ربما لم أكن مهتما بمعالجة هذا الكتاب الذن يحمل عنوان المقال، للتصوف وأقطابه، العارفين بالله، لرفيق الدرب الأستاذ محمود رافع، بقدر ما شغلني التوقف عند مافيه من روحانيات، تأخذك بعيدا إلي عالم الفيوضات، وأمارات المكاشفة، حين يكون اللسان رطبا بذكر الله، والصلاة والتسليم علي سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم، وملازمة أهل الله وخاصته، حملة القرآن. قرأت كتاب رافع في جلستين متقاربتين من حيث الزمن، فأخذني الي أبعد من ذلك، حتي نسيت وقتي، وشواغلي، بحثا عن مشوار الحقيقة عند أقطابها، وعن السبب الذي جعل رب العاليمن، يطلب من رسوله الكريم، أن يسال سيدنا ابو بكر الصديق، هل هو راض عن الله، فكنت أبحث في ذلك، وعنه، لعلي انجح في أن أهذب من نفسي، تقربا إلي الله عز وجل. سوف يلفت انتباهك في مقدمة الكتاب، أن رافع، لم يشرع في الإعداد له، إلا بعد ان استأذن، وكما أشار، سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم حين وقف امام مقامه الطاهر، ثم مقامات أقطاب الصوفية المشايخ الكرام، الذين مر عليهم قبل رحلة الكتابة، في مصر وخارجها، بدءا من سيدنا الحسين والسيدة زينب، وأبو الحسن الشاذلي وعلي الخواص وعلي البيومي ، وفي المفرب استأذن العرف بالله حمزة بن العباس. طاف الكاتب علي كل هؤلاء وأضعافهم، بما لا يتسع المقام لذكرهم، حضوريا تارة، واستحضارا لمناقب غيرهم تارة اخري، فيقول: " جاءني الرد سريعا من جميع أقطابنا وأسيادنا فشرعت في الكتابة". ثم يدلف بنا، نحو فتوحات الله، لخاصة عباده، حين تفتح لهم- بحسب الكتاب- جميع الهواتف السمعية والبصرية والقلبية، حتي صاروا يسمعون ويتكلمون ويرون بنور الله... " فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ". اهتم رافع منذ سطور الكتاب الأولي، وكما يجتهد الباحثون، بالتوثيق لعلم الباطن وهو "الحقيقة" هنا، وعلم الظاهر وهو "الشريعة"، ليزداد يقين العبد بخالقه، منتهيا الي أن النبي الخاتم صلي الله علييه وسلم، هو سيد الحقيقة والشريعة، أي الباطن والظاهر، ليبقي السؤال : كيف يمكن الوصول الي الحقيقة؟ يجيبنا الكاتب، أنه لا سبيل لذلك إلا بالورع والزهد والخشوع والاستقامة، شريطة الإخلاص في الذكر، وجهاد النفس ليلا ونهارا، ويقول : اذا ماانتصرت علي عدوك الأول وهو نفسك، وكان عملك خالصا لله، كنت من أهل الحقيقة، وعلي أول منا زل العارفين بالله. This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.