جاء الاعلان عن التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني بعد مباحثات مضنية استمرت عدة سنوات لم تتمكن ايران خلالها من تحقيق ما كانت تصبو اليه بعد أن اتضح أن الخلاف بين الجانبين أكبر من كونه خلافا حول طبيعة البرنامج النووي وأن إيران تريد استثمار تدخلها في العراق وسوريا واليمن لتحصل على اعتراف دولي يضفي شرعية على خططها في زرع كيانات طائفية تابعة لها في المنطقة. وفى الحقيقة لم يأتى التوصل الى اتفاق مع الدول الست الكبرى الا بعد تقديم تنازلات واضحة كانت ترفضها ايران دائما لكنها اضطرت أخيرا للموافقة على إخضاع برنامجها النووي للرقاب وتعليق أكثر من ثلثي عمليات التخصيب مقابل وعود برفع مشروط للعقوبات الدولية واضطرت الى التخلى عن شروطها الخاصة بالاعتراف بنفوذها الإقليمي بعد فشلها في الحصول على اعتراف بتسيدها الإقليمي خاصة بعد هجوم "عاصفة الحزم" في اليمن وهو الهجوم الذى دفع الدول الست الكبرى لمراجعة موقفها من شروط إيران وخاصة دورها الإقليمي فقد كشف هذا الهجوم الذى فاجأ إيران والدول الغربية معا عن إمكانية بروز تحالف إقليمي يحدث التوازن في مواجهة النفوذ الإيراني وأن هذا التحالف الذى يعمل على ايقاف مطامع إيران الإقليمية سيكون له تأثير محسوب على المحيط الإقليمي . ولم نسمع من الدول الست قبل "عاصفة الحزم" مطالبتها الإيرانيين وبشكل قوي بخطوات سياسية سواء ما يتعلق بالتضييق على المعارضة في الداخل أو بنفوذها الإقليمي الذي تحول إلى ما يشبه الأمر الواقع لكن مع بدء الهجوم العربي في اليمن بادر مسؤولون من الدول المعنية إلى إعلان معارضتهم الاعتراف بهذا النفوذ وبدا واضحا أن الأميركيين وجدوا في عاصفة الحزم الفرصة ليعيدوا تقييم العلاقة مع إيران وكأن الهجوم على اليمن مهد لاستفاقة إدارة أوباما ومكنها من فرصة لاستعادة ثقة حلفائها العرب وهو ما مثل لطهران أزمة مضاعفة فقد عطل خططها لإبرام اتفاق على المقاس وكشف عن هشاشة دورهم الإقليمي خاصة بعد أن قبلت مبدئيا التضحية بالميليشيات الحوثية الحليفة بعد أن نجحت العملية العسكرية العربية في اليمن في جعل إيران تتفاوض ليس من موقع القوة وأن الرسالة كانت مباشرة للغرب في مفاوضاتها مع إيران أنه لا اتفاق على حساب مصالح العرب الاستراتيجية. ويبدو أن إيران كانت قد راقت لها لعبة تمدد نفوذها فى المنطقة فسعت الى التحكم في مفاصل اللعبة السياسية للقوى الشيعية وعزلها عن انتمائها القومي العربي مقابل ولاء مذهبي لها في ظل ترويج مقولة أن الإرهاب مصدره السنة لكن عملية "عاصفة الحزم" التي تعمل على إعادة بناء المشهد اليمني على الأساس السليم أثبتت أن التحالف العربي خرج من دائرة الانتظار إلى دائرة الفعل ليثبت أن دوله باتت أطرافا فاعلة في تحقيق أمنها وصيانة مصالحها وحقوقها وأهدافها في محيطها الإقليمي ليتزايد معها الاعتراف الدولي بدور العرب الفاعل في حل النزاعات الإقليمية بعد أن ظهر أن هذا التحرك كان بمثابة طوق النجاة بالنسبة إلى اليمنيين في إطار تعزيز البلدان العربية لدورها الذاتي في مواجهة التحديات المطروحة واستعادة التوازن الاستراتيجي الذي فقدته منذ أمد حيث لا مجال لحفظ السلم والاستقرار من دون سياسة حزم وردع ومرونة لمواجهة الفوضى في اليمن وغيرها من البلدان العربية التى تواجه مخاطر تهدد وحدتها ومستقبلها. وبعد فشل الحوثيون فى تسليم اليمن الى إيران بهدف السيطرة على باب المندب وتطويق السعودية وفشل جماعة الإخوان فى مصر فى مسعاها لنشر الفوضى من خلال الدعم القطري والتركي يتضح لنا كيف أن الحوثيين والإخوان مارسوا التآمر والخيانة مع قوى خارجية طالما سعت لتفتيت وإضعاف المنطقة العربية لصالح جهات أخرى وهو ما دفع السعودية ومعها عدد من الدول العربية والصديقة إلى شن عملية عسكرية لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من اليمن لتبقى القدرة المشتركة على النهوض بفعالية لتدبير احتياجات العرب الأمنية والإقليمية من دون مساعدة من الدول الكبرى هي الخيار الذي يدفع الدول العربية إلى بذل قصارى جهدها لتتمكن من الاعتماد على مصادر قوتها الذاتية في الدفاع عن نفسها أمام التهديدات الخارجية. This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.