مسافر علي الورق سبحان من أعز الطماطم وأذل التفاح! أبلغ من العمر 57 عاماً.. وطيلة هذا العمر لم أر سعراً للطماطم أعلي من هذا السعر الذي وصلت إليه هذه الأيام فلقد تعدي سعر الكيلو منها العشرة جنيهات أو توقف عندها ولم ينزل عنها.. وإذا كانت هناك بعض أسعار التفاح تباع في الأسواق بعشرة جنيهات تقريباً فسبحان من ساوي الطماطم بالتفاح وسبحان من أحيانا حتي رأينا هذا اليوم العجيب. إذا كان البعض يطلقون علي الطماطم لقب المجنونة فهي بالسعر الذي وصلت إليه هذه الأيام ليست مجنونة فقط.. إنها بلا عقل.. وتعاني من هيستيريا واضطراب واختلال وإن شئت فقل تعاني من جميع الأمراض النفسية والعصبية. سبحان من أعز الطماطم وأذل التفاح وسبحان من جعل الناس يذكرون الطماطم بعد نسيان ويتقربون منها بعد هجران.. ويسعون لإرضائها بعد عصيان. فعلاً.. وجدت الطماطم لها يوماً.. ووجدت لها سوقاً.. ووجدت لها تجارا ومشترين.. وكادت في الأيام الماضية أن يصبح لها بورصة ومؤشر أسعار وأسهم وسندات.. وسماسرة. سمعت صديقاً قال لي.. إنه دخل محلاً للكباب والكفتة تعود علي تناول غذائه فيه.. وفي كل مرة كان يدفع مبلغاً معيناً.. إلا أنه في هذه المرة وجد فاتورة حسابه قد زادت ثمانية جنيهات فلما سأل الحاتي عنها قال إنها فرق أسعار الطماطم وقال له الحاتي .أنا مش عارف ها أعمل إيه؟. الثوم وصل سعره عشرين جنيهاً والبصل خمسة جنيهات والفلفل كذلك حتي الجرجير أصبحت الحزمة الصغيرة منه بجنيه. اهتزت الأسواق وارتجفت بزلزال الطماطم.. ابتعد الناس عنها لارتفاع أسعارها.. وأصبح طبق السلطة طبقاً نادراً فوق الموائد.. وأصبحت .الدمعة. طبخة نادرة في البيوت.. أقبل الناس علي الصلصة التي ارتفعت أسعارها هي الأخري ودخلت حلبة السوق السوداء.. حتي اختفت من المحلات حتي غطت أخبار الطماطم علي أخبار مجلس الشعب.. ووجدها بعض المرشحين فرصة للتقرب من ناخبيه في إحدي محافظات شرق الدلتا فراح يوزع كيلو طماطم علي كل ناخب وكم وجد هذا المرشح تعاطفاً كبيراً من الناس وتأييداً له وقال له بعضهم لن ننسي لك أنك جعلتنا نأكل السلطة ونطبخ الخضار. من توابع زلزال الطماطم.. ارتفاع أسعار العدس والفول والإقبال علي محلات الطعمية ومطاعم البصارة ورفع الناس شعار .ابتعد عن الطماطم تعش في هدوء دائم.. كل ذلك والحكومة تتفرج.. وسعيدة بما يحدث.. اللحمة تقترب في بعض الأحياء الراقية من مائة جنيه للكيلو وفي الأحياء الشعبية وصل سعرها إلي سبعين جنيهاً والطماطم بعشرة جنيهات والجبنة البيضاء من ثلاثين إلي أربعين جنيهاً وكيلو اللبن بثمانية جنيهات والجبنة الرومي بخمسين جنيهاً ورغيف العيش الفينو بخمسين قرشاً ورغيف العيش البلدي المدعم توفي إلي رحمة الله وتم تشييع جنازته في وزارة التضامن الاجتماعي وسط أجواء فصل الإنتاج عن التوزيع.. والفاكهة وما أدراك ما الفاكهة نار في نار وبنار علي نار وكل الناس يعرفون وكل الناس يتعذبون.. يشتكون.. يبكون يصرخون ومسئولو الحكومة لا يتحركون.. جامدون ساكنون.. وكأنهم مسرورون بما يشاهدون. المستهلك المصري يختنق في الأسواق.. وجيبه يحترق.. وفلوسه تطير بأجنحة أول كل شهر ويبقي بقية الشهر خاوي اليدين بلا شيء. آن الأوان للحكومة أن تتحرك.. أن تشعر ولو مرة بالمواطن المصري الغلبان الصابر المطحون بين رحي الأسعار. نعم متي تتحرك الحكومة وتنقذ المواطن المصري من بين فكي غول الأسعار المتوحش الذي ينهش جسد المواطن المصري كل يوم ويمص دمه كل ساعة.