أ.د. أحمد فرج أحمد فرج أستاذ الجراحة العامة – قصر العيني كثر الكلام وضاعت الحقائق خلال عصور طويله في علاقة الدين بالسياسة ما بين افراط في ربط أحكام بعينها بتفاصيل السياسة مثل اتجاهات السلفيين الحاليين وتفريط من فصل الدين عن السياسة مثل أنصار العلمانية الغربية وضياع ما أفرد له العلماء قدماء ومحدثين من حل هذه الاشكالية بسبب صعوبة الأساليب اللغوية لهذه الدراسات والتي تجعلها للمتخصصين وليست مطروحة للعامة. وسأحاول في المساحة الصغيرة لهذا المقال شرح ما وصلوا اليه وما استراح له قلبي وعقلي من استجلاء حقيقة هذه العلاقة. تثار مقولة شائعة بعد ظهور كتاب الأمير لمكيافللي بأنه لا أخلاق في السياسة وهي المقولة التي أسعدت الكثير من السياسيين قديما وحديثا وبررت لهم لجوئهم للكذب والحيل الاأخلاقية وهو سبب معاناة الشعوب الي الآن في سائر أنحاء العالم فكيف يسهم الدين في تصحيح هذه المعاناة؟ نبدأ بتعريف السياسة الشرعية بأنها السياسة التي تحقق المقاصد الكلية للشريعة وهي الحفاظ علي الدين والعقل والمال والنفس والعرض وجلب المنافع ودرء المفاسد وهي تقرأ جملة واحدة لا تجزأ. يقول ابن القيم " السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب الي الاصلاح وأبعد عن الفساد وان لم يضعه الرسول صلي الله عليه وسلم ولانزل به وحي" وحدود ذلك حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم و أخرجه الترمذى" المسلمون علي شروطهم الا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما" ويقول الامام الأكبر الشيخ عبد الرحمن تاج في كتابه السياسة الشرعية والفقه الاسلامي: "والشرائع الالهية كل أحكامها معللة بالحكم والمصالح" و"أن السياسة الشرعية من الفقه الحقيقي الذي يحقق مقاصد الشريعة في رعايتها مصالح العباد" وللتوفيق بين ذلك ولتوضيح مخالفة هذا الفقه عن مقولة فصل الدين عن السياسة أقول بأن ما كان من الأحكام الشرعية موضحا بسبب التشريع توضيحا ظاهرا أو مستنبطا جاز التصرف فيه مثل منع سيدنا عمر لسهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة مع أنه ذكر صراحة في القرءان وتعطيل حد السرقة. وحديثا مثل اباحة البيع الالكتروني مع انه من بيوع النجش المحرمة. ومنها أقول أن اتباع اشارات المرور سياسة شرعية مقصدها الحفاظ علي الأموال والنفس. وأن الكذب محرما حتي علي الساسة "من غشنا فليس منا" وأن السياسات الدولية يجب أن تحرسها الأخلاق المتمثله في الدين مثل الوفاء بالعهود والتعاون علي البر والتقوي ونصرة المظلوم ضد الباغي وحق الفقراء 20% من الفئ. بل وأقول في دخل الدولة ككل.