انتهز الدكتور محمد مرسى مؤتمر حركة عدم الانحياز فى طهران ووسط حضور ممثلى حوالى 120 دولة ليدشن أمام العالم سياسته الخارجية ويعلن أن مصر لم تعد دولة «تابعة» وأنها مستقلة فى قراراتها وطبقاً للمصالح العليا للمصريين والالتزامات الأخلاقية والإنسانية. فلقد كان خطابه أمام المؤتمر واضحا وشفافا أكد فيه ان مصر تعود إلى العالم بفضل ثورة 25 يناير كقوة اقليمية «تقود ولا تقاد» . لو تفحصنا خطاب مرسى سنجد أنه تضمن عدة رسائل واضحة وبالغة الأهمية الأولى كما أراها أن مصر لا تقبل أية تدخل فى شئونها حتى ولو تحت مظلة الدين الإسلامى وكانت اشادته بالخلفاء الراشدين رسالة واضحة اننا دولة إسلامية سنية ولن نقبل أية ضغوط أو محاولات اختراق شيعى. لم يلجأ الرئيس إلى الخطابات الدبلوماسية «الخشبية» التى يسدوها المجاملات بل كان شجاعاً عندما وصف النظام السورى بالظالم وطالب العالم بتحمل المسئولية الأخلاقية تجاه المذابح التى يقتل فيها السوريون بالمئات يومياً.. وأهمية ما قاله مرسى تكمن أنه هاجم النظام السورى فى بلده الثانى إيران التى تدعم بشار بكل قوة وخالف التوقعات التى كانت تتحدث عن ان الرئيس سيراعى أنه فى عقر دار «الأسد» ويلتزم بمقولة «دّارهم ما دمت فى دَارهم». كما أن مرسى كان واضحاً أيضاً عندما أكد أن القضية الفلسطينية مازالت على رأس الاهتمام المصرى وتمثل محور سياستها الخارجية والتى تعمل على إقامة دولة فلسطينية حقيقية وتمثيلها فى الجمعية العامة للأمم المتحدة داعياً أعضاء «الحركة» بدعم مطلبها ومؤكداً ضرورة المصالحة الفلسطينية.. لقد أعلن ذلك بكل صراحة وهو يعلم ان أمريكا وإسرائيل يرفضان تماماً تمثيل فلسطين فى «الأممالمتحدة» لكنه أراد ان يبعث برسالة إلى العالم ان مصر انهت عهد الهيمنة الامريكية. وإذا كان مرسى خاطب العالم من «طهران» والإعلان عن السياسة الخارجية لمصر الثورة إلا أنه أراد أن يؤكد فى رسائل غير مباشرة ان مصر دولة «مدنية» رغم أنه «إخوانى» كما أن اشادته بالرئيس جمال عبدالناصر رغم الأرث السيئ «للجماعة» فى عهده يمثل تطوراً مهماً حيث يؤكد انه رئيس لكل المصريين ويسعى للمصالحة مع كل التيارات السياسية.. لقد كان رد الفعل قوياً لدى الشارع المصرى الذى أبدى ترحيباً واسعاً بالخطاب الذى دشن مرحلة جديدة تتمثل فى استقلالية القرار السياسى ودعوتها كقوة سياسية اقليمية فى العالم وهو ما يعطى الدكتور مرسى مساحات واسعة من الشعبية.