الخبراء اعتبروا هذا جائزاً دستورياً فقط تشكيل حكومة من المعارضة خيال سياسي مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها أواخر الشهر المقبل، عاد من جديد الحديث عما تضمنه الدستور من أحقية الأغلبية البرلمانية في تشكيل الحكومة، حيث درجت العادة علي أن يقوم الحزب الوطني خلال السنوات السابقة بتشكيل الحكومة باعتباره الحزب صاحب أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، لكن مع اقتراب الانتخابات الجديدة وتعالي أصوات الكثير من الكوادر داخل الحزب الحاكم بأن الانتخابات البرلمانية سوف تكون درساً جديداً في الديمقراطية، ذهب خيال البعض إلي امكانية نجاح المعارضة في تحقيق الأغلبية داخل البرلمان وبالتالي فمن حقها تشكيل الحكومة، ومن هنا يقفز عدد من الاسئلة التي تتعلق بمصير البلاد في ظل حكومة المعارضة خاصة أن رئيس الجمهورية ينتمي للحزب الوطني، فهل سيكون هناك توافق سياسي بين الحكومة ونظام الحكم. تحقيق: حسام صدقة توجهنا بهذا التساؤل إلي عدد من خبراء القانون السياسيين لمعرفة ما إذا كان من الممكن أن تنجح المعارضة في البرلمان وبالتالي تقوم بتشكيل الحكومة واللافت أن جميع الإجابات اعتبرت ذلك نوعاً من الخيال السياسي لأن الحزب الحاكم الأقوي في الشارع والأكثر تنظيماً رغم ما به من أخطاء، وهو ما يجعله قادراً علي تحقيق الأغلبية النيابية. ولكن ذلك من الصعب تنفيذه في مصر لأنه يكون ظاهرة غريبة وأكدوا أن ذلك لو حدث فإن علي رئيس الجمهورية الانصياع لآراء الأغلبية لأن واجبه هو توفير الحياة الديمقراطية لشعبه. شيء خيالي حيث وصف الدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري حصول حزب آخر علي أغلبية المقاعد في البرلمان بأنه يبدو شيئاً خيالياً في مصر، مشيراً إلي أن الحزب الوطني يسعي بشتي الطرق والوسائل للحصول علي الأغلبية ولا يتركها لغيره. وقال إن هذا الفرض ليس واقعياً وقد ينجح في دول مثل إسرائيل وبريطانيا، حيث إن منصب رئيس الجمهورية منصب شرفي واتخاذ القرارات من اختصاص البرلمان ورئيس الحكومة. وأضاف في حالة فوز الأغلبية في خارج الحزب الوطني الحاكم حالياً لا يكون الرئيس ملزماً دستورياً بتشكيل حكومة من الحزب الغالب ولو حدث غير ذلك فتكون ظاهرة غريبة، حيث إن مصر أم الدنيا أي أم العجائب.. واستطرد البنا: لو فرضنا وحصل حزب آخر علي الأغلبية فإن الوضع الطبيعي في النظم الديمقراطية وبالذات النظم البرلمانية هو أن يكلف رئيس الحزب الفائز وقياداته بتشكيل الحكومة ومن المفترض أن نظامنا برلماني وليس رئاسياً أما من ناحية النصوص فنظامنا خليط بين هذا وذاك ولكن في الواقع السلطة لدينا أشد تركيزاً في يد رئيس الجمهورية وبالتالي وفقاً للسلطات المعطاة له سيشكل هو الحكومة. وأشار البنا إلي أنه ليس لزاماً علي الحزب الحاصل علي الأغلبية تشكيل الحكومة مما قد يحدث نوعاً من الشلل التام لعمل النظام في هذه الحالة موضحاً أنه تتكون هناك ضرورة لانصياع الرئيس لتوجهات البرلمان المعارض له أو العكس ولكن انصياع البرلمان للرئيس غير وارد حيث إنه حزب حاصل علي الأغلبية وبالتالي فهو ليس مطيعاً طاعة عمياء. وأوضح البنا أن تحقيق هذا الغرض ينجح كثيراً في الدول بصفة عامة مؤكداً أن التعاون بين البرلمان والحكومة وعدم تدخل رئيس الجمهورية في اختصاصاتها إيماناً منه بأن لهما دوراً أساسياً في حياة شعبه وتسيير أموره من شأنه وضع الدولة في مصاف الدول الديمقراطية. وقال: هذا ما يسمي ظاهرة التعايش وهو ما وضح جلياً في فترة ولاية كل من الرئيسين الفرنسيين فراسوا ميتران وجاك شيراك في فرنسا، حيث نجحت الظاهرة خصوصاً أن النظام البرلماني الفرنسي متطور بشكل كبير. وأضاف أنه بافتراض فوز المستقلين الذين لا يضمهم توجه سياسي واحد فإن الرئيس من الممكن أن يشكل حكومته من شخصيات عامة معروفة للجميع وسيكون ظاهراً للناس أنهم ليسوا أعضاء حزبه .الوطني. ولكن باطناً لا يعارضونه في شيء. وأشار البنا إلي أن الأزمة بالنسبة للرئيس ستكون عند فوز مستقلين ذوي اتجاه معين واسع وعريض وقوي ويتغلغل في الشارع المصري ويشاع عنهم أنهم جماعة محظورة ولن تكون الأزمة من جانب حزب معارض. بدون تعليق أما الدكتور أنور سلامة عضو مجلس الشوري وعميد كلية الحقوق جامعة القاهرة سابقاً فقال إن الحزب الغالب في البرلمان لابد أن يشكل الحكومة من الناحية الدستورية، مشيراً إلي أن رئيس الجمهورية لا يتدخل في تشكيل الحكومة سواء كان حزبه الغالب أم أي حزب آخر. ورفض رسلان التعليق علي فوز حزب معارض بمقاعد الاغلبية في البرلمان المصري، مؤكداً أن حزب الوفد أو الإخوان المسلمين قد يحصلون علي خمسين أو مائة مقعد ولكن من المستحيل أن يحصلا علي مقاعد الأغلبية وحتي لو حصل المستقلون علي الأغلبية فسوف نفاجأ بهم في الحزب الوطني، ويتفق الدكتور أحمد أبوالوفا استاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة مع رسلان في أن الحزب الغالب في البرلمان لابد أن يشكل الحكومة، مشيراً إلي أنه لو حدث غير ذلك يكون من شأنه تعطيل القوانين وقال إنه لو قام رئيس الجمهورية بتشكيل حكومته خارج الحزب الغالب فإن من شأن ذلك عدم تمرير واقرار أي قانون في مجلس الشعب، حيث من الطبيعي أن يصوت أعضاء المجلس ضد هذا القانون أو ذاك فلابد من احترام أصوات الناخبين ويتم تشكيل الحكومة من الحزب الذي تم اختياره. وأضاف: من الواجب والأفضل لحياة الشعب أن يراعي رئيس الجمهورية الاغلبية الحاكمة سواء كانت من المعارضة أو المستقلين ومن الممكن أن يختار رئيس الجمهورية رئيس حكومته بالاتفاق مع حزب الاغلبية علي أن يتولي الحزب تعيين أعضاء الحكومة.