ار، وانتهاء بدعمهم لبعض المتشددين الذين يخدمون توجهاتهم وأجندتهم الخاصة. وأوضح المرصد في تقريره الصادر اليوم الخميس، والذي جاء بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر أن الاستعمار كان في بدايته يتجه ناحية الشعوب لاستغلال ثرواتها المادية، ومع مقاومة هذه الشعوب وهزيمة الاستعمار المتكررة اتجه إلى وسائل أخرى اعتمد عليها في تقويض هذه الشعوب وضرب هويتها وثقافتها، فبدأ يصنع شخصيات فكرية وأحزاب وتنظيمات سياسية، ويرعاها ويمولها لخدمة أغراضه، ولم يكن يعلم أنه في يوم ما سينقلب السحر على الساحر، ويجني هو الآخر ثمار ما زرع ويطاله إرهابها وهذا ما تشهد عليها أحداث سبتمبر. وكشف المرصد في تقريره عن بدايات تكوين هذه التنظيمات، والتي لم يكن لها أي مرجعية شرعية أو وطنية أو حتى قومية، فاستثمرتها الدول الغربية لتنشر من خلالها الكراهية والانقسام داخل الشعوب، بعد أن فشلت في هزيمتها عسكريًّا، فالفكر المتشدد الذي يفتقد المرجعية الصحيحة متقلب بطبعه ودائمًا ما يميل إلى العنف والتكفير. وقال المرصد بعد مرور أربعة عشر عامًا على أحداث الحادي عشر من سبتمبر نؤكد أن الأفكار الإرهابية في الأساس كانت غربية، فالغرب قد سمح في البداية لهذه الأفكار بالتواجد على أرضه، بل وفر لها البيئة الخصبة على النمو والتمادي، وسرعان ما تحولت تلك الأفكار إلى أفعال طالت الجميع حتى من دعمها وأرسى قواعدها الهشة بين الشعوب والأوطان. وأوضح المرصد أن الإسلام- دينًا ومنهجًا- بريء من الإرهاب والتطرف ودعاوى التنظيمات الإرهابية، التي لا أساس لها ولا مرجعية تحوط بها، وإنما العامل الأساسي لتواجدها في المنطقة العربية هو ذلك التعامل المزدوج مع قضايانا، والذي أحدث حالة من الفوضى الفكرية والمذهبية بعدت في الأساس عن صحيح الدين. وأشار المرصد إلى أنه من الغريب اليوم أن نرى الغرب لا يزال يسير على نفس النهج، الذي كان سببًا رئيسًا في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وغزو العراق والأحداث السورية، والأوضاع المؤسفة التي تشهدها اليمن حاليًا وكل الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية والإسلامية. ودلَّل المرصد على استمرار هذه النهج بما صدر مؤخرًا عن المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية "ديفيد بيترايوس" الذي اقترح على الإدارة الأمريكية التعاون مع عناصر- وصفها بالمعتدلة - من تنظيم القاعدة بسوريا والذي يعرف ب"جبهة النصرة" لمحاربة تنظيم داعش والنظام السوري معًا، متناسيًا ما حدث في أحداث سبتمبر، فتنظيم القاعدة الذي دعمه بالأمس ويريد أن يدعمه اليوم هو من انقلب عليه وفجَّر أبراجه وأذاق العالم الويلات من إرهابه. وأضاف المرصد، أن الغرب في السابق دعم تواجد القاعدة وأخواتها في بعض الدول، وخاصة ألمانياوأمريكا، من خلال استضافتهم للأشخاص المهاجرين من دولهم، واليوم الغرب ينتهج نفس النهج بدعم أصحاب الأفكار المغلوطة والإرهابيين، ويوفر لهم منابر إعلامية وساحات يشوهون بها بلدانهم ويحرضون الشعوب على القتال والعنف. وضرب المرصد مثالين للتأكيد على ذلك، وهما المركز الإسلامي في ميونيخ أو ما يسمى بمسجد ميونيخ، ورعاية الغرب لمحمد عطا قائد هجمات 11 سبتمبر، فمسجد ميونيخ كان أكبر مساجد ألمانيا أو الأكبر في أوروبا كلها، وحظي بدعم أوروبي كبير هو ومنتسبوه، وعلى الرغم من ذلك خرجت منه بذور العنف والإرهاب التي أسست للجماعات والإرهابية، والتي كانت مسئولة عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. وتابع المرصد،أن في هذا المسجد نشأ الفكر المتطرف على أعين الأوربيين، فقد عمد سعيد رمضان القيادي الإخواني المعروف إلى التحالف مع الأمريكان لضرب ومحاربة الشيوعية، قبل التحالف مع أوروبا لضرب الأنظمة العربية، وقبل أن يكون بوقًا لدعاة حقوق الإنسان والديمقراطية، ففي مسجد ميونيخ نشأت لعبة التوازنات وزواج المصالح مع الإرهاب والغرب، ويبدو أن النمط الشائع في أيامنا هذه هو كثرة بروز الجماعات والقليل من الأعمال النافعة. وتساءل المرصد عن مصدر تمويل هؤلاء المتطرفين، حيث وصلت تكلفة إنشاء مسجد ميونيخ والذي يرجع إنشاؤه إلى الحرب العالمية الثانية بدعم من وكالة الاستخبارات الأمريكية وأعيد تجديده عام 2009، بتكلفة ثلاثة ملايين مارك ألماني أو ما يعادل خمسة ملايين دولار أمريكي، لتكتشف إدارة الاستخبارات بعد أحداث 11 سبتمبر أن هذا المسجد خرج منه أهم شخصية قادت الأحداث في تفجير برج التجارة العالمي. وألقى تقرير المرصد الضوء على أحد الضالعين في الأحداث وهو محمد عطا الذي هاجر إلى الغرب في مقتبل حياته، والذي كان يتابع عن كثب ما يحدث في أوروبا والعالم العربي، وهناك انتهج الفكر المتطرف التكفيري لتنظيم القاعدة، ونشط بعدها من خلال هذا المسجد داخل المجتمع الألماني وبدأ يتردد على مساجد هناك بحكم عمله ودراسته، وبالتالي أصبح من أعضاء الجالية الإسلامية في هامبورج، وفي نوفمبر من عام 1998 أصبح عطا ضمن أعضاء تنظيم القاعدة. وأضاف المرصد أن عطا التحق عام 1999 بمدرسة الطيران المدني للدراسة والتدريب في أمريكا، بعد أن اختمرت في رأسه فكرة الانتقام من الغرب الأمريكي، لينقلب السحر على الساحر، مما يؤكد على أن الغرب هو من صنع خلايا وأفكار هذه التنظيمات ورعاها، وناله ضررها هو ومن كان يحذر من تنامي هذا الظواهر واستغلالها لحسابات سياسية وعرقية. ورفض المرصد ما ذهب إليه بعض المحللين الغربيين من أن الفقر هو سبب ظهور التشدد والتطرف الديني، لأن أهم أسباب تنامي هذه التنظيمات هو الافتقاد إلى المرجعية الصحيحة التي تعتمد على الأصول المبنية على صحيح الدين من خلال علماء ثقات تلقوا العلم داخل المؤسسات المعتبرة كالأزهر الشريف، وهذا بدوره لكم يكن موجد في ذلك الوقت في هذه الدول. وناشد مرصد الإفتاء الدول الغربية بعدم السماح لمثل هؤلاء الأشخاص وأفكارهم المتطرفة من الدخول إلى أراضيهم، أو الحصول على أي نوع من الدعم، أو توفير الحواضن التي تضمن لهم الانتقال لدول أخرى بفعل الهجرة الجماعية، حتى لا يحدث ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر، لينتج هذا الزلازل الرهيب المؤلم الذي صحت عليه أوروبا والغرب قبل أن تصحوا عليه دول العالم الإسلامي. وفي النهاية حذَّر المرصد من الاستمرار في زرع الغرب لتنظيمات تضرب بعضها البعض، للحصول على أي نوع من المكاسب، أو السماح لبعض أصحاب الأفكار المتطرفة بممارسة المعارضة بحجة دعم الحريات؛ لأن تلك التنظيمات لا يقف ضررها على نفسها فقط، بل تدمر العالم بأكمله.