كان الاهتمام التنموي المصري بالأشقاء الأفارقة في دول حوض النيل، والجنوب الإفريقي، خلال عهد مبارك، شبه معدوم، إلا من خلال الصندوق الفني للتعاون مع افريقيا بوزارة الخارجية، الذي يمد هذه الدول، بالكوادر الفنية في مجالات مختلفة، وفي اطار محدود. كانت مصر- مبارك، قد ألقت بنفسها، في حجر دول الاتحاد الأوروبي ، بينما أهملت التنمية الحقيقية إفريقيا، فاخترقتها اسرائيل، واستغلت معظم مواردها، في مقابل النذر «العبيط" من المساعدات، حتي أصبحت الدول التي كنا نتجاهلها في الماضي، ونتهمها بالتخلف التنموي علي طول الخط، ونأمرها فتطيع، عصية علي التلبية والاستجابة. وقد انتبهنا الي أولى بوادر شق عصا الطاعة الإفريقية للقاهرة، حين أعلنت أديس ابابا في مايو 2010 ، عن بناء سد النهضة للحصول علي الطاقة، بما أثار تخوفنا من نقصان حصة شعب مصر في مياه النيل، وإصابتنا بالعطش. ولما استشعرت الدولة الخطر، مع توقيع اتفاق عنتيبي، تفتق ذهن أمانة الحزب الوطني الحاكم آنذاك، إلي فكرة ساذجة، لعلها تنجح في تثبيت- إذا جاز التعبير- دول حوض النيل، فيتراجعون عن الصداع القادم في رأس مصر والمصريين، فوجه "الوطني"، الوزراء المعنيين إلي أمرين، الأول: سرعة تنظيم دورة رياضية في كرة القدم لدول حوض النيل والجنوب الافريقي، الثاني: دعوة سفراء دول الحوض المعتمدين في القاهرة، لإلقاء محاضرات لشباب الجامعات من الأفارقة والمصريين، المشاركين في معسكر "أبو بكر الصديق" بالإسكندرية، خلال فترة الإجازة الصيفية، فلم تنطل الفكرة علي الأفارقة، رغم إقامة الدورة الرياضية، واعتذار عدد من السفراء عن عدم تلبية الدعوة. واستمرت أزمة سد النهضة، خلال عهدي محمد مرسي، فالمستشار عدلي منصور، ولا زالت – بالطبع- تطل برأسها، في عهد الرئيس السيسي، الذي يجاهد سياسيا وتنمويا، لعبورها بأقل الأضرار. ولعل لقاء الرئيس مؤخرا، برؤساء تحرير عدد من الصحف الرئيسية في دول حوض النيل وبعض دول الجنوب الافريقي، يداوي العطب القديم في الإعلام الإفريقي، وفي العلاقات المصرية الافريقية، المبنية علي معلومات مغلوطة تروجها جهات مشبوهة، خاصة وأن السيسي كان حريصا، ومنذ خطاب تنصيبه رئيسا للجمهورية، علي التأكيد علي انفتاح مصر علي إفريقيا، لتحقيق نهضة شاملة في كل أوجه العلاقات بمختلف دول القارة السمراء. وبالفعل كان الرئيس جاداً، في حرصه علي مواصلة التشاور مع القادة والرؤساء الأفارقة، في مناسبات عدة، آخرها علي هامش المشاركة في قمة الاتحاد الإفريقي، بأديس أبابا في يناير الماضي. وعلي ذكر أديس ابابا، كان رئيس مصر واضحا، في رده علي أسئلة كثيرة تتعلق بالقضايا المصرية والاقليمية والافريقية، وفي سؤال يتعلق بسد النهضة، لفت إلي أنه حان الوقت لترجمة التوافق المصري الإثيوبي "الشفهي" و"النيات الطيبة"، خلال لقائه رئيس وزراء إثيوبيا، علي هامش قمة مالايو في يونيه 2014 ، إلي "التزام" مكتوب، يكفل للأجيال القادمة بين البلدين حقوقها التاريخية، ويجنبها الخلافات، ليكون وثيقة ملزمة لمن سيتولي السلطة في البلدين مستقبلا. استضافة الرئيس للصحفيين الأفارقة، خطوة مهمة علي الطريق الصحيح، أثلجت صدورهم، كما بدا خلال اللقاء الذي تابعناه ، فيما ننتظر نحن مايثلج صدورنا . This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.