اذا كانت لوحة زهرة الخشخاش قد سرقت من متحف محمد محمود خليل (وايه يعني) فقد سرقت من قبل اشهر اللوحات من اشهر متاحف العالم، فالسرقة موجودة في كل العالم وليست مصر وحدها التي يتم سرقة المتاحف او اللوحات العالمية منها. الموناليزا مثلا اشهر لوحات ليوناردو دافنشي - بل اشهر لوحة في تاريخ الفن - تمت سرقتها من متحف اللوفر. وظلت مختفية فعلته. فلم تفلح جهود الشرطة في اعادتها الي المتحف. كما لم تفلح جهود الشرطة في اي بلد من بلاد العالم في اعادة لوحة فنية سرقت او قطعة اثرية هربت. حتي كأس العالم حين نجح احد اللصوص - من الهواة - في سرقته فان سكوتلانديار - اشهر جهاز شرطة في العالم - لم ينجح في العثور عليه. ولكن الذي نجح في ذلك هو كلب كان يتنذه مع صاحبه في احدي الحدائق العامة. ولم يعرف احد سبب قيام هذا الكلب المحظوظ بالحفر في الحديقة بقدميه ليستخرج لفافة من اوراق الصحف. كانت تحتضن كأس العالم المختفية. والتي يبدو ان صاحبها قد قام بدفنها في هذه الحديقة ولم يفكر في الطريقة التي ينبغي التصرف بها مع الكأس المسروق! هل قصرت الدولة في حماية الاثار والمتاحف من السرقة? (وايه يعني) فكل دول العالم يحدث فيها مثل هذا التقصير او الاهمال الذي يؤدي الي حدوث السرقات من المتاحف او المعارض. ولعل مشكلتنا الكبري التي نعاني منها في مختلف مناحي حياتنا تتمثل في هذه العبارة (وايه يعني).. و(ماذا في ذلك وهو ما يعني ان قائلها ينظر الي الاهمال والتسيب والتقصير علي انه من الامور العادية التي يجب الا تثير في نفوسنا اي نوع من الدهشة او الحذر. اذن.. نحن اهمال في معالجة الاهمال. وتقصير في معالجة التقصير.. وفساد في معالجة الفساد. وهذا هو جوهر المشكلة عندنا! ليس التقصير او الاهمال جريمة يمكن ان يتعرض مرتكبها للعقاب والمؤاخذة فهي امور طبيعية. تحدث في كل بلاد الدنيا! وحين نتخلص من هذه النظرة الطبيعية للامور غير الطبيعية فاننا نكون قد تخلصنا من اهم الامراض التي تعاني منها وتعوق مسيرتنا نحو التطور. ان متاحف العالم لاتتم السرقة فيها بسبب الاهمال في اجراءات التأمين او التقصير في اتخاذ مايلزم من احتياجات امنية. بل بسبب الامكانيات التكنلوجية الهائلة التي يتمتع بها السارقون والتي تفوق التكنولوجيا التي تعتمدها اجهزة الحراسة بالاماكن المطلوب سرقتها. ولكن الاهم من ذلك كله هو تواطؤ بعض القائمين علي امر الحراسة والتأمين مع اللصوص بحسن نية اسم الاهمال او التقصير. الذي غالبا ما يكون عن عمد وبقصد! ليست المشكلة - اذن - في سرقة لوحة من هنا او هناك و- ولكنها بالتأكيد في الاسباب والظروف التي ادت الي سرقتها. وهي نفس الظروف التي تؤدي غالبا الي وقوع كوارث اخري من نوع اخر. في اماكن اخري. وفي كل مرة نتهم الاهمال والتقصير الا بعد وقوع الكارثة. فلماذا لم نكتشف هذا التقصير قبل الكارثة?.. لاننا اهملنا في المتابعة والمراقبة. والقيام بالواجب.. اي ان الاهمال يؤدي الي الاهمال والتقصير هو الذي ادي الي التقصير. ولو كان الوزير لم يهمل في رقابته علي مرؤوسيه. والمرؤوسون لم يهملوا في الرقابة علي مرؤوسيهم. لما وقعت الكارثة. سواء كانت سرقة لوحة فنية او قطعة اثرية. او حادث قطار. او حريق باحد المصانع. انقطاع في الهرباء. او كسر ماسورة مياه.. الخ. الخ!!