قبل انطلاقها في الداخل.. كيفي تستعلم عن لجنتك الانتخابية بالرقم القومي؟    تقرير المعمل الكيماوي: إيجايبة عينات عاطل متهم بالتحرش بمعلمة في السلام    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    سعر كرتونه البيض اليوم الإثنين2025فى اسواق المنيا    هبدة غير متوقعة في أسعار الفراخ اليوم.. اشتري الآن    محافظ الجيزة: اعتماد الأحوزة العمرانية ل 83 قرية وإعداد مخططات جديدة ل 76 أخرى    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ الفيوم آخر مستجدات لجنة إعادة التوازن البيئي ببحيرة قارون    تداول 37 ألف طن بضائع عامة بموانئ البحر الأحمر    التعليم العالي تعلن عن القبول المبدئي ل"الجامعة الريادية" ضمن مبادرة تحالف وتنمية    محافظ أسيوط يفتتح مشغل خياطة في منفلوط ويعلن التوسع في مبادرات التمكين الاقتصادي بالقرى    بالملايين، مفوضية الأمم المتحدة تكشف عدد العائدين لسوريا بعد سقوط نظام الأسد    رئيس وزراء تايلاند:سننفذ كافة الإجراءات العسكرية الضرورية للرد على كمبوديا    إيران: رحلة ثانية تقل 55 إيرانيا من المرحّلين تغادر أمريكا    مزاعم إسرائيلية: هجوم إقليمي محتمل يهدد الأمن القومي لإسرائيل    الكنيست الإسرائيلي: 124 جندي إسرائيلي أنهوا حياتهم بسبب ح..رب غزة    مواعيد مباريات الإثنين 8 ديسمبر - المغرب ضد السعودية.. ومانشستر يونايتد يواجه ولفرهامبتون    بيراميدز يبدأ مشواره بمواجهة البنك الأهلي في كأس عاصمة مصر    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    نجم ليفربول السابق مهاجمًا صلاح: تحلى بالهدوء والاحترافية    محمد الخراشي: منتخبا مصر والسعودية قادران على بلوغ الدور الثاني في كأس العالم    برودة وصقيع تضرب محافظة الأقصر اليوم    بعد حكم الإعدام، استئناف جنايات المنصورة تنظر قضية مقتل طفلة على يد زوجة عمها    تحريات أمن الجيزة تكشف لغز العثور على جثة سمسار بحدائق أكتوبر    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى المريوطية    تجهيزات خاصة لتكريم الموسيقار عمر خيرت في افتتاح مهرجان الأوبرا العربية    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    محمد فراج يعلق على الانتقادات التي طالت دوره في فيلم الست: مش مطالب أبقى شبيه بنسبة 100%    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير العمل يعقد اجتماعًا مع ممثلي وزارة الصحة ونقابة التمريض    وزير الصحة يترأس اجتماعًا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز والتعلم في مصر    وزير الصحة ينفى انتشار فيروس ماربورج أو أى فيروسات تنفسية جديدة بمصر    متحدث الوزراء : بدء التشغيل التجريبى لحديقتى الحيوان والأورمان العام المقبل    بدء التقييم المبدئى للصفين الأول والثانى الابتدائى فى 13 محافظة    الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لليوم ال59.. قصف مدفعى وجوى فى غزة    بعد فشل مفوضات السد الإثيوبي.. هل تلجأ مصر للحرب؟ وزير الخارجية يرد    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالأردن في 30 دائرة من المرحلة الأولى لانتخابات "النواب"    اليوم.. محاكمة 7 متهمين بقضية خلية مدينة نصر الثانية    التريلر الرسمي للموسم الأخير من مسلسل "The Boys"    جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل    الرئيس التشيكي: قد يضطر الناتو لإسقاط الطائرات والمسيرات الروسية    نتنياهو: مفاوضات جنوب سوريا تتواصل مع الحفاظ على المصالح الإسرائيلية    ماسك يشبّه الاتحاد الأوروبي بألمانيا النازية    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    حبس عاطل لقيامه بسرقة وحدة تكييف خارجية لأحد الأشخاص بالبساتين    لميس الحديدي: قصة اللاعب يوسف لا يجب أن تنتهي بعقاب الصغار فقط.. هناك مسئولية إدارية كبرى    «القومية للتوزيع» الشاحن الحصري لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا «بتاع لقطة»    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    غرفة عقل العويط    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    الموسيقار حسن شرارة: ثروت عكاشة ووالدي وراء تكويني الموسيقي    حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية لخدمة أهالى قرية السيد خليل بكفر الشيخ    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعاً أمير المؤمنين علي ؛ فزتُ وربّ الكعبة ... جزء 2

الظلمة تتكاثف و الفجر ما يزال يجاهد ليمزق حجب الظلام .. علي يتخطى باحة المنزل وقد ولّى وجهه شطر المسجد .. صاح في وجهه الأوزّ ..كأنه يطلق استغاثة أو يحذّر من المجهول ؛ تبسم علي وتمتم : صوائح تتبعها نوائح .. ومضى علي يشق طريقه في ظلمة الفجر .. أزفت لحظة الرحيل .. هناك في زاوية من المسجد كان ابن ملجم المرادي يتربص .. إبليس يرقد في ضلاله يرتقب يحمل بين طيات ثيابه النجسة سيف مسموم .. سيف حاد يشبه ثعباناً منتفخاً بالسم .. هتف أمير المؤمنين ليوقظ النيام : الصلاة ! الصلاة ! عباد الله ..
تنبه إبليس .. تلوّى .. ظهر صوته يشبه فحيح الأفاعي .. صوت إبليس وهو يستعد للانقضاض .. صفير موحش ، لحن مخيف .. تهيأ بسيف جبان ليهوي باتجاه وجه ما سجد لغير الله سجدة واحدة .. علي الفور تفجرت الآلام من فارس الإسلام .. هوي النجم في محرابه وهو يهتف وقد غمرت وجهه ولحيته الدماء : فزتُ وربّ الكعبة .. أظلمت الأرض وهبت علي أمة الإسلام عاصفة الزمهرير .. ضجت الكوفة بالصراخ والعويل ، وضجت الملائكة في السماء بالدعاء وهبت ريح عاصف سوداء مظلمة ..
صاحت الدنيا : قتل ابن عم محمد المصطفى ، قتل علي المرتضى، قتل أمير المؤمنين ، قتله أشقى الأشقياء. فلما سمعت أم كلثوم لطمت على وجهها، وخدها وشقت جيبها وصاحت: واأبتاه واعلياه وامحمداه واسيداه. خرج الحسن والحسين فإذا الناس ينوحون وينادون : وإماماه وأمير المؤمنين ، قتل والله إمام عابد مجاهد لم يسجد لصنم قط وكان أشبه الناس برسول الله.
فلما سمع الحسن والحسين صرخات الناس ناديا: واأبتاه واعلياه ليت الموت أعدمنا الحياة، فلما وصلا إلى الجامع ودخلا وجدا أبا جعدة بن هبيرة ومعه جماعة من الناس وهم يجتهدون أن يقيموا الإمام في المحراب ليصلي بالناس . فلم يطق الإمام الكرار الصابر علي البلاء على النهوض ، وتأخر عن الصف وتقدم الحسن فصلى بالناس ..
لهفي علي أمير المؤمنين يصلى إيماء من جلوس وهو يمسح الدم عن وجهه وكريمته ، يميل تارة ويسكن أخرى .. فرغ الحسن من الصلاة ونادي باكياً : وانقطاع ظهراه! يعز والله علي أن أراك هكذا .. ففتح الإمام عينه ، وقال : يا بني لا جزع على أبيك بعد اليوم ! هذا جدك محمد المصطفى وجدتك خديجة الكبرى وأمك فاطمة الزهراء والحور العين محدقون فينتظرون قدوم أبيك ، فطب نفساً وقر عيناً وكف عن البكاء ، فإن الملائكة قد ارتفعت أصواتهم إلى السماء .
شاع الخبر في جوانب الكوفة وانحشر الناس حتى النساء خرجن إلى الجامع ينظرون إلى الإمام علي بن أبي طالب .. وجدوا الحسن ورأس أبيه في حجره وقد غسل الدم عنه ، وشد الضربة وهي بعدها تشخب دماً ووجهه قد زاد بياضاً بصفرة وهو يرمق السماء بطرفه ، ولسانه يسبح الله ويوحده ، وهو يقول أسألك يا رب الرفيق الأعلى .
فأخذ الحسن رأسه في حجره و قد اغشي عليه و بكى بكاء شديداً وجعل يقبل وجه أبيه وما بين عينيه وموضع سجوده .. تسقط من دموعه قطرات على وجه أمير المؤمنين .. يستفيق الكرار سيد الابطال علي وقع دموع الحسن تنهال علي وجهه الشريف .. يفتح عينيه فرآه باكياً .
تبسم سيدي الإمام له ابتسامة واهنة ، وقال : يا بني يا حسن ما هذا البكاء ؟ يا بني لا روع على أبيك بعد اليوم ! يا بني أتجزع على أبيك وغداً تقتل بعدي مسموماً مظلوماً ؟ ويقتل أخوك بالسيف هكذا ؟ وتلحقان بجدكما وأبيكما وأمكما ..
فقال له الحسن : يا أبتاه ما تعرفنا من قتلك ؟ ومن فعل بك هذا ؟
قال : قتلني عبد الرحمن بن ملجم المرادي .
فقال الحسن : يا أباه من أي طريق مضى ؟
قال لا يمضي أحد في طلبه فإنه سيطلع عليكم من هذا الباب .
وأشار بيده الشريفة إلى باب كنده .
ولم يزل السم يسري في رأسه وبدنه ثم أغمي عليه ساعة والناس ينتظرون قدوم الملعون من باب كنده ، فاشتغل الناس بالنظر إلى الباب يرتقبون وقد غص المسجد بالعالم ما بين باكٍ ومحزون .. فما كان إلا ساعة وإذا بالصيحة قد ارتفعت ، من الناس وقد جاءوا بعدو الله ابن ملجم مكتوفاً هذا يلعنه وهذا يضربه .فوقع الناس بعضهم على بعض ينظرون إليه فأقبلوا بإبليس اللعين مكتوفاً وهم ينهشون لحمه بأسنانهم ، ويقولون له : يا عدو الله ما فعلت ؟ أهلكت أمة محمد ، وقتلت خير الناس. اللعين صامت بين يدي رجل يقال له حذيفة النخعي يمسك بتلابيبه وبيده سيف مشهور وهو يرد الناس عن قتله ، وهو يقول هذا قاتل الإمام علي حتى أدخلوه إلى المسجد . وكانت عيناه قد طارتا في أم رأسه كأنهما قطعتا علق وقد وقعت في وجهه ضربة قد هشمت وجهه وأنفه والدم يسيل على لحيته وعلى صدره ، وهو ينظر يميناً وشمالاً وهو أسمر اللون وكان على رأسه شعر أسود منشوراً على وجهه كأنه الشيطان الرجيم.
فلما جاءوا به أوقفوه بين يدي أمير المؤمنين فلما نظر إليه الحسن قال له : يا ويلك يا لعين ! يا عدو الله ! أنت قاتل أمير المؤمنين ومثكلنا بإمام المسلمين ؟
هذا جزاؤه منك حيث آواك وقربك وأدناك وآثرك على غيرك ؟
وهل كان بئس الإمام لك حتى جازيته هذا الجزاء يا شقي ؟
صمت الملعون ثم دمعت عيناه . ثم تكلم وقال : يا أبا محمد أفأنت تنقذ من في النار ؟
فعند ذاك ضج الناس بالبكاء والنحيب .
فقال الحسن: الحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه ثم انكب الحسن على أبيه يقبله ..
وقال: يا أباه هذا عدو الله وعدوك قد أمكن الله منه.
ففتح علي عينيه وهو يقول: أرفقوا بي يا ملائكة ربي.
فقال له الحسن : هذا عدو الله وعدوك ابن ملجم قد أمكن الله منه وقد حضر بين يديك.
ففتح أمير المؤمنين : عينيه ونظر إليه وهو مكتوف وسيفه معلق في عنقه .
فقال له بضعف ورأفة ورحمة : يا هذا لقد جئت جرماً عظيماً ، وارتكبت أمراً عظيماً ، وخطباً جسيماً ، أبئس الإمام كنت لك حتى جازيتني بهذا الجزاء ؟ ألم أكن شفيقاً عليك وآثرتك على غيرك وأحسنت إليك وزدت في عطائك ؟ ألم أكن يقال لي فيك كذا وكذا ، فخليت لك السبيل ومنحتك عطائي ؟ وقد كنت أعلم أنك قاتلي لا محالة ولكن رجوت بذلك الاستظهار من الله تعالى عليك يا لكع فغلبت عليك الشقاوة فقتلتني يا شقي الأشقياء ؟
هنا بكى اللعين ابن ملجم ولم يزد عن ترداد قول : يا أمير المؤمنين: أفأنت تنقذ من في النار.
قال له علي : صدقت .. ثم التفت إلى ولده الحسن وقال له: إرفق يا ولدي بأسيرك. وارحمه وأحسن إليه وأشفق عليه ، ألا ترى إلى عينيه قد طارتا في أم رأسه وقلبه يرجف خوفاً وفزعاً ؟؟ فقال له الحسن : يا أباه قد قتلك هذا اللعين الفاجر وافجعنا فيك وأنت تأمرنا بالرفق به ؟
فقال: نعم يا بني نحن أهل بيت لا نزداد على الذنب إلينا إلا كرماً وعفواً ، والرحمة والشفقة من شيمتنا ! بحقي عليك فأطعمه يا بني مما تأكله ! واسقه مما تشرب ! ولا تقيد له قدماً ولا تغل له يداً ! فإن أنا مت فاقتص منه بأن تقتله وتضربه ضربة واحدة ولا تحرقه بالنار ولا تمثل بالرجل فإني سمعت جدك رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور ، وإن أنا عشت فأنا أولى به بالعفو عنه وأنا أعلم بما أفعل به . حمل المسلمون إمامهم المضرج بدمائه إلي منزله .. جسد البطل المغوار يذوب وروحه تتأهب للرحيل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.