تنتشر الآن كالنار في الهشيم في الصحف الحكومية والخاصة بل في الجلسات الخاصة بالمثقفين الاشادة بالقرار الشجاع لرفع أسعار الطاقة والمياه كخطوة اولي لاصلاح العجز في ميزان المدفوعات بنسبة عشرين بالمائة من هذا العجز تمهيدا لرفع الدعم كليا بمرور خمس سنوات من الآن. وللأسف أن أغلب المساندين للقرار ليسوا من الفئات التي تأثرت سلبا بالقرار كونهم أصحاب دخول مرتفعة أو متحركة بسبب قيامهم بأعمال حرة بجوار عملهم الحكومي. وأقول للمسئولين عن هذا القرار أن صديقك من صدقك لا من صدقك. أقول كما ذكرت في أحد المقالات السابقة باسم تبسيط الاقتصاد بأن الاقتصاد وضع لخدمة الفقراء وبالطبع لمساعدة رجال المال والأعمال وزيادة الاستثمارات ولكن لتوفير الأموال اللازمة لتسييير وتحديث وحماية الدولة ككل مع تقليل نسب الفقر وأعداد الفقراء. ولذا يجب تقيييم أي سياسة اقتصادية بغض النظر عن حسن نوايا الذي أصدر هذه القرارات بدراسة أثر هذه القرارات علي نسب الفقر وأعداد الفقراء سواء قبل "وهو الأفضل" أو فور صدور هذه القرارات. ان استقرار نظم الحكم في كل الدول شاملة الدول اليكتاتورية مثل الصين يعتمد علي الاستقرار والرفاهية الاقتصادية وزعزعة نظم الحكم في كل الدول شاملة الدول الديمقراطية يعقب قرارات اقتصادية خاطئة فالقرارات التقشفية في ظل انكماش اقتصادي مثل الذي الاقتصاد المصري اشبه باخذ 500 سم دم من مريض مصاب بالأنيميا ينتهي حتما بانهيار حالته الصحية وكان الأولي اعطائه 500 سم دم لانعاش حالته الصحية ثم أخذ الدم منه كتبرع عند استقرار حالته الصحية وعودتها لمستويات الصحة العادية كما يفعل الأصحاء. لقد قلت سابقا في مقالة صناعة الفقر ومقالة صناعة الكساد بأن الاجراءت التقشفية لاصلاح ميزان المدفوعات حسب رأي النائب السابق للبنك الدولي تخالف تماما الغرض الذي أنشأ من أجله وهو اعطاء القروض المحفزة للاستثمار وليس ربط هذه القروض بالاجراءات التقشفية لاصلاح ميزان المدفوعات كشرط مسبق للحصول علي هذه القروض. لقد نشأت الدول لرعاية مصالح المواطنين خاصة الفقراء شاملة الدول الأكثر ثراء مثل الولاياتالمتحدة متثلا في اعانات البطالة ومشروع أوباما للتأمين الصحي الشامل ومثل نظام التأمين الصحي بانجلترا فلا تصدقوا دعاوي الاقتصاديين الموالين للبنك الدولي بضرورة رفع الدعم خاصة حاليا بما يهدد بقيام ثورات أخري تأتي علي ماتبقي من الاقتصاد والاستقرار. اناشدكم الله بالغاء القرارات السابقة أو الاسراع بحزم تحفيزية قبل نهاية رمضان قبل وقوع السيناريو الأسوأ في تاريخ مصر.