والمهم فقط ان تكون المادة الفعالة واحدة وبنفس التركيز، مثلا العقار "باراسيتامول" يهمنى كوزارة صحة أو مستشفى حكومى أن يكون باراسيتامول تركيز 500 مل، وليس لى علاقة انت جايبة درجة 1 والا درجة 5 ، فالجودة تتمثل فى جانبين درجة نقاء المادة الفعالة نفسها وجودتها، والمواد المضافة اليها لتخرج فى هيئة دواء، لو الكيلو فى الدرجة 1 بالف دولار ، فالدرجة 5 ممكن تكون ب 50 دولار". وعلق رئيس التجمع الصيدلى على اختلاف الاسعار لنفس العقار مابين القطاعين الخاص والحكومى بأن نفس الشركة تنتج أدوية للتصدير واخرى للسوق المحلى وغيرهما للمستشفيات، والثلاثة ليسو على نفس مستوى الجودة، وكل منهم له مادة فعالة مختلفة لاننا لانمتلك نظم رقابية ومحاسبية وادارية فعليا، قائلا " ازاى الشركة منتجة صنف مثلا كالاوجمنتين، وتورده لشركة التوزيع ب 40، والصيدليات تبيعه للجمهور ب 58، ويدخل للمستشفى الحكومية ب 12 جنية، ويكون بنفس الجودة". موضحا أن هناك أساليب عدة للتلاعب "أحيانا يكون لعب فى عينة المعمل وبعد ان تقر الوزارة بصلاحيتها، يخرج المصنع الطلبية بخلاف العينة التى تم تحليلها مسبقا، وللاسف احنا ماعندناش نظام العينة العشوائية بعد تسليم الادوية للوزارة لضمان سلامة الكمية كاملة"، مضيفا ان احيانا يكون التلاعب من خلال التفتيش على المصانع والذى يعرض لإغراءات كثيرة، وفى النهاية النفس البشرية ضعيفة. "الوزارة واللى شغالين فى المجال بيعتمدوا ان الشعب المصرى ماشى بالبركة، وبيقولوا ماهو الناس بتتعالج بقالها سنين بدواء الوزارة وعايشين" هذا ماذكره دندراوى عن تعامل الوزارة مع المرضى، موضحا ان السياسة المتبعة هى ان تخلى الوزارة مسئوليتها بانها تعطى دواء للمواطن، ودون النظر هل هو سيعالجه ام "مش مشكلتها انها تضر والا تفيد دى مشكلة المريض، الا هايعترض على قضاء ربنا"، معتبرة أن المريض يقطع تذكرة ب 2 جنية وهذه الخدمة كافية لهذا المبلغ، والتأمين الصحى يختلف وتختلف الخدمة المقدمة به وفق الجهة المؤمنة على عامليها. وأكد ان اكبر فساد فى مصر يكمن منظومة وزارة الصحة، خاصة وان تجارة الدواء تأتى فى المرتبة الثانية بعد تجارة السلاح، والاباطرة المسيطرين عليها لن يسمحوا بالمساس بها، وهؤلاء بالنسبة للدولة قامات اقتصادية لاتستطيع محاربتهم، وسيبقى المواطن ليس له دية، والحل بيد الله فقط. من يسأل عن دخول الدواء للمستشفيات الحكومية هو وزير الصحة، فالوزارة هى المسئول الاول والرئيسي فى دخول الادوية.. كما أكد دكتور أحمد فاروق عضو نقابة الصيادلة الحكوميين" المستشفى تطلب النواقص لديها وتحدد كل مديرية احتياجتها وفق طلبات المستشفيات، وترسلها لوزارة الصحة وتقوم الوزراة بعمل مناقصات لعدد من الشركات للادوية المطلوبة، أما نحن كنقابة صيادلة لاندير مناقصات". وأضاف انه من المفترض ان تكون الأدوية المستخدمة فى المستشفيات الحكومية على نفس مستوى الجودة لما هو خارجها، الا انه وكما جرى العرف دائما يشكك فى جودة هذا الدواء التابع لوزارة الصحة او اى جهة حكومية حتى لو كان على نفس الجودة لما يراه المواطن من نتائجه عليه، قائلا "سنفترض انه على نفس الجودة، فالمشكلة الاكبر فى طرق صرف الدواء والمسئولين عن الصرف". ضعف الخدمة الطبية والدوائية التى تقدم للمرضى خاصة فى مستشفيات الحكومة من الامور التى رفضها بشدة عضو نقابة الصيادلة " نحن للاسف نقدم اسوأ خدمة فى مستشفياتنا العامة، ولايوجد فى اى دولة بالعالم هذا المستوى فى الصحة من الإنحطاط والتعامل مع المرضى من منطلق "على قد فلوسهم" أمر غير آدمى ومرفوض". معلقا على أنه لابد من إعادة النظر فى كيفية تقديم الخدمة الدوائية، والتعامل معها على انها امن دواء قومى يجب أن يصرف عن طريق منظومة دوائية محترمة، المنظومة الدوائية فى مصر تفتقد للإنضباط، ويجب ألا يكون الصيدلى الذى همش ليكون "وكيل صرف الدواء" مجرد بائع للدواء يقتصر دوره على تقديم الدواء للمريض من على الأرفف، فدوره هام وخطير فى تحديد التفاعلات الدوائية والجرعة التى تعطى للمريض والآثار الجانبية للدواء. مطالبا بتنفيذ القرار الوزارى السابق بتطبيق الصيدلة الإكلينيكية على كافة المستويات، لأن هذا يوفر الملايين لأنها تعتمد على تحديد الجرعة المطلوبة للمريض بالضبط مما يوفر كميات كبيرة من الأدوية المهدرة. وعلى جانب اخر اكد دكتور محمود فتوح رئيس اللجنة النقابية للصيادلة الحكوميين كل الاحتمالات واردة " لو حصل مشكلة فى اى صنف يتحمل المسئولية اولا المصنع المنتج، ثم معامل الهيئة القومية للبحوث والرقابة الدوائية التابعة لوزارة الصحة لانها هى التى حللته واقرت بسلامته وهو غير ذلك، وفى بعض الاحيان تأتى الادوية بالامر المباشر من خلال مدير المستشفى، وهنا المسئولية تقع عليه مباشرة". واستبعد ان يكون هناك ادوية متدنية الجودة والمفعول تدخل للمستشفيات الحكومية باعتبارها اقل سعرا "مافيش حاجة اسمها أدوية درجة تانية، ولكن الادوية دى بتدخل باسعار اقل لان الشركة المنتجة علشان تنزله السوق لازم تعمله دعايا بوسائل مختلفة، وبتدفع بس مرتبات مندوبين مش أقل من نص مليون، لكن لو وردته للوزارة ستوفر كل هذه الدعايا، إضافة إلى انها لاتضعه فى عبوات خارجية ولاتقدم معه النشرة وهذا يقلل من السعر، وهنا لاتتكلف الشركة سوى المادة الفعالة ومصاريف التصنيع ويسلم من المصنع للوزارة مباشرة، ومن خلال الوزارة سينتشر مستحضرها فى كل مكان بالجمهورية، وفى نفس الوقت دخوله الصحة أكبر دعايا لأنه أصبح قانونى". واستطرد أن المشكلة الاساسية ليست فى الجودة ولكن فى سياسة صرف الأدوية للمواطنين، فالطبيب يتعامل مع المرضى وكأنهم واحد، ويعمم نوعين او ثلاثة على مختلف الأمراض "الحكومة لايهمها سوى أن تصرف علاج لإثبات انها تقدم خدمة علاجية للمرضى، دون النظر إلى من سيأخذ ماذا، وفلوس ضايعة على البلد، وثقافة لاتتغير للحكومات المتعاقبة لصرف الدواء والسلام، وأطباء بتدى علاج فى غير محله". وأشار دكتور فتوح الى اننا بحاجة الى ترشيد الاستهلاك الطبى ومراعاة ربنا وضمائرنا فى التعامل مع الجمهور، وان تتغير المنظومة باسرها وعلى رأسها العنصر البشرى، لانه لايمكن ان يدخل عقار واحد الى مستشفيات الحكومة دون ان يمر على معاملها ويحلل ويتأكد من سلامته وجودته، معلقا على القوافل الطبية وانها من اكثر الوسائل اهدارا للادوية، فتذهب عدة سيارات محملة بالادوية للقرى وتوزع على الناس الادوية "بهبل"، " لو عايزين فعلا نساعد مرضى القرى والنجوع فى المحافظات نعطى أدوية القافلة للمستشفى فى المنطقة وهى تعطى المريض المحتاج".