مازالت أزمة تكدس أكوام القمامة فى الجيزة هى القاسم المشترك الأعظم فى هموم المواطنين والمسئولين -رغم تعاقبهم- على حد سواء،، وتطل أزمة النظافة بإعتبارها هى الإختبار الصعب الذى يواجهه من يتولى مسئولية محافظة تضم 8 أحياء و11 مدينة ومركزا وما يزيد عن 600 من النجوع والقرى وتضم حوالى 8 ملايين نسمة وتنتج يوميا ما يقارب من 8 آلأف طن من المخلفات تجعلها فى صدارة المحافظات بعد القاهرة فى تصدير "الزبالة" ليس للخارج ولكن للداخل بكل أسف ، وبعد تولى المحافظ الجديد دكتور خالد زكريا العادلى إستبشر مواطنو الجيزة خيرا بعد تصريحات شبه يومية عن أن قضيته الأولى هى ملف القمامة والنظافة مراهنا على عودة المحافظة التى كانت سياحية إلى رونقها القديم وبحسب تصريحاته فى فبراير الماضى قال إنه يريد مهلة شهر ونصف فقط لحل الأزمة ولا ندرى على أى أساس كانت حساباته ولكن بعض مرور أربعة أشهر يبدو أن العادلى "قد إهتم بالجزيرة الوسطى وتشجيرها بشارعى الهرم وفيصل الرئيسيين وكذلك مناطق الأغنياء بالدقى والعجوزة والمهندسين ولا عزاء لأحياء الغلابة كى يتجسد فى الواقع المثل القائل" من بره هالله هالله ومن جوه يعلم الله" وأصبحت الجيزة مؤخرا كرجل يرتدى بدلة فاخرة ولكن ملابسه الداخلية منتهى القذارة ،،،، وبعد إنقضاء مهلة الشهر ونصف خسر العادلى الرهان وربما أيضا ثقة المواطنين الذين مازالت أكوام القمامة تتسلل روائحها الكريهة إلى بيوتهم خاصة مع إشتداد الحرارة بإقتراب الصيف وصارت المخلفات تحاصرهم صباحا ومساء فى الشوارع الرئيسي والجانبية وفى الميادين أيضا فالأمر سواء وربما التقارير التى تذهب لمكتب المحافظ تؤكد له أن الدنيا ربيع والجو بديع وغالبا لم يكلف نفسه عناء المرور بنفسه مثلما فعلت "الأخبار المسائئ " وتجولت فى شوارع مثل المستشفى وترعة الزمر والتعمير وسيدى عمار بالعمرانية والقومية والبصراوى والمنيرة ومدينة العمال بإمبابة والملكة والعشرين ومعظم شوارع فيصل وهناك تحديد وبجوار وحدة تراخيص المرور مشهد مؤسف لأكوام القمامة ولكن المشهد أشد مأساوية فى شارع عثمان محرم بالطالبية ثم نصل بالجولة إلى محطات مترو ساقية مكى والمنيب وفيصل ونجدها قد تحولت أسوارها وبجوارها إلى مقالب للقمامة ومرتعا للكلاب الضالة ومستقرا ل "فريزة الزبالة " والأدهى أن حديقة الإخلاص بمنطقة الكنيسة تحولت إلى مقلب لمخلفات ذبح الدواجن وتنظيف الريش بالأطنان ثم إعادة نقله بعد تجفيفه كما يقول سكان المنطقة وعن منطقة المنصورية ومساكن كفر الجبل والمريوطية والدائرى فحدث ولا حرج فقد أصبحت نماذج مصغرة من مقلب شبراخيت العمومى على حد وصف الأهالى وكما ينطق الواقع ،،،،ومؤخرا إجتمع المحافظ مع وزيرة التطوير الحضرى والعشوائيات لبحث ثغرات منظومة فصل المخلفات من المنبع التى يطبقها فى بعض الأحياء والتى لم تؤتى ثمارها ولم يجد سوى المواطنين ووعيهم كشماعة أساسية لإخفاق التجربة فى حين أنه لم يقدم حلولا ملموسة منطقية وقرارات حاسمة ورقابة فعالة لأزمة القمامة ورغم أن المواطنين يقومون بدفع رسوم شهرية لجامعى قمامة إضافة إلى فواتير شركة الكهرباء دون أن يجدوا صناديق كبيرة فى الشوارع تستوعب مخلفات محافظة متسعة ولم يوفر المسئولون عن هيئة نظافة وتجميل الجيزة سلال مهملات معلقة على أعمدة الإنارة وإكتفوا بعرض إنجازات رئيس الهيئة على موقعهم الإليكترونى ومدى نجاح تجربة غسيل ورش الشوارع ومبادرة "وطن نظيف" ولا ندرى عن أى وطن ونظافة يتحدثون !!!وغاب عن المشهد أيضا رجال المتابعة الميدانية بالمحافظة وعلى رأسهم المهندس أيمن عتريس الذين يكتفون برصد مخالفات العقارات وإشغالات الطرق أما الرقابة على مخالفات القمامة وشركات النظافة فهى فى أخر أولوياتهم ولم تلفت نظرهم بالشكل الكافى والسؤال الذى يطرح نفسه إذا كان هذا هو الحال فى أماكن وأحياء يفترض أنها متحضرة بالجيزة فكيف هو الحال فى القرى والأماكن المتطرفة مثل بشتيل وصفط اللبن ولعبة ومنشأة القناطر وأبو قتادة والصف ??? وإلى متى يخفق كل محافظ للجيزة فى حل الأزمة المستعصية ولا يقدم حلولا واقعية للنظافة ويحاسب المخطئين بل ويستثمر القمامة مثلما يحدث فى البلدان المتقدمة ?? الحل نجده فى بحث علمى يتحدث عن أهمية مشروعات تدوير المخلفات وأثرها على البيئة نهديه لمحافظ الجيزة يؤكد على أن مصر تنتج يوميًّا ما يقارب من 21 مليون طن مخلفات صلبة ولكنها ثروة غير مستغلة، و كنز حقيقي، تستغله البلدان الأخرى بشكل جيد، بل تستورد الصين قمامة مصر ثم تعيد تدويرها ثم تصدرها لنا بعد ذلك كمنتجات،ويوضح البحث أن كل طن من البلاستيك المعاد تدويره يمكن الدولة من توفير 700 كيلو من البترول وغيره من المشتقات والمحروقات، وإنتاج طن من الورق المعاد تدويره يوفر 4100 كيلو وات ساعة طاقة بل ويوفر 28 م3 من المياه، بالإضافة إلى نقص في التلوث الهوائي الناتج بمقدار 24 كجم من الملوثات الهوائية.فى حين أن كل طن من الكارتون المعاد تدويره يساهم في توفير 2.5 طن من خشب أشجار الغابات وهو يلعب دورًا كبيرًا في حماية الأشجار من الناحية البيئية من القطع والتلف، بينما يساهم تدوير علبة ألمنيوم في توفير طاقة تكفي لتشغيل جهاز التلفاز لثلاث ساعات أو بمقدار نصف جالون من البترول بينما يساهم تدوير طن واحد من الزجاج في توفير 1.2 طن من المواد الخام: رمل، لايمستون و رماد الصودا، وتساعد الطاقة الموفرة من إعادة تصنيع زجاجة تكون كافية لتشغيل مصباح بقوة 100 واط من 1 إلى 4 ساعات، تشغيل كمبيوتر 25 دقيقة، تشغيل جهاز تلفزيون ملون 20 دقيقة، تشغيل غسالة 10 دقائق، ومصر تواجه مشكلة كبيرة في إستغلال القمامة فهى تنتج 89 مليون طن من المخلفات سنويًّا منها 21 مليون طن مخلفات صلب، ما يوازي 3 أضعاف حجم هرم خوفو، وتواجه منظومة الفصل من المنبع أزمة مصانع السماد العضوي، حيث يوجد بمصر 63 مصنع سماد عضوي وبسبب عدم فرز المخلفات بشكل جيد فلا يعمل منها سوى 3 فقط. وكشف البحث عن أن 1% من تعداد سكان مصر يعملون بمهنة نبش المخلفات (900 ألف مواطن) وفي المقابل تصل أقصى كفاءة لفرز المخلفات إلى 30% فقط؛ لعدم فرز القمامة من المنبع،وأنه لابد من توعية المواطنين بمنظومة الفصل من المنبع وأنها الحل الوحيد لحل أزمة اكوام القمامة والتى تمثل مصدرًا كبيرًا للدخل الاقتصادي القومي، في حال تنفيذ منظومة الفصل من المنبع بقوة وبدقة شريطة وأن يتم تسليم المنظومة إلى شركات مؤمنة بالفكرة وأهميتها، ويكفى أن طن البلاستيك بعد تدويره يباع ناتجه ب1300 جنيه، وطن الزجاج ب1500 جنيه، أي أن الدخل الذي ينتج عن تدوير مخلفات محافظة مثل الجيزة يمثل إضافة للناتج القومى ويخلق فرص عمل للشباب خاصة وأن تدوير البلاستيك والكانزات والزجاج يدخل في صناعات عديدة منها اللمبات الكهربائية، الأدوات المنزلية التي تستخدم في أعمال التنظيف، توفير الطاقة،وتوفير استهلاك الاستيراد للورقيات.